تونس: استقالة 9 نواب من «الجبهة الشعبية» المعارضة

بسبب الخلاف القوي على شخصية المرشح للانتخابات الرئاسية

TT

تونس: استقالة 9 نواب من «الجبهة الشعبية» المعارضة

أعلن يوسف الصديق، رئيس الكتلة البرلمانية لتحالف الجبهة الشعبية اليساري التونسي المعارض، استقالته من رئاسة الكتلة، كما قدم تسعة نواب استقالة جماعية، وذلك في أسوأ أزمة سياسية تعرفها هذه الجبهة، التي ظلت متماسكة إثر الإعلان عن نتائج انتخابات 2014، ولعبت دوراً مهماً في معارضة حكومة الشاهد؛ خصوصاً على مستوى الخيارات المقترحة لحل الملفات الاجتماعية والاقتصادية.
وأوضح الصديق أن أسباب الاستقالة تعود إلى «استحالة استمراره في الاضطلاع بدوره، بسبب ما وصل إليه الأمر داخل الجبهة الشعبية، وانعكاس ذلك على الكتلة، وأيضاً لاستحالة التوصل إلى حلّ توفيقي بين النواب يضمن استمرار الانسجام» داخل هذه الكتلة البرلمانية، التي لم تعرف خلال السنوات السبع الماضية أي استقالات.
وتضم قائمة النواب التسعة المستقلين من كتلة الجبهة الشعبية، النائب زياد الأخضر (عن بن عروس)، وأيمن علوي (عن القصرين)، وهيكل بن بلقاسم (عن المهدية)، ونزار عمامي (عن منوبة)، ومنجي الرحوي (عن جندوبة)، إضافة إلى فتحي الشامخي (عن نابل)، وعبد المؤمن بالعانس (عن المنستير)، وشفيق العيادي (عن صفاقس) ومراد الحمايدي (عن الكاف).
لكن من الناحية القانونية، فإنه لن يتم تفعيل هذه الاستقالة بصفة نهائية، إلا بعد خمسة أيام من تاريخ إيداعها بمكتب الضبط المركزي بالبرلمان التونسي، وهو ما يمنح القيادات السياسية فرصاً لاستعادة التوافق فيما بينها، حتى وإن كان بعض المراقبين يرون أن الجبهة دخلت في طريق اللاعودة. ومن المنتظر الإعلان عن حل الكتلة البرلمانية، باعتبار أن العدد المتبقي من أعضائها لا يزيد على 5 نواب، والحال أن الكتلة البرلمانية تحتاج انضمام عشرة نواب إليها.
وفي هذا الشأن، أقر جلول عزونة، رئيس الحزب الشعبي للحرية والتقدم، وهو من مكونات تحالف الجبهة الشعبية، لـ«الشرق الأوسط» بوجود «خلافات في الآراء والمواقف بين الأحزاب المشاركة في هذا التحالف منذ تشكيله سنة 2012. وقد كانت هذه الخلافات تحل عن طريق الحوار، وتغليب المصلحة العامة، والأخذ بعين الاعتبار لمختلف مصالح الأحزاب المكونة لهذا التحالف السياسي»، الذي يضم 15 نائباً في البرلمان.
في السياق ذاته، دعا حزب القطب الديمقراطي الحداثي، أحد الأحزاب المكونة لتحالف الجبهة الشعبية، القوى التقدمية، وفي مقدمتها الجبهة الشعبية، إلى المحافظة على وحدتها ورص صفوفها لـ«التصدي للائتلاف الحاكم والقوى الرجعية الصاعدة»، وأوصى بمواصلة هذه القوى الاضطلاع بدورها الاحتجاجي والنقدي، وبلورة مقترحات وبدائل تستجيب لمصالح الفئات الشعبية والوسطى.
وقال رياض بن فضل، الأمين العام لحزب القطب، إنه عمل جاهداً لتقريب وجهات النظر بين مكونات الجبهة الشعبية، وأعرب عن «الأسف والانزعاج» من استقالة تسعة نواب دفعة واحدة من كتلة الجبهة في البرلمان التونسي.
ومن ناحيته، دعا حزب الطليعة العربي الديمقراطي، المنضم إلى الجبهة، حمة الهمامي، إلى الاضطلاع بدوره في الحفاظ على وحدة الجبهة، وأهاب في بيان له بمناضلي الجبهة الشعبية وأنصارها «للتوقف عن كل ما من شأنه تأجيج الخلاف، وبذل الجهد من أجل رأب الصدع، واستعادة الجبهة لوحدتها، لمواجهة الاستحقاقات السياسية والانتخابية القادمة، ولحاجة الشعب التونسي لاستمرار لعب دورها».
ويعود أصل الخلافات داخل الجبهة الشعبية إلى التنافس القوي، الذي برز بين حمة الهمامي زعيم الجبهة الشعبية ورئيس حزب العمال، والمنجي الرحوي رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد)، إثر إعلان كل منهما نيته الترشح للانتخابات الرئاسية، التي ستقام في تونس في 17 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وكان المكتب السياسي لحزب «الوطد» قد أعلن عن ترشيح المنجي الرحوي للمنافسة على كرسي الرئاسة، وهو نفسه ما عبر عنه حمة الهمامي، ليتأجج الخلاف بين الطرفين على أشده؛ حيث تمسك الهمامي بضرورة الرجوع إلى القيادة الجماعية لتحالف الجبهة الشعبية لتحديد اسم المرشح للرئاسية، في حين دعا الرحوي إلى إجراء انتخابات داخلية لتحديد من سيخوض غمار تلك الانتخابات، وهو اقتراح رفضه الهمامي بشدة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.