ما زال مشروع حماية ودائع العملاء المصرفيين من التبخّر في الهواء في حال تعرّضت المصارف للإفلاس، بعيداً كل البعد عن مرحلة التنفيذ في أوروبا. لكن شيئاً ما بدا يتغير في الأفق. فالمصارف الإيطالية أضحت قادرة على تقديم الضمانات اللازمة للعملاء من ألمانيا ودول أوروبية أخرى، وهي ظاهرة مصرفية تتوسع رقعتها شهراً تلو الآخر وبدأت تستقطب فئات شبابية من المدخرين والعمّال الألمان.
ويبدو أن عدم التوازن في فوارق نسب الفوائد على الودائع المصرفية بين دولة أوروبية وأخرى كان عاملاً رئيسياً في استقطاب المصارف الإيطالية هذه الفئات العمّالية الأوروبية.
في هذا الصدد تقول الخبيرة الألمانية جوليا سبيرلينغ في معهد التكنولوجيا المالية التنظيمية، إن النماذج التجارية المعروفة باسم «فينتك»، وهي عبارة عن خدمات مالية متنوعة تربط المصارف مباشرة بالعملاء عن طريق الإنترنت، لعبت دوراً كبيراً في تحسين الثقة المصرفية ونوعية التعامل التجاري. فالعميل بإمكانه اليوم إنجاز خياراته ومعاملاته عبر الإنترنت حتى لو كان مصرفه في دولة أوروبية أخرى. ولقد انتهزت المصارف الإيطالية هذه التكنولوجيا المالية لجمع السيولة المالية بتكلفة متدنية من الأسواق الأوروبية على رأسها ألمانيا وهولندا في خطوة سباقة.
وتستطرد قائلة: «تعتبر استراتيجيات المصارف الإيطالية بسيطة وفعّالة في الوقت نفسه. فعلى صعيد الحسابات المصرفية المجمّدة تعرض هذه المصارف على العملاء الألمان فائدة سنوية متدنية إنما أعلى مما تعرضه المصارف الألمانية عليهم. فعلى سبيل المثال يرسو معدل الفائدة السنوية على الحسابات المصرفية المجمدة لعام واحد بإيطاليا على 0.9 في المائة مقارنة بـ0.19 في المائة في ألمانيا. ما يعني أن كل ما يتجاوز سقف 0.25 في المائة يعتبر جذاباً في عيون العملاء الألمان. وهكذا تتمكن المصارف الإيطالية من تنويع عروضها في الأسواق الأوروبية بنجاح وتنافسية».
وتختم: «يوجد اليوم نحو 10 مصارف إيطالية، كما (إيليميتي بنك) و(بنكا فينينت) و(فيفيبنكا)، تتحرك في أسواق أوروبا لتأسيس شبكة من العملاء الجدد. ومنذ مطلع العام نجح كل منها في جمع ما معدله 400 مليون يورو من أسواق ألمانيا وهولندا وبلجيكا. ولغاية عام 2020 ستحاول هذه المصارف التوغّل في الأسواق الإسكندنافية. وفي الشهور الأربعة الأخيرة تدفّق من العملاء المقيمين بألمانيا على هذه المصارف بنحو 1.3 مليار يورو (1.4 مليار دولار). ومن المتوقع أن يتخطى إجمالي ودائع المدخرين الألمان لدى المصارف الإيطالية 5 مليارات يورو لغاية نهاية عام 2019».
في سياق متصل، تقول الخبيرة الألمانية المصرفية لينا لونيبرغر، إن المصارف الإيطالية تلجأ إلى وسيلتين لعرض خدماتها على العملاء الأوروبيين ومن بينهم الألمان. تُعرف الوسيلة الأولى باسم «باسابورتينغ» وتخوّل المصرف الإيطالي الدخول من دون قيود إلى أي سوق أوروبية، شرط حصوله على موافقة الهيئة الرقابية المصرفية المسؤولة عن تنظيم هذه السوق. وتُعد طريقة «باسابورتينغ» الوجه الرقمي الذكي لتنظيم الخدمات المالية. فأي شركة أو مؤسسة مالية تحصل على الضوء الأخضر من الهيئة الرقابية والتنظيمية التي تدير السوق الأوروبية المُستهدفة لترويج منتجاتها وخدماتها، تحصل على جواز سفر تجاري أوروبي يسمح لها بمزاولة أنشطتها التجارية في منطقة الاتحاد الأوروبي، من دون الحاجة للحصول على أي شيء آخر، ما عدا المنصة التكنولوجية المالية الإنترنتية لترويج خدماتها الحالية.
وتتمثل الوسيلة الثانية في ذهاب العميل الأوروبي إلى مصرفه لفتح حساب له في المصرف الإيطالي. واللافت أن الحماية التي توفرها المصارف الإيطالية على ودائع عملائها الأجانب كاملة لغاية ما إجماليه 100 ألف يورو لكل حساب مصرفي يفتحه العميل الأوروبي لديها. هكذا، من غير الممكن أن يخسر أي عميل ألماني أو أوروبي يورو واحداً من ودائعه التي لا تتخطى 100 ألف يورو في حال واجه المصرف الإيطالي الإفلاس.
البنوك الإيطالية أكثر جاذبية في عيون الألمان
البنوك الإيطالية أكثر جاذبية في عيون الألمان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة