«مجمع الفوسفات» ساهم بـ17% من صادرات المغرب في 2017

«الأعلى للحسابات» اعتبره أكبر مهمة رقابية للمؤسسة ذات البعد الدولي

TT

«مجمع الفوسفات» ساهم بـ17% من صادرات المغرب في 2017

كشف تقرير أنجزه المجلس الأعلى للحسابات المغربي (هيئة مراقبة المال العام) حول مراقبة تسيير النشاط المنجمي للمجمع الشريف للفوسفات، عرض أمس أمام لجنة مراقبة المالية العامة بمجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) أن المجمع الذي يعتبر أول مقاولة مغربية ذات بعد وطني ودولي، وأول مصدر للفوسفات ومشتقاته على الصعيد العالمي، حقق رقم معاملات يعادل 5.48 مليار درهم (548 مليون دولار) خلال سنة 2017، مساهما بذلك بنسبة 17 في المائة من صادرات المغرب و18 في المائة من احتياطي العملة الصعبة.
ويتكون رقم المعاملات المذكور الذي تم تحقيق أغلبه مع الخارج من 19 في المائة من مبيعات الفوسفات الخام و24 في المائة من مبيعات الحامض الفوسفوري و57 في المائة من مبيعات الأسمدة الفوسفاتية. وقد حقق المجمع خلال السنة نفسها المذكورة 6.4 مليار درهم (640 مليون دولار) كنتيجة صافية، في حين بلغت استثماراته التشغيلية 6.11 مليار درهم (611 مليون دولار).
وجاءت هذه النتائج كحصيلة لتطور ملحوظ تم تسجيله خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث تمكن المجمع الذي يشغل أكثر من 20 ألف عامل من تعزيز مكانته كرائد دولي في إنتاج المواد الفوسفاتية إذ تضاعفت حصته من الأسمدة في السوق الدولية لتنتقل من 11 إلى 22 في المائة.
وقال إدريس جطو، رئيس المجلس أمس خلال عرض مضامين التقرير الذي اعتبر أكبر مهمة رقابية تقوم بها هذه المحكمة المالية، إنه نظرا لحساسية الجوانب التي تناولتها المهمة وطبيعة المعطيات التي تم استعمالها، التي يمكن أن يؤدي نشرها إلى الإضرار بمصالح المجمع، وعلى غرار الممارسات السائدة على الصعيد الدولي والمعتمدة لدى الأجهزة العليا للرقابة، فقد قرر المجلس الاكتفاء بنشر خلاصة التقرير المتعلق بهذه المهمة، وتجنب نشر المعطيات المتعلقة باحتياطات الفوسفات بالمنجم وطاقات الاستخراج، والسياسة الاستثمارية للمجمع، وتكاليف الإنتاج، وهي معلومات ذات حساسية عالية، وبراءات الاختراع التي تتوفر عليها المجمع والتي تعد عاملا رئيسيا لتفوقه الصناعي، حسب جطو، الذي كشف أن المجلس يعتزم إنجاز مهمة رقابية جديدة تتعلق بالأنشطة المتعلقة بالتحويل الكيماوي التي يقوم بها المجمع، وكذا أنشطته التجارية، مشيرا إلى أن التقرير المفصل سلم إلى الرئيس المدير العام للمجمع الذي التزم بتنفيذ التوصيات التي جاء بها التقرير من أجل الرفع من جودة تدبير النشاط المنجمي للمجمع.
وفي هذا السياق، رصد التقرير اختلالات ونواقص تشمل استخراج الفوسفات ومعالجته عن طريق الغسل والتعويم، وتدبير معدات الاستغلال، وكذا الأثر البيئي للنشاط المنجمي.
وأفاد التقرير بأن المجمع قام منذ سنة 2008 بإطلاق استراتيجية جديدة تهدف إلى الرفع من طاقته الإنتاجية بمغاسل الفوسفات من 10 ملايين طن إلى 34 مليون طن سنة 2017، مما مكنه من استغلال الطبقات الفوسفاتية ذات الجودة الضعيفة. ولاحظ التقرير أن التدبير الحالي للمغاسل يجعلها تشتغل في كثير من الأحيان دون مخزونات احتياطية مع ما يمكن أن ينجم عن ذلك من اضطرابات في برامج الإنتاج.
وأشار التقرير إلى أن تتبع أنشطة المغاسل في شكله الحالي لا يمكن من توفير قيادة ملائمة، ويعود ذلك أساسا إلى التأخير المسجل في تشغيل النظام المعلوماتي الذي من المفترض أن يوفر استخراجاً آلياً للمؤشرات المتعلقة بالأنشطة المذكورة.
وبشأن معدات الاستغلال، وقف تقرير المجلس على اختلالات شابت تدبير معدات وعتاد الاستغلال، حيث أورد، أنه رغم الأهمية القصوى التي يشكلها العتاد في أنشطة استخراج الفوسفات، فإن تدبيره يشوبه بعض القصور، ويتجلى ذلك أساساً في عدم توضيح وتوثيق كل المعطيات المعتمدة في الدراسات لتحديد عدد الآليات اللازمة في استغلال المناجم. ولفت التقرير إلى أن الحاجة تبدو ملحة لنظام معلوماتي يمكن من تتبع ملائم من شأنه أن يساهم في ترشيد استعمال حظيرة المعدات.
أما بشأن الأثر البيئي للنشاط المنجمي، فاعتبر التقرير أنه «من التقدم الملموس الذي تم تسجيله خلال السنوات الأخيرة في إطار برنامج التميز البيئي، والتدابير المتخذة بهذا الشأن، فإن مجهوداً إضافياً يجب بذله من أجل إعادة تأهيل المساحات الكبيرة المستغلة التي لا تزال دون معالجة».
وكشف التقرير وجود إشكالية تصريف الأوحال الناتجة عن غسل الفوسفات، وأنها «تعرف تنامياً مستمراً لمساحات الأحواض المستعملة لتخزين الأوحال، وهو ما يؤدي إلى تدهور مساحات مهمة من الأراضي، بالإضافة إلى الآثار البيئية التي قد تحدثها».
ولتجاوز مشاكل معالجة الفوسفات، أوصى المجلس بضرورة تحسين استغلال القدرة الإنتاجية المتاحة بالمغاسل، من أجل الرفع من مردودية هذه المنشآت. كما دعا إلى تسريع وتيرة تطبيق الإجراءات المتعلقة بحل المشاكل المتكررة بالمغاسل التي تؤدي إلى خسارات متوالية تحد من أداء هذه الوحدات.
أما بخصوص معدات الاستغلال، فدعا التقرير إلى أعداد وتطبيق سياسة خاصة بتجديد حظيرة المعدلات، وتسريع الاستغلال الكامل للنظام المعلوماتي المتعلق بتدبير الاستخراج من المنجم التجريبي وتعميمه على باقي المناجم.
وفي الجانب البيئي، شدد المجلس على ضرورة بلورة وتنفيذ خطط لمعالجة وإعادة تأهيل الأراضي المستغلة من أجل تدارك المساحات المتراكمة في أفق زمني معقول.
وأوصى المجلس أيضاً بالبحث عن حلول ملائمة للتحكم في تنامي مساحات الأحواض المستعلمة لتخزين الأوحال الناتجة عن غسل الفوسفات، بالتركيز خاصة على البحث العلمي ودراسة وتتبع الآثار البيئية للأحواض.



الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

TT

الدردري لـ«الشرق الأوسط»: الناتج السوري خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري، خصوصاً أن البلاد خسرت 54 مليار دولار من ناتجها المحلي خلال 14 عاماً.

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم، أي خسر 54 مليار دولار في 14 عاماً. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

وعود بمساعدة غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

خسائر لبنان من الحرب

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.