باحثون يحذرون من أخطار {الدخان البارد} ... أحد الجنود الخفيين للتدخين

الدخان الناتج عن التدخين يعلق في الملابس ويستقر في السجاد والستائر
الدخان الناتج عن التدخين يعلق في الملابس ويستقر في السجاد والستائر
TT

باحثون يحذرون من أخطار {الدخان البارد} ... أحد الجنود الخفيين للتدخين

الدخان الناتج عن التدخين يعلق في الملابس ويستقر في السجاد والستائر
الدخان الناتج عن التدخين يعلق في الملابس ويستقر في السجاد والستائر

بدأ باحثون التركيز على مخاطر الدخان البارد للتبغ، وذلك بعدما ركزوا لسنوات طويلة على مخاطر التدخين والتدخين السلبي.
يعلق هذا الدخان في الملابس، ويستقر في السجاجيد والستائر، ويتراكم فوق قطع الأثاث، ويمتصه الجسم عبر الجلد أو الرئة أو الفم، «ورغم أن الدخان البارد ليس بدرجة ضرر تدخين التبغ نفسها بشكل فاعل أو سلبي، فهو يمكن أن يزيد خطر الإصابة بالسرطان»، حسبما حذرت كاترين شالر، خبيرة الرقابة على التبغ في مركز أبحاث السرطان بمدينة هايدلبرج الألمانية، في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ).
وضم شتيفان أندرياس، المدير الطبي لمستشفى إيمن هاوزن لأمراض الرئة، بولاية هيسن الألمانية، صوته لصوت شالر، قائلاً: «من الواضح تماماً أن هذه المواد التي تمتص عبر طرق مختلفة، ضارة»، مضيفاً أن هناك إجماعاً بين الباحثين في هذا الشأن.
ورأى أندرياس ضرورة تطبيق الحماية ضد الدخان البارد بشكل لا يقل صرامة عن الوقاية من أضرار التدخين السلبي.
واعتبرت شالر اليوم العالمي لغير المدخنين (31 مايو/أيار) فرصة طيبة لتذكير المدخنين بعواقب تصرفهم على الآخرين.
وأشارت شالر إلى أن المواد الناتجة أثناء التدخين تعلق في ملابس المدخن وجلده وشعره، وتنتقل بهذا الشكل لآخرين، حيث عثر باحثون من الولايات المتحدة على هذه الآثار، ليس فقط في الفنادق والسيارات التي لا يتم التدخين فيها، بل أيضاً بإحدى غرف العناية المركزة للأطفال حديثي الولادة، حيث يعتقد الباحثون أن العاملين في هذه الغرف وآباء الأطفال هم الذين جلبوا هذه الآثار معهم.
ويعتبر الأطفال الصغار الذين يحبون اللعب على الأرض ويضعون أشياء في فمهم هم الأكثر تضرراً من آثار الدخان البارد. يوجد في الدخان البارد نحو 90 مادة مسببة للسرطان، أو مواد تحوم حولها هذه الشبهة.
وقد ثبت التدخين البارد من خلال ترسيبات النيكوتين. ورغم أن النيكوتين نفسه لا يسبب السرطان، إلا أنه يمكن أن يؤدي إلى المرض من خلال تفاعلاته مع مواد أخرى موجودة في الوسط القريب، حسبما أوضحت شالر، مشيرة إلى أن هذه التركيبات الخطيرة يمكن أن تتكون على مدى أشهر، وربما سنوات.
كما أن النيكوتين نفسه ليس بلا ضرر، حيث يؤثر سلباً على القلب ونظام الدورة الدموية، ويمكن أن يؤدي في أسوأ الحالات للإصابة بحالات تسمم، حسبما أوضحت شالر، من المركز الألماني لأبحاث السرطان.
وتقول شالر إن الفوط التي تستخدم في إزالة الأتربة والمكانس الكهربية لا تزيل هذه المادة العنيدة بشكل كامل.
وخلصت شالر إلى القول: «أوصي بعدم التدخين داخل الشقة؛ وذلك لحماية النفس والغير». كما أشارت الخبيرة الألمانية إلى ضرورة أن يترك المدخن مسافة بينه وبين الشقة، تكفي لعدم وصول الدخان إلى مسكنه.
ومن النصائح أخرى، غسل اليدين وتغيير الملابس عقب التدخين، وبخاصة إذا كان المدخن يحتك بأطفال.
ويحسن بالمنتقل إلى سكن كان يعيش به مدخنون أن يجدد ورق الحائط والسجاد هناك.
وأعرب خبير أمراض الرئة الألماني، أندرياس، عن أسفه لعدم وجود أبحاث علمية كافية في هذا المجال، قائلاً إنه ليست هناك دراسات عن المخاطر التي ثبتت علمياً لـ«تدخين الطرف الثالث» على الإنسان، وأشار إلى أن المتحدثين في هذا الموضوع يكتفون باستنتاجات قائمة على معرفة آثار التدخين السلبي.
كما تشير شالر، من معهد أبحاث السرطان، هي الأخرى إلى قلة البحث العلمي في هذا الجانب، قائلة إن هناك محاولات لدراسة الخلايا وتأثير الدخان البارد على وظائفها وإضراره بالمواد الوراثية في الخلايا.
وأشارت إلى أنه قد ثبت من خلال التجارب على الحيوان أن هناك تأثيراً سلبياً لهذا الدخان على النظام المناعي وعلى تطور الرئتين لدى الأجنة.


مقالات ذات صلة

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

يوميات الشرق رجل يركب دراجة نارية وسط ضباب كثيف بالقرب من نيودلهي (إ.ب.أ)

استنشاق هواء نيودلهي يعادل تدخين 50 سيجارة يومياً

مع تفاقم الضباب الدخاني السام الذي يلف نيودلهي هذا الأسبوع، فرضت السلطات في العاصمة الهندية مجموعة من القيود الأكثر صرامة على حركة المركبات والسكان.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
يوميات الشرق المتجر يُلبِّي احتياجات الراغبين في الإقلاع بتوفير «دزرت» بجميع النكهات (واس)

«دزرت» تطلق أول متاجرها في السعودية للحد من التدخين

أطلقت «دزرت» (DZRT)، العلامة التجارية للمساعدة في الإقلاع عن التدخين، أول متاجرها داخل السعودية، وذلك في «منطقة بوليفارد سيتي»، بالتزامن مع انطلاق «موسم الرياض»

«الشرق الأوسط» (الرياض)
علوم يتيح اكتشاف التغيرات في بنية العظام بين بقايا مستخدمي التبغ لعلماء الآثار تصنيف بقايا دون أسنان لأول مرة (جامعة ليستر)

اكتشاف علمي: التدخين يترك آثاراً في العظام تدوم لقرون

التبغ يترك بصمات على العظام تستمر لقرون بعد الوفاة.

«الشرق الأوسط» (ليستر)
صحتك المدخنون لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في الفم مقارنة بغير المدخنين (رويترز)

دراسة: المدخنون لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في أفواههم

كشفت دراسة علمية جديدة أن المدخنين لديهم مستوى أعلى من البكتيريا الضارة في الفم مقارنة بغير المدخنين.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك التدخين يُعد السبب الرئيسي للوفيات القابلة للتجنب عالمياً (رويترز)

حظر مبيعات التبغ قد يمنع 1.2 مليون وفاة بين الشباب

أفادت دراسة دولية بأن حظر مبيعات التبغ للأشخاص المولودين بين عامي 2006 و2010 قد يقي من 1.2 مليون وفاة بسبب سرطان الرئة على مستوى العالم بحلول عام 2095.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».