بولهطي: عشماوي عرض التعاون مع ليبيا مقابل عدم تسليمه لمصر

قائد الكتيبة التي أوقفته في مدينة درنة تحدث إلى «الشرق الأوسط»

سليمان بولهطى (الشرق الأوسط)
سليمان بولهطى (الشرق الأوسط)
TT

بولهطي: عشماوي عرض التعاون مع ليبيا مقابل عدم تسليمه لمصر

سليمان بولهطى (الشرق الأوسط)
سليمان بولهطى (الشرق الأوسط)

تحدث مسؤول عسكري ليبي إلى «الشرق الأوسط» عن تفاصيل ضبط المطلوب المصري البارز والمتهم في قضايا «إرهاب» هشام عشماوي، في مدينة درنة الليبية، في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتسلمته السلطات المصرية مساء الثلاثاء الماضي من الجيش الوطني الليبي.
وقال الحاج سليمان محمد بولهطى قائد مجموعة الاقتحام في مدينة درنة بشرق ليبيا والتي تولت توقيف عشماوي، ورئيس رابطة الشهداء: إن «عشماوي كان يخشى بالفعل نقله إلى وطنه الأم». وأوضح بولهطى أن «عشماوي قال لمن اعتقلوه إنه مستعد للتعاون معهم شريطة عدم قيامهم بتسليمه ومن معه للسلطات المصرية، وجادل كثيراً بأنه لم يحضر في الأساس لمحاربتهم».
هنا يقول الحاج سليمان الذي فقد سبعة من أبنائه (من أصل ثمانية) استُشهدوا خلال المعارك التي خاضوها تحت قيادة المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني الليبى: «قلت له: أنت قتلت أبناءنا. فقال: لا، لم أقتل». وأضاف: «وحين سألته: ما الذي أحضرك إلى هنا في درنة كل هذه المسافة، تحدث عشماوي عن الجهاد في فلسطين... فقلت له: إنها ليست في درنة».
يتذكر سليمان اللحظات الأولى لسقوط عشماوي، الكنز المعلوماتي الكبير، في الأسر: «أحمد حامد بولهطى ابن شقيقتي هو مَن اعتقله وضربه بالبندقية على رأسه للسيطرة عليه، كان يمسك في يده حزاماً ناسفاً».
في البداية لم يكن أحد في مدينة درنة يؤكد وجود مقاتلين عرب أو أجانب في تلك المدينة التي عُرفت بأنها المعقل الأخير للجماعات الإرهابية بعدما ظلت لسنوات بعيدة عن قبضة الدولة الليبية إثر سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي عام 2011، حتى قيام الجيش الوطني بتحرير المدينة العام الماضي بعد قتال شرس استغرق عدة شهور.
يروى الحاج سليمان التفاصيل كأنها بالأمس، إذ يقول: «الناس جميعاً كانوا يقولون إنه ليس هناك أجانب وإنما مجرد سكان محليين، ولكن بعد تضييق الخناق على المقاتلين الموجودين داخل الحي القديم في درنة، اكتشفنا وجود العديد منهم».
وتابع: «بدأنا بحصار هذه المجموعة ومن تم تحولت إلى مكان آخر، فانتبهت إليها العناصر التي تنتمي إلى الكتيبة، وهكذا تم اعتقال المجموعة وتسليمها لقيادة الجيش بعدما صدرت التعليمات لهم بحسن معاملتهم». لم يعد للحاج سليمان سوى ابن وحيد هو الباقي على قيد الحياة إلى جانب أحفاده الصغار، ومع ذلك فالرجل قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «يشعر بالفخر حيال أبنائه الشهداء الذين شهد لهم العدو قبل الصديق على بسالتهم وشجاعتهم في القتال»، على حد تعبيره.
وتابع: «هذه مرتبة شرف منحني إياها الله، وإحدى الكرامات أنني اعتقلت عشماوي وأيضاً حاصرت واعتقلت 27 إرهابياً في درنة من بينهم ليبيون وأجانب ينتمون إلى تونس ومصر وموريتانيا وجنسيات أخرى».
بدوره أكد اللواء أحمد المسماري الناطق باسم الجيش الوطني، أن عشماوي اعترف بأنه كان «مسؤولاً عن تدريب جماعات إرهابية خطيرة على قتال الشوارع في ليبيا».
وأضاف في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، أن «التحقيقات مع عشماوي تبين أن الإرهاب في ليبيا مرتبط بالإرهاب في دول أخرى مثل سوريا والعراق».
وأعلن أن الجيش الوطني ألقى القبض على الكثير من الإرهابيين (العرب والأجانب) خلال حربه على الإرهاب، بالإضافة إلى الإرهابي «مرعي زغبية» في درنة، المجند من قبل المخابرات التركية في أكتوبر الماضي. معتبراً أنه «خطير جداً ومطلوب لمجلس الأمن وللسلطات الليبية». وأوضح أن قوات الجيش لديها «عشرات الآلاف من الوثائق لإرهابيين قد يكونون الآن في طرابلس أو تركيا أو تم القضاء عليهم».
وطبقاً لما أبلغه مصدر قضائي مصري لوكالة الصحافة الفرنسية فإن «عشماوي سيحاكَم أمام القضاء العسكري بتهم تنفيذ اعتداءات إرهابية»، مشيراً إلى أنه «متّهم بقضايا عدّة هي من اختصاص القضاء العسكري».
وستعاد محاكمة عشماوي حضورياً بعد أن أُعيد إلى مصر، علماً بأن محكمة عسكرية مصرية كانت قد حكمت غيابياً في 2017 عليه بالإعدام بسبب تورطه مع «أنصار بيت المقدس» في مهاجمة وقتل جنود عند نقطة تفتيش بالقرب من الحدود المصرية - الليبية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.