عملت ميليشيات الحوثي منذ بداية رمضان على تنظيم أمسيات رمضانية طائفية لعدد من المرافق والقطاعات الحكومية بالعاصمة صنعاء وبقية مناطق سيطرتها بهدف إقناع موظفي تلك القطاعات باعتناق أفكارها الطائفية والضلالية المشبعة بالعنف والكراهية والحقد من جهة، والتحشيد لميادينها وجبهاتها القتالية من جهة أخرى.
وعلى مدى 25 يوما رمضانيا، وفي المجال الصحي، نظمت وزارة الصحة (الخاضعة لسيطرة الانقلابيين الحوثيين بصنعاء) 16 أمسية رمضانية طائفية، منها 14 أمسية استهدفت فيها ولأول مرة مديري مكاتب الصحة وطاقمها الإداري ومديري الهيئات والمستشفيات وأطباء وممرضين وإداريين وفنيين في العاصمة صنعاء ومحافظات ومديريات أخرى خاضعة لسيطرتها.
وكشف مصدر مسؤول بمركز الإعلام والتثقيف الصحي بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مديري مكاتب الصحة وطاقمها الإداري في كل من: (أمانة العاصمة - محافظة صنعاء - المحويت - عمران - صعدة - حجه - الحديدة - ريمة - ذمار – إب، وبعض من قطاعات الصحة بالجوف والبيضاء والضالع وتعز) خضعت منذ بداية رمضان لدورات تدريبية ثقافية وطائفية تحت مسمى أمسيات رمضانية، وبإشراف ورعاية وحضور القيادي الحوثي طه المتوكل المعين من قبل الميليشيات كوزير للصحة بصنعاء في حكومتها الانقلابية.
وأضاف أن الاجتماعات الطائفية التي نظمتها الميليشيات تحت شعار: «يد تداوي من يحمي ويبني»، ضمت نحو 14 مدير مكتب صحة و90 مدير مستشفى (ريفي ومحوري ومركزي) و9 رؤساء هيئات، و30 طبيبا، و55 ممرضا، و80 إداريا وفنيا، و220 مدير مديريات، ونحو 300 من مديري الإدارات في مكاتب الصحة وعدد كبير من الموظفين الصحيين العاديين. وهدفت الأمسيات الطائفية، بحسب المسؤول الذي تتحفظ الشرق الأوسط بهويته، إلى استكمال تحركات الميليشيات الحوثية الرامية لتغيير ثقافته المجتمع اليمني برمته بما فيهم الكوادر الصحية والطبية، وصبغها بأفكار طائفية، وكذا استقطاب المزيد من الطاقم الوظيفي الحكومي لصفوفها قبل أن تدفع بهم إلى محارق الموت في جبهات الصراع.
وتحدث المسؤول الصحي عن أن جميع الأمسيات الحوثية تخللها إلقاء دروس ومحاضرات وخطابات تحريضية وانتقامية وسلالية وفئوية لزعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي وقراءات لملازم الصريع حسين بدر الدين الحوثي التي تدعو إلى العنف والتحريض والقتل وتشدد على أهمية الصرخة الحوثية، وتدعو لمقاطعة البضائع التجارية التابعة لما وصفوهم بالأعداء، إلى جانب حث المشاركين بالانخراط بالنفس والمال فيما أسموه الجهاد في ميادين القتال التابعة لها.
وفيما لفت المسؤول الصحي إلى شن قيادات الميليشيات خلال أمسياتها حملات تحريض واسعة ضد المنظمات الدولية الصحية العاملة في اليمن. أبدى في الوقت نفسه استغرابه من التحريض ضد المنظمات في وقت تطالب فيه الميليشيات عبر مسح صحي لها، منظمات الصحة العالمية وأطباء بلا حدود ويونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان والصليب الأحمر الدولي وغيرها بمدها بعدد من الأجهزة والمعدات الطبية الحديثة.
وعبر عن أسفه لاستغلال الميليشيات الانقلابية للكادر الطبي اليمني في مثل هكذا أمسيات طائفية ظاهرها تطوير وتحسين الخدمات الصحية وباطنها نشر السموم الطائفية والسلالية المقيتة في عقولهم وأفكارهم.
وبالمقابل أبدى مديرون وموظفون صحيون أيضا شاركوا بأمسيات الميليشيات بصنعاء ومناطق تابعة للانقلابيين، ندمهم وأسفهم الشديد لحضور مثل تلك الأمسيات، التي وصفوها بـ«الطائفية والتي تبث أفكارا غريبة» لأول مرة يسمعونها.
وقالوا في أحاديث لـ«الشرق الأوسط»، «لم نكن نعرف أن نقاشات ومضمون الأمسيات الحوثية ستكون بهذي الطريقة التي لم نتعود عليها أو على سماعها إطلاقا».
وتخصص الميليشيات الانقلابية جزءا كبيرا من أوقات أمسياتها في بث فكرها الضلالي الطائفي المشبع بالعنف والكراهية، وتحث المشاركين على التمسك بثقافتها الدخيلة عليهم، والانضمام للقتال بصفوفها مقابل منحهم مزايا عديدة في المؤسسات والقطاعات الحكومة التي يعملون بها.
موظف في أحد المنشآت الصحية بصنعاء، عبر لـ«الشرق الأوسط» عن غضبه الشديد من مضمون الأمسيات الحوثية والتي شارك في إحداها بالعاصمة صنعاء.
وقال «كنت أتوقع أن تناقش الأمسية القضايا والمعوقات الصحية التي تعانيها بلادنا ووضع حلول وإجراءات وخطوات جادة عاجلة لمكافحة الأمراض والأوبئة والتي قضت على معظم أبنائنا ونسائنا».
وأضاف «للأسف الشديد سلطت الميليشيات جل حديثها بالأمسية التي حضرتها على التحريض على الحكومة الشرعية ودول التحالف وصبت جام غضبها على السكان المحليين الذين وصفتهم بالمحايدين والذين لم يقفوا إلى جانبها ومؤازرتها في القتال معها بجبهاتها».
وأشار الموظف الصحي، الذي فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن الميليشيات طلبت من المشاركين بالأمسية وعددهم 42 كادرا صحيا تزكية أنفسهم إما بدفع المال لهم أو بتقديم النفس والتحرك لميادين القتال.
وبدوره يفيد مشارك آخر بإحدى الأمسيات المليشياوية بذمار لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة تتعمد في أمسياتها مهاجمة خصومها خصوصا من هم مؤيدون للتحالف العربي بقيادة السعودية الداعم للشرعية، وتصفهم بأقبح الكلمات والألفاظ كـ«العملاء والمرتزقة» وعملاء «اليهود والنصارى»، وغيرها.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه قيادات الميليشيات العاملة بوزارة الصحة الخاضعة لسيطرتهم مؤخرا عن خروج من 92 إلى 95 في المائة، من الأجهزة الطبية في المستشفيات والمراكز الصحية في اليمن، عن عمرها الافتراضي وتعطلها، كشف مسؤول في وزارة الصحة العامة والسكان بصنعاء، عن صرف الميليشيات الحوثية لأكثر من (140) مليون ريال منذ بداية رمضان كنفقات وأجور ومصاريف وبدل تنقلات لإحياء أمسياتها الطائفية. وقال لـ«الشرق الأوسط»، «كان الأولى والأجدر أن تصرف هذه المبالغ وغيرها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الوضع الصحي الكارثي الذي تعاني منه اليمن».
ويأتي هذا العبث الميليشياوي في وقت تعاني فيه اليمن نتيجة الانقلاب من أسوأ أزمة إنسانية وصحية في العالم، وفقاً لتقارير أممية.
وتشير الأمم المتحدة في تقاريرها إلى انهيار كامل للقطاع الصحي في اليمن وكذا إغلاق عدد كبير من المرافق الصحية الأمر الذي تسبب في تفشي الأمراض والأوبئة في البلاد خصوصا بمناطق سيطرة الانقلابيين. وبحسب التقارير، يعمل في الوقت الحالي جزء يسير جدا من المنشآت الصحية في البلاد بكامل طاقته. فيما تشير تقارير أخرى على أن نحو 22 مليون يمني، أي أكثر من ثلثي السكان، يحتاجون لمساعدات إنسانية عاجلة وكثير منهم على شفا المجاعة ويواجهون عددا من الأمراض والأوبئة.
الكادر الطبي اليمني في مرمى «أمسيات» الحوثيين الطائفية
أموال صرفتها الميليشيات على مدار 20 يوماً للتعبئة الفكرية
الكادر الطبي اليمني في مرمى «أمسيات» الحوثيين الطائفية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة