الآباء.. و«مصيدة» الحماية الزائدة

مواجهة الأطفال لمخاوفهم في البداية تمنحهم الخبرة الكافية لتجنبها مستقبلا

الآباء.. و«مصيدة» الحماية الزائدة
TT

الآباء.. و«مصيدة» الحماية الزائدة

الآباء.. و«مصيدة» الحماية الزائدة

من الأمور الطبيعية أن يكون الآباء بمثابة الملجأ الآمن لأطفالهم في لحظات خوفهم، إذ يقوم الآباء باحتواء الأطفال بطبيعة الحال والتهدئة من روعهم. والقلق الطبيعي للآباء على أبنائهم ظاهرة صحية تفيد الأطفال وتشعرهم بالحنان والحماية في الوقت نفسه وتساهم في الحد من المخاوف المرضية التي يمكن أن يصاب بها الطفل (وهي مخاوف لا تثير عموم الأطفال). ولكن في بعض الأحيان، يمكن ومن دون قصد من الآباء ونتيجة لمحبتهم المفرطة الطفل والخوف الزائد من إصابته بأي مكروه، أن يكون قلق الآباء بمثابة ضغوط إضافية على الأطفال قد تزيد من مخاوفه واضطرابه النفسي، وهذا الأمر يؤثر بالسلب في الطفل العادي، ولكن الأمر يتفاقم في حالة ما إذا كان الطفل مصابا بالقلق أو بالمخاوف المرضية في الأساس.

* قلق مَرَضي
أحدث الدراسات التي تناولت تأثير هذه الظاهرة على الأبناء التي قام بها باحثون من جامعة أريزونا Arizona State University بالولايات المتحدة الأميركية، أشارت إلى أن الآباء الذين يعاني أولادهم القلق يمكن أن يزيدوا قلق أبنائهم، ويحدث لهم ما يمكن وصفه بـ«مصيدة الحماية» ((protection trap التي تحدث نتيجة لسببين: إما أن الإحساس بالأمان الزائد لدى الطفل يجعله لا يحاول أن يتخلص من نوبات القلق، وإما أن الآباء يبدأون معاملة أبنائهم بخوف مبالغ فيه نتيجة حالتهم النفسية ويحيطهم بالحماية الزائدة، وهو الأمر الذي بدوره يزيد من قلق الطفل نتيجة معاملته بشكل غير طبيعي التي تزيد من إحساسه بأنه يعاني مشكلة ما، ويدخل الطفل في دائرة مفرغة نتيجة تصرفات الآباء الخاطئة التي تكون عفوية وغريزية.
وكانت الدراسة التي نشرت في مجلة التنمية البشرية والطب النفسي للأطفال Child Psychiatry and Human Development ناقشت هذا الأمر في ورقة بحثية قام بها طلبة الدكتوراه من الجامعة في الطب النفسي الإكلينيكي وقاموا بتحليل المعلومات والاستبانات المختلفة والمقابلات الإكلينيكية التي قامت بها الجامعة على 70 طفلا يعانون القلق Anxiety، تتراوح أعمارهم بين 6 و16 سنة. وكما هو معروف، فإن عرض القلق من أشهر الأعراض النفسية التي تصيب الأطفال، والمقصود هنا ليس القلق الطبيعي الذي يحدث لجميع الأطفال مثل القلق من الامتحان أو من أول يوم دراسي أو غيرها، ولكن المقصود هو القلق المرضي الذي يمثل يتعارض مع الحياة الطبيعية للطفل وذهابه إلى المدرسة ويستوجب العلاج الطبي.

* «مصيدة الحماية»
وأوضح الباحثون أن ما يمكن وصفه بمصيدة الحماية يكون مفيدا بالفعل للأبناء في أول الأمر، ولكن على المدى البعيد يكون سلبي الأثر، إذ إن هذه الحماية يمكن أن تساعد في تمادي الطفل في الإحساس بالقلق، حيث إن الآباء يكونون في أشد الحالات تعاطفا وحماية لابنهم، وهو الأمر الذي يتعارض مع محاولات العلاج.
ومصيدة الحماية يمكن أن تكون عسيرة على الفهم للآباء، حيث إنهم يجدون أن مسلكهم طبيعي تجاه أبنائهم. وعلى سبيل المثال، إذا كان الطفل قلقا وخائفا من الذهاب للمدرسة بسبب قلقه من حوادث المرور وقام الآباء بتهدئته وإخباره بأنه لا داعي لأن ينزعج ويمكنه أن يتغيب عن المدرسة فترة بسيطة، فإن هذا التصرف يعزز من إحساس الطفل بأن هناك خطرا حقيقيا من الذهاب للمدرسة، وهو ما يجعل الأمر غاية في الصعوبة عند محاولة إقناعه بأن عليه العودة للمدرسة. وعلى النقيض، يمكن إذا تعامل الآباء بحكمة مع الموقف مع الاستهانة بقلق الطفل وإخباره بأنه لا داعي للقلق من الحوادث، حيث إن سائق الحافلة المدرسية لا يسير بالسرعة التي تعرض حياة الأطفال للحوادث وأنه مدرب تدريبا جيدا على القيادة.
ومثال آخر للآباء الذين يتصرفون بشكل خاطئ عن طريق السماح لأبنائهم بتجنب المواقف التي يتخيل الأطفال أنها مخيفة، بل يمكن أن يقوم الآباء أيضا بإيجاد أعذار تجعل هذا الخوف منطقيا. وهذا الأمر يعد خطا فادحا.

* ازدياد المخاوف
وعلى سبيل المثال، إذا كان الطفل يصاب بالخوف من أحد المدرسين الذين يتمتعون بالبدانة المفرطة، فيجب على الآباء ألا يخبروا الطفل بأن عليه ألا يتحدث مع هذا المدرس ويكمل دروسه حتى يتجنب عقابه، بل على العكس يمكن إخباره بأن هذا المدرس طيب القلب ويحب التعامل مع الأطفال وأن مظهره الضخم ليس مبررا للخوف منه، وذلك أيضا بعد التفاهم مع المدرس حتى يتأكد الطفل أن المخاوف التي عاناها ليست صحيحة.
والمشكلة الحقيقية أن الطفل في حالة تجنبه المواقف المخيفة، فإنها تصبح مخيفة أكثر بسبب عدم تعلمه كيفية مواجهتها والتغلب عليها coping skills، ومن ثم عدم التخلص منها والتعامل الصحيح معها. وفي كثير من الأحيان في حالة خوف الطفل من شيء ما، يمكن أن يقوم الآباء بعمل المهمة الموكلة للطفل بدل منه، وعلى سبيل المثال إذا كان الطفل يخاف من وجود أحد الحيوانات الأليفة عند أحد الجيران، وعند احتياج الأسرة لشيء ما من الجيران تقوم الأم بالذهاب إلى منزل الجيران بدلا من طفلها لتجنيبه الخوف. والأسلوب الأمثل هو أن تقوم الأم بتوضيح أن هذا الحيوان الأليف عير ضار ويمكنه أن يلعب معه بدل من الخوف منه.
وأشار الباحثون إلى أن الأطفال حينما يتعاملون مع مخاوفهم بمفردهم قد يواجهون صعوبات في البداية، ولكن هذه الصعوبات تمنحهم الخبرة الكافية بتجنب المخاوف مستقبلا، ويجب على الآباء ألا ينساقوا إلى فخ الحماية الزائدة.

* استشاري طب الأطفال



دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)
أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

دراسة: النباتيون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب

أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)
أكواب من الحليب النباتي بجانب المكسرات (أرشيفية - إ.ب.أ)

تشير دراسة إلى أن النباتيين قد يكونون أكثر عرضة للاكتئاب؛ لأنهم يشربون الحليب النباتي. ومع ذلك، فإن محبي المشروبات قليلة الدسم هم أقل عرضة للقلق والاكتئاب.

تم جمع البيانات من أكثر من 350 ألف شخص مسجلين في دراسة «بيو بانك» في بريطانيا الذين تمت متابعتهم لأكثر من عقد من الزمان، وتقييمهم بحثاً عن علامات مشاكل الصحة العقلية.

وجدت الدراسة أنه عند أخذ العمر والصحة والدخل في الاعتبار، فإن أولئك الذين يشربون الحليب قليل الدسم هم أقل عرضة للاكتئاب بنسبة 12 في المائة، وأقل عرضة للقلق بنسبة 10 في المائة.

ومع ذلك، وُجد أن شرب الحليب منزوع الدسم ليس له أي فائدة، في حين أن شرب أنواع أخرى من الحليب، مثل حليب الصويا واللوز، كان مرتبطاً بزيادة خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 14 في المائة، حسبما أوردت صحيفة «تلغراف» البريطانية. وفي هذا الصدد، كتب العلماء من جامعة «ساوثرن ميديكال» في دراستهم: «الحليب مصدر غني بالعناصر الغذائية، مثل اللاكتوز والدهون والبروتين والمعادن، وهي ضرورية للحفاظ على صحة الإنسان».

يقولون إن الحليب مصدر غني بمعدن الكالسيوم الذي ثبت سابقاً أنه ينشط مسارات في الجسم يمكنها زيادة إنتاج السيروتونين. والسيروتونين مادة كيميائية تلعب دوراً في الدماغ، فيما يتعلق بالمزاج والصحة العقلية. وتعمل المجموعة الأكثر شيوعاً من أدوية مضادات الاكتئاب على تعزيز امتصاص السيروتونين.

والحليب غني بالدهون المشبعة، ويحتوي الحليب منزوع الدسم على نسبة أقل من هذه الجزيئات مقارنة بالحليب كامل الدسم.

وارتبط تناول كثير من الدهون المشبعة في النظام الغذائي بكثير من الحالات الصحية، مثل ارتفاع نسبة الكولسترول والسكتة الدماغية وأمراض القلب، ولكن ثبت أيضاً أنه يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.

ويقول العلماء إن هذا قد يفسر سبب كون الحليب منزوع الدسم -ولكن ليس كامل الدسم- مفيداً للصحة العقلية؛ لأن المحتوى العالي من الدهون المشبعة في حليب البقر غير منزوع الدسم، يمكن أن يضعف إشارات الدوبامين في الدماغ ويسبب الالتهاب. لكن الحليب منزوع الدسم يحتوي أيضاً على «كمية كبيرة» من الدهون غير المشبعة، والتي غالباً ما يطلق عليها «الدهون الجيدة» وقد ثبت في الماضي أنها مفيدة لنظام الدوبامين في الدماغ.

ويقول العلماء إن الحليب منزوع الدسم يحتوي على دهون جيدة أكثر من الحليب كامل الدسم، ودهون سيئة أقل من الحليب كامل الدسم، وهذا قد يعني أنه يقع في مكان جيد؛ حيث يحسن الصحة العقلية.

وكتب العلماء في الدراسة التي نشرت في مجلة «Frontiers in Nutrition»: «قد يوفر ملف الأحماض الدهنية في الحليب منزوع الدسم حماية دماغية أكبر، مقارنة بالحليب كامل الدسم، وبالتالي يقلل من خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق». ويضيفون: «يشير التحليل إلى إمكانية وجود ارتباط عكسي بين استهلاك الحليب منزوع الدسم ومخاطر الاكتئاب والقلق». وأضافوا: «تشير هذه النتائج إلى أن الحليب منزوع الدسم قد يكون له تأثير وقائي ضد هذه الحالات الصحية العقلية، مما يقدم آفاقاً جديدة للتدخلات الغذائية».