احتفاء مصري بتسلم المطلوب هشام عشماوي من ليبيا

قوة تابعة للمخابرات عادت به إلى القاهرة... والسيسي يُشيد باسترداده

عناصر من القوات المصرية الخاصة يصطحبون عشماوي وعبد المعطي إلى مصر أمس (أ.ف.ب)
عناصر من القوات المصرية الخاصة يصطحبون عشماوي وعبد المعطي إلى مصر أمس (أ.ف.ب)
TT

احتفاء مصري بتسلم المطلوب هشام عشماوي من ليبيا

عناصر من القوات المصرية الخاصة يصطحبون عشماوي وعبد المعطي إلى مصر أمس (أ.ف.ب)
عناصر من القوات المصرية الخاصة يصطحبون عشماوي وعبد المعطي إلى مصر أمس (أ.ف.ب)

سيطرت حالة من الاحتفاء على الأوساط الرسمية والشعبية في مصر، أمس؛ وذلك غداة إعلان القاهرة تسلمها المطلوب البارز والمتهم بتدبير وتنفيذ عمليات إرهابية كبرى، هشام العشماوي، بعد نحو 7 أشهر من القبض عليه في مدينة درنة الليبية بواسطة قوات «الجيش الوطني» الليبي.
وجاء إعلان تسلم القاهرة عشماوي، مساء أول من أمس، بعد زيارة خاطفة أجراها رئيس جهاز المخابرات المصرية، الوزير عباس كامل، إلى ليبيا، التقى خلالها المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي.
وعشماوي (41 عاماً) كان يعمل سابقاً ضابطاً بقوات الصاعقة في القوات المسلحة، وتم فصله من الخدمة عام 2011، وهو مطلوب في قضايا عدة، أهمها اغتيال النائب العام المصري هشام بركات (2015)، ومحاولة اغتيال وزير الداخلية الأسبق محمد إبراهيم (2013)، فضلاً عن استهداف كمين لقوات الجيش (عام 2014) في منطقة الفرافرة (جنوب غربي البلاد).
وأشاد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، وبرلمان البلاد بخطوة تسلم عشماوي تمهيداً لمحاكمته في نحو 17 قضية مطلوب فيها. ونقلت وسائل الإعلام المحلية مشاهد وصوراً لوصول عشماوي ومطلوب آخر يدعى بهاء عبد المعطي، المتهم بتنفيذ عمليات «إرهابية في محافظة الإسكندرية». وكان المطلوبان مقيدين، ويصطحبهما عناصر من القوات الخاصة ترتدي ملابس تحمل شعار المخابرات المصرية.
ووصف مكتب قائد الجيش الليبي عملية التسليم بأنها تأتي «في إطار عمليات مكافحة الإرهاب في شمال أفريقيا، وضمن التعاون المشترك مع مصر». وأوضح أن «التسليم تم وفقاً لاتفاقية التعاون القضائي الراسخة الموقعة بين البلدين، وبعد استيفاء كافة الإجراءات واستكمال التحقيقات معه من قبل قوات الجيش الوطني».
وقدم البيان عشماوي المعروف بـ«أبو عمر المهاجر» على أنه «رئيس أحد التنظيمات الإرهابية بمدينة درنة، ونفّذ عدداً من العمليات الإرهابية الدامية بدولتي ليبيا ومصر، وتم اعتقاله خلال حرب تحرير درنة العام الماضي».
بدوره، قال خليفة العبيدي، مسؤول شعبة الإعلام الحربي بالجيش الوطني: إن عشماوي «خضع للتحقيق بشكل مستمر طيلة فترة اعتقاله»، مشيراً إلى أنه ووفقاً للتحقيقات فقد «تنقل عشماوي في عدد من المدن والقرى، منها مدينة بنغازي لفترة، حيث أشرف على تدريب عناصر إرهابية في معسكراتها، وجهّزها لشن عمليات مركزة في مصر وليبيا ضد جيشَي البلدين، وأسفرت عملياته عن اغتيال النائب العام المصري المستشار هشام بركات».
وأوضح العبيدي، أن «عشماوي أفاد خلال التحقيق بأنه فرّ إلى درنة، بعد توسع العمليات العسكرية في بنغازي وسيطرة الجيش على مناطق كثيرة فيها، وباشر أعماله ومسيرته الإرهابية من جديد، كما اعترف المطلوب بتلقيه دعماً مالياً وعسكرياً ولوجيستياً من الداخل والخارج لأهداف عدة، منها ضرب مصر انطلاقاً من ليبيا».
وتوجه السيسي، عبر تدوينة من حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، بالتحية للقائمين على عملية التسلم، وقال: «تحية إجلال وتقدير وتعظيم لرجال مصر البواسل الذين كانوا دائماً صقوراً تنقض على كل من تُسوّل له نفسه إرهاب المصريين. فهؤلاء الأبطال لا يخافون في الحق لومة لائم، وقد أقسموا على حفظ الوطن وسلامة أراضيه... تحية وسلاماً على مَن كان الدرع وقت الدفاع وكان السيف وقت الهجوم».
واستكمل: «الحرب ضد الإرهاب لم تنته ولن تنتهي قبل أن نسترجع حق كل شهيد مات فداءً لأجل الوطن».
بدوره، نقل الوزير عباس كامل، بحسب بيان رسمي مصري، تحيات ودعم الرئيس السيسي لجهود الجيش الليبي. وقالت الوكالة الرسمية المصرية، إن «هذه الزيارة تأتي في إطار حرص مصر على دعم استقرار دولة ليبيا ودعم جهود مكافحة الإرهاب، وتناولت العلاقات الأمنية بين البلدين، وجهود مكافحة التنظيمات الإرهابية، وسبل تحقيق الاستقرار واستعادة الدولة الليبية مؤسساتها ودعم جهود الحلول السياسية».
وكذلك، نوه مجلس النواب، أمس، بـ«الجهود الناجحة التي بذلتها مصر وقواتها المسلحة، والتدابير الفعالة التي قام بها جهاز المخابرات العامة ونجاحه في تسلم مجموعة من الإرهابيين الخطرين والعودة بهم على قيد الحياة من ليبيا، وعلى رأسهم هشام العشماوي، أحد أبرز الشخصيات الإرهابية في تنظيمي (المرابطون) و(أنصار بيت المقدس)، والذي كان المسؤول المباشر عن تنفيذ أكثر من عملية إرهابية ضد القوات المسلحة والشرطة».
وأضاف أن «كل مصري، يشعر اليوم بالفخر والاعتزاز بأبنائه من رجال الواجب، وأن يد الدولة المصرية تثبت يوماً بعد يوم أنها قادرة أن تطال بنفسها كل من تسول له نفسه المساس بأمن مصر وشعبها».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».