أكدت قمة مكة الإسلامية أمس، على مركزية قضية فلسطين وقضية القدس الشريف، ودعم دول منظمة المؤتمر الإسلامي للشعب الفلسطيني لنيل حقوقه الوطنية المشروعة، بما فيها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة ذات السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وأكدت ضرورة حماية حق العودة للاجئين بموجب الـقرار 194.
وأدانت القمة الـ14 لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي عقدت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بيانها الختامي، بشدة، الاعتداء الإرهابي على محطات الضخ البترولية بمدينتي الدوادمي وعفيف في المملكة العربية السعودية الذي «يستهدف مصالح الدول وإمدادات النفط العالمية». وأعربت عن كامل تضامنها مع المملكة العـربية السعودية ودعمها اللامحدود لجميع الإجراءات التي تتخذها لحماية أمنها القومي وإمدادات النفط. كما أدانت إدانة شديدة الأعمال التخريبية التي تعرضت لها 4 سفن تجارية مدنية في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة بوصفها أعمالاً إجرامية تهدد أمن وسلامة حركة الملاحة البحرية الدولية.
وجددت القمة تضامن دول المنظمة مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي لحكومته في توجهها لتحقيق إنجازات إصلاحية ونهوض اقتصادي، كما أكدت موقفها المبدئي الداعي إلى ضرورة صون وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها ووئامها الاجتماعي، وجددت دعمها الحل السياسي للأزمة السورية استناداً إلى بيان «جنيف 1». كذلك أكدت دعمها المتواصل للشرعية الدستورية في اليمن وجهودها لتحقيق الأمن والاستقرار السياسي والاقتصادي في اليمن.
فلسطين
شددت القمة على رفضها وإدانتها لأي قرار «غير قانوني وغير مسؤول» يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، واعتبرته باطلاً، و«يُشكل اعتداءً على الحقوق التاريخية والقانونية والوطنية للشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية». ودعت الدول التي نقلت سفاراتها أو فتحت مكاتب تجارية في المدينة المقدسة إلى التراجع عن هذه الخطوة، باعتبارها «انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي والشرعية الدولية وتقويضاً متعمداً لمستقبل عملية السلام في منطقة الشرق الأوسط ويصب في مصلحة التطرف والإرهاب ويهدد الأمن والسلم الدوليين».
ورفضت القمة أي مقترح لا يتوافق ولا ينسجم مع الحقوق المشروعة غيـــر القابلة للتصـــــرف للشـــــــــعب الفلسطينــي، وفـــــق ما أقــــرته الشرعية الدولية، ولا ينسجم مع المرجعيات المعترف بها دولياً لعملية السلام، وفي مقدمتها القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، وجدّدت إدانتها ورفضها لأي مواقف تصدر عن أي جهة دولية تدعم إطالة أمد الاحتلال ومشروعه الاستيطاني، بما في ذلك اعتراف الإدارة الأميركية بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ورفضت القمة كل الإجراءات والقرارات الإسرائيلية غير القانونية التي تهدف إلى تغيير الحقائق في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشريف، وتقويض حل الدولتين، وطالبت المجتمع الدولي ومجلس الأمن بتحمّل مسؤولياته بتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2334 وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني من بطش الاحتلال، وأكدت مواصلة كل الجهود الرامية إلى وقف هذه الممارسات غير القانونية.
وأكدت القمة أهمية حشد الدعم لموازنة الحكومة الفلسطينية لمواصلة عملها. وأشادت بجهود خادم الحرمين الشريفين في دعم ونصرة القضية الفلسطينية وتعزيز جهود الشعب الفلسطيني وتحقيق تطلعاته لبناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أشادت بالجهود المتواصلة التي يبذلها ملك المغرب محمد السادس، رئيس لجنة القدس، لحماية المقدسات الإسلامية في القدس الشريف، والوقوف في وجه الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بهدف تهويد المدينة المقدسة، إلى جانب جهود الملك عبد الله الثاني الوصي على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، في الدفاع وحماية وصون مدينة القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية.
لبنان وسوريا
وجدد البيان الختامي للقمة الذي صدر باسم «إعلان مكة» تضامنه مع لبنان وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي لحكومته في توجهها لتحقيق إنجازات إصلاحية ونهوض اقتصادي، بما يعزز الاستقرار ويحقق الازدهار ويحفظ الوحدة الوطنية والسيادة على كامل الأراضي اللبنانية، وتأكيد الدعم للخلاصات الصادرة عن الاجتماعات المتتالية لمجموعة الدعم الدولية للبنان، والترحيب بالمؤتمرات التي عقدت لدعم الاقتصاد اللبناني والجيش. وأكد المؤتمر حق لبنان في استكمال تحرير كامل أراضيه من الاحتلال الإسرائيلي بكل الوسائل المشروعة، وشدد على ضرورة انسحاب إسرائيل من مزارع شبعا وتلال كفر شوبا اللبنانية والجزء اللبناني من بلدة الغجر، وأدان الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة لسيادة لبنان برّاً وبحراً وجواً. كذلك أعربت القمة عن وقوف الدول الإسلامية إلى جانب لبنان في «حقه في الاستفادة من موارده البترولية والغازية في منطقته الاقتصادية الخالصة».
وأعربت القمة عن تقديرها للجهود التي يبذلها لبنان في استضافته النازحين السوريين رغم ضآلة إمكاناته، وأكدت ضرورة مؤازرة ودعم لبنان في هذا المجال وتقاسم الأعباء والأعداد معه. وشددت على أن هذا الوجود للنازحين لا يمكن أن يكون إلا مؤقتاً، مع التأكيد على ضرورة السعي بكل ما أمكن ومضاعفة الجهود الدولية لتأمين عودتهم الآمنة والكريمة إلى بلادهم.
وطالبت منظمة المؤتمر الإسلامي بانسحاب إسرائيل الكامل من الجولان السوري المحتل إلى حدود 4 يونيو (حزيران) 1967 وأكدت عدم اعترافها بأي قرار أو إجراء يستهدف تغيير الوضع القانوني والديموغرافي للجولان، خصوصاً القرار الأميركي الخاص بضم الهضبة للأراضي الإسرائيلية. وأكدت القمة في بيانها الختامي موقفها المبدئي الداعي إلى ضرورة صون وحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، وذلك بغرض تنفيذ عملية انتقال سياسي بقيادة سورية.
اليمن
وأشاد البيان الختامي باستئناف جلسات مجلس النواب اليمني وانتخاب هيئة رئاسية جديدة للمجلس كخطوة في طريق استعادة وتعزيز مؤسسات الدولة اليمنية، وأكد «دعمه استئناف الأمم المتحدة للعملية السياسية للوصول إلى حل سياسي قائم على التنفيذ التام لمبادرة مجلس التعاون لدول الخليج العربية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني اليمني، وقرارات الشرعية الدولية».
ليبيا
وشدد البيان على ضرورة التزام كل الأطراف الليبية بمراعاة المصلحة العليا وتجنيب شعبها مزيداً من المعاناة وويلات الحروب، وضرورة عودة الأطراف الليبية إلى المسار السياسي في إطار الاتفاق السياسي الموقع بالصخيرات، قصد إيجاد تسوية شاملة من خلال المصالحة الوطنية في كنف التوافق. ودعا المؤتمر كذلك إلى وقف كل أشكال التدخلات الخارجية في الشأن الليبي.
السودان
وأعربت القمة عن تأييدها لخيارات الشعب السوداني وما يقرره حيال مستقبله، ورحب البيان الختامي بما اتخذ من قرارات وإجراءات تراعي مصلحة الشعب وتحافظ على مؤسسات الدولة. وأهاب بجميع الأطراف السودانية مواصلة الحوار البنّاء من أجل الحفاظ على السلام والتماسك الاجتماعي في البلاد. ودعت المنظمة إلى شطب ديون السودان الخارجية، وإلغاء العقوبات الاقتصادية الانفرادية المفروضة عليه.
الإرهاب
وجددت المنظمة موقفها المبدئي المتمثل في إدانة «عدوان» جمهورية أرمينيا على جمهورية أذربيجان، وقدمت دعمها القوي لحكومة الوحدة الوطنية الأفغانية، ورحبت بجهود السلام والمصالحة التي تقودها أفغانستان.
ونددت القمة بالوضع اللاإنساني الذي تعيشه أقلية الروهينغا المسلمة، ودعت إلى التحرُّك العاجل لوقف أعمال العنف، وكل الممارسات الوحشية التي تستهدف هذه الأقلية ودعت حكومة ميانمار إلى تحمل المسؤولية الكاملة في حماية مواطنيها، بولاية راخين.
وشددت القمة على أن الحرب على الإرهاب أولوية قصوى لجميع الدول الأعضاء، وجددت عزم دولها على العمل معاً لمنع الأعمال الإرهابية وقمعها عـن طريق زيادة التضامن والتعاون الدوليين.
وأعربت منظمة المؤتمر الإسلامي عن دعمها الكامل للحكومة العراقية في جهودها في مكافحة الإرهاب، وثمنت ما تحقق من انتصار شامل مكّن من تحرير المدن العراقية من قبضة الكيان الإجرامي «داعش»، مع الحرص على وحدة العراق وسلامة أراضيه.
ولاحظ المؤتمرون بقلق ظاهرة «الإسلاموفوبيا»، باعتبارها شكلاً معاصراً من أشكال العنصرية والتمييز الديني، تتنامى في أنحاء كثيرة من العالم، كما يتضح من ازدياد حوادث التعصب الديني. وأدانوا في هذا الصدد، الهجوم الإرهابي المروع والشنيع الذي استهدف مصلين أبرياء في مسجد النور ومسجد لينوود في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا يوم 15 مارس (آذار) 2019. وأعربوا في الوقت ذاته عن تقديرهم لحكومة نيوزيلندا لإدانتها الصريحة للهجمات الإرهابية، لا سيما الموقف الحازم والواضح الذي اتخذته رئيسة وزراء نيوزيلندا، التي احتضنت الجالية المسلمة وشاركت أفرادها محنتهم، وأشادوا أيضاً بمشاعر التعاطف والتضامن الجياشة التي عبرت عنها كل شرائح المجتمع النيوزيلندي.