«بروفا» مسلسل رمضاني يغرّد خارج السّرب

يشارك المشاهد حياته اليومية مفنّداً مشكلات الشّباب المراهق

مجموعة من الممثلين الشّباب نجحوا في نقل واقعهم في «بروفا»
مجموعة من الممثلين الشّباب نجحوا في نقل واقعهم في «بروفا»
TT

«بروفا» مسلسل رمضاني يغرّد خارج السّرب

مجموعة من الممثلين الشّباب نجحوا في نقل واقعهم في «بروفا»
مجموعة من الممثلين الشّباب نجحوا في نقل واقعهم في «بروفا»

من يتابع المسلسل الرمضاني «بروفا» لا بدّ أن تستوقفه موضوعاته النابعة من صلب الحياة اليومية للمشاهد. فهو يعدّ من الأعمال الرّمضانية القليلة التي تحمل في مضمونها رسائل توعوية مباشرة، بحيث تغوص في تفاصيل مشكلات الشّباب المراهق من دون أي مبالغة أو اعتماد الفلسفة في كيفية تشريحها.
وتبرز قوة كاتبة العمل يم مشهدي بأسلوبها السهل الممتنع، حيث تركت قلمها ينساب على الورق ليحولها إلى شريكة حقيقية في حياة مشاهده. فعندما طلب منها منتج العمل جمال سنان ترجمة فكرته هذه التي رغب في أن تضيء على هموم الأهل تجاه أولادهم والمخاطر التي يواجهونها في حياتهم الدراسية واليومية، لم تتوانَ عن التطرّق إلى موضوعات حساسة تخص جيل الشباب مثل المخدرات والتنمر وعدم قبول الآخر والإدمان على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. فقدمتها في إطار واقعي ضمن محتوى غني وحقيقي. وهو ما يدفع بجميع الأطراف المتورطين بها من خارج الشاشة أن يعيدوا حساباتهم ويتحملوا مسؤولياتهم تجاهها.
وتعد مؤلفة مسلسل «بروفا» يم مشهدي من الكتاب السوريين الذين تركوا بصماتهم على أعمال الدراما السورية رغم فتوة تجربتها. فهي ومنذ بداياتها في عام 2006، استطاعت أن تحاكي المشاهد في يومياته من خلال كتابة مسلسلات «وشاء الهوى» و«يوم ممطر آخر» و«تحت شرقي» و«قلم حمرة». وتكتمل تجربتها اليوم مع «بروفا» الذي رغم أنّه يغرّد خارج السّرب في موسم رمضان فإنّه يأتي في مقدمة الأعمال الدرامية اللبنانية التي يتم التداول بها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ولعلّ عملية الكاستينغ المرتكزة على خلطة من ممثلين محترفين يتقدمهم بطلا العمل ماغي بو غصن وأحمد فهمي، إضافة إلى سميرة بارودي ونهلة وألكو داود ووسام صباغ وهيام أبو شديد وبياريت قطريب، وإلى جانبهم عنصر شبابي لم يسبق أن وقف أمام الشاشة الصغيرة من قبل برعوا في أداء مقنع. فهبة وزينة وأميرة وإيلين وبيو وغيرهم من الممثلين الذين نعرفهم في المسلسل من خلال أسمائهم هذه، من بينهم طلاب جامعات ومعاهد تمثيل، فيما آخرون دخلوا مجال الفن بالصدفة. «من ناحيتي رسمت لي الشّخصية التي سألعبها بإتقان من خلال تفاصيل صغيرة زودت أدائي بالموضوعية المطلوبة»، تقول ميشال وهبة التي تؤدي دور أميرة في المسلسل. وتتابع في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «في الحلقات المتبقية من (بروفا) سيتخلّلها كثير من الإثارة والتشويق بحيث يتعاطف المشاهد مع شخصية (أميرة) وأتوقّع أن يدعمها رغم كل الأخطاء التي ارتكبتها».
أمّا لودي خوري التي تجسد دور الفتاة السمينة (إيلين) والتي تتعرّض للتنمر بسبب شكلها الخارجي فتقول لـ«الشرق الأوسط»: ««إنّها تجربة رائعة وقدمت دورها عن اقتناع كامل. فأنا عانيت من الوزن الزائد في إحدى مراحل عمري، كما تعرّفت عن قرب على حالات مشابهة عانت من التنمر بسبب وزنها الزائد». وتعد لودي من المشاركات في هذا العمل بالصدفة كونها تهوى التمثيل مع أنّها درست المحاسبة.
أمّا ناتاشا خضرو التي تجسّد شخصية الفتاة صاحبة البشرة الدّاكنة لتسلط الضوء على العنصرية السّارية في بعض مجتمعاتنا، فتقول: «عدم قبول الآخر نلمسه في حياتنا اليومية. وأنا شخصياً ألاحظ هذا الأمر في محيط المنطقة التي أعيش فيها (الدورة). وعندما عُرض علي هذا الدّور وافقت من دون تردّد لأنّه حقيقي». وتضيف خضرو التي تدرس الإخراج في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «أصعب ما واجهته في هذه التجربة هو التبديل التام الذي أحرزته على شخصيتي، فتخلّيت عن طبيعتي المرحة لأبدو حزينة ومنزوية بسبب شكلي الخارجي تماماً كما يتطلّب مني الدور».
وفي سياق الحلقات التي تعرض في «بروفا» يتابع المشاهد مشكلة كيفية تعاطي الأهل مع أولادهم والجهود التي يبذلونها لتوعيتهم. كما يطلّ على آفة المخدرات وسريانها بين تلامذة المدارس ليدق ناقوس الخطر، ويكشف مدى تفشيها بينهم من خلال تعاطيها أو المتاجرة فيها. كما يتناول المسلسل مشكلات يعاني منها الأهل بين بعضهم. فنشاهد الزوجة (نهلة داود) التي تمارس مهنتها كناظرة ناجحة في المدرسة، إلّا أنّها في المقابل تعاني من خيانة زوجها لها فتصاب بالإحباط. فيما نشاهد والدة إحدى التلامذة (بياريت قطريب) المنشغلة بالمظاهر والقشور الخارجية كونها زوجة رجل غني، ويهابها القيمون على مدرسة ابنتها ويدارونها ويسترون على أغلاط هذه الأخيرة، خوفاً من أن توقف تبرعاتها المالية لهم. فينقل لنا المسلسل أجواء كواليس المدارس وما يدور فيها من تصرفات غير عادلة أحياناً بحق تلامذتها فتسهم في ضيعانهم.
وتؤدي ماغي بوغصن دور أستاذة الموسيقى والمسرح في هذه المدرسة التي من خلال تجاربها الشّخصية ومعاناتها مع الحياة، تبث روح المساندة والدّعم فيهم. فنراها الصّديقة والرّفيقة الحنونة التي لا تتوانى عن تخصيص وقتها من أجل حلّ مشكلات تلامذتها. فتطل في «بروفا» ضمن شخصية تبدو من نوع الـ«لايت» إلّا أنّها في الواقع محورية ومؤثرة تحرك لدى مشاهدها مفهوم الإنسانية والوضوح في التعامل مع الآخر. فعصّارة تجاربها التمثيلية في فنون الكوميديا والدّراما برزت بشكل واضح في دور «ليال» ليضيف علامة فارقة أخرى في مشوارها الفني. ومن ناحيته، فإن الممثل أحمد فهمي يؤدي دور أستاذ المدرسة القاسي الذي لم يفلح، ورغم محاولاته المتكرّرة في إحراز تغييرات جذرية في مدرسة جدّته التقليدية، فيقدّم دور الرجل الباحث دائماً عن الأفضل، فإنّ الفشل يكون له بالمرصاد لتسكنه فكرة الاستسلام.
نماذج من الحياة والواقع محورها صعوبة التواصل بين جيلين يقدّمها «بروفا» بحرفية مشهودة لكاتبته ومخرجه وممثليه. ويتوج ذلك بعمل درامي ممتع ينجح في نقل الواقع إلى الشّاشة الصّغيرة بعيداً عن أعمال الدّراما التجارية الرائجة على السّاحة اليوم.


مقالات ذات صلة

البطولة النسائية رهان متجدد في دراما رمضان بمصر

يوميات الشرق الفنانة المصرية غادة عبد الرازق (حسابها بـ«فيسبوك»)

البطولة النسائية رهان متجدد في دراما رمضان بمصر

يراهن عدد من الفنانات المصريات على أدوار «البطولة النسائية» خلال موسم الدراما الرمضاني المقبل 2025، حيث يشهد نحو 11 مسلسلاً من المقرر عرضها في الموسم الجديد.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق مسرحها محاكاة لغربة طوعية عاشتها في حياتها (صور زينة دكاش)

زينة دكاش لـ«الشرق الأوسط»: مسرحية «اللي شبكنا يخلّصنا» تختصر بعض حياتي      

أمضت زينة دكاش نحو 14 عاماً مع المساجين في لبنان تعالج أوجاعهم وآلامهم النفسية بالدراما، وكذلك أسهمت في تعديل بعض القوانين المُجحفة بحقّهم.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الفنان محمد هنيدي (حسابه في «فيسبوك»)

دراما مصرية تتخطَّى أزمات اعتذارات مؤلّفين ومُخرجين

تجاوزت مسلسلات مصرية أزمة الاعتذارات التي تعرَّضت لها مؤخراً، وتنوّعت بين اعتذار مؤلّف أو مخرج، وجرت الاستعانة سريعاً بالبديل لاستكمال المشروع الفنّي.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق الفنان المصري فكري صادق قدَّم عشرات الأدوار المؤثّرة (فيسبوك)

الموت يُغيّب الممثل المصري فكري صادق

غيَّب الموت الفنان المصري فكري صادق عن 79 عاماً، تاركاً عشرات الأعمال الفنّية في السينما والمسرح والتلفزيون منذ السبعينات حتى الألفية الجديدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق قصي خولي وديمة قندلفت في مسلسل «القدر» (إنستغرام)

«القدر»... مسلسل جديد يقتحم عالم الأمهات البديلة

جذب المسلسل العربي «القدر» الاهتمام عبر منصات التواصل الاجتماعي، بعد أن استطاع أن يقتحم عالم الأمهات البديلة، ويظهر حجم المشكلات والأزمات التي يتسبب فيها.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.