مسؤولة دولية تطالب مجلس الأمن بـ«حماية» الملايين في إدلب

قلق أممي من استمرار الهجمات على المستشفيات والمرافق الصحية

مسؤولة دولية تطالب مجلس الأمن بـ«حماية» الملايين في إدلب
TT

مسؤولة دولية تطالب مجلس الأمن بـ«حماية» الملايين في إدلب

مسؤولة دولية تطالب مجلس الأمن بـ«حماية» الملايين في إدلب

حثت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية نائبة منسق المعونة الطارئة أورسولا مولر، أمس الثلاثاء، مجلسَ الأمن على اتخاذ إجراءات «الآن» لحماية ملايين الأشخاص المهددين في إدلب، التي «تعدّ أحدث مثال على كارثة إنسانية» تنكشف أمام أعين العالم.
وكانت مولر تتحدث في جلسة مفتوحة لمجلس الأمن عن الأوضاع الإنسانية في سوريا، وأفادت بأن «الإحصاءات المتعلقة بالعواقب المأساوية للحرب السورية باتت معروفة للجميع، حيث فرّ أكثر من نصف سكان البلد، فضلاً عن مقتل مئات آلاف السوريين وإصابة الملايين». وأكدت أنه في الوقت الراهن «هناك نحو 3 ملايين شخص في إدلب محاصرون بسبب تبادل إطلاق النار، ويعيش بعضهم تحت الأشجار أو الأغطية البلاستيكية»، مضيفة أن «المدارس والعيادات أصبحت غير آمنة، ولا توجد وسيلة لكسب الرزق». وذكرت بأن السوريين يعيشون منذ 8 سنوات «في ظل الغارات الجوية والقصف والهجمات الإرهابية الفتاكة، والخوف المستمر من إرسال أطفالهم إلى مدرسة قد تتعرض للقصف في وقت لاحق من اليوم».
وخاطبت أعضاء مجلس الأمن، قائلة: «لا يوجد أي شك اليوم حول ما إذا كنتم على دراية بالوضع الإنساني المأساوي في سوريا... من الواضح أنكم تعرفون ذلك. ولكن السؤال اليوم هو: ما الذي ستفعلونه لحماية المدنيين في إدلب؛ وهي أحدث مثال على كارثة إنسانية تتكشف أمام أعيننا، معروفة تماماً ويمكن التنبؤ بها والوقاية منها؟». وأشارت إلى ما يحدث في مخيم الهول الذي يضم أكثر من 74 ألف مدني؛ 92 في المائة منهم من النساء والأطفال، مؤكدة أن معظمهم تعرض للعنف والصدمات الشديدة في ظل سيطرة «داعش»، وأنهم «يعيشون الآن في ظروف بالغة الصعوبة؛ حيث يواجهون مجموعة من تحديات الحماية، ومصيراً مقلقاً وغير مؤكد». ونبهت إلى أن «كثيراً منهم أجانب ويواجهون خطر الحرمان من العودة إلى الوطن، أو إعادة التأهيل، أو إعادة الإدماج، أو المحاكمة العادلة، أو حتى أن يصبحوا عديمي الجنسية». وشددت على «حق جميع الأطفال، بمن فيهم أولئك المشتبه في ارتباطهم بجماعات مسلحة و/أو منظمات إرهابية محددة، في الحصول على رعاية وحماية خاصة بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، بما في ذلك (اتفاقية حقوق الطفل). يجب أن يُعدّ هؤلاء الأطفال أولاً وقبل كل شيء ضحايا».
ودعت مولر إلى التركيز على «إعادة تأهيل الأطفال الفوري وإعادة إدماجهم وعودتهم إلى الوطن، عند الاقتضاء، والبقاء مع أسرهم، وفي الوقت نفسه ضمان حصولهم على الدعم المتخصص، بما في ذلك خدمات الحماية وخدمات الترجمة عند الضرورة وخدمات الصحة العقلية والتعليمية». ودعت إلى «إيجاد حلول للمواطنين الأجانب على وجه السرعة لتجنب بقائهم المطول في المخيم». وحضت الدول الأعضاء على اتخاذ التدابير اللازمة لضمان إعادة مواطنيها إلى وطنهم لإعادة التأهيل وإعادة الإدماج، أو المحاكمة، حسب الاقتضاء، تماشياً مع القانون والمعايير الدولية. وتساءلت: «ألا يستطيع هذا المجلس اتخاذ أي إجراء ملموس عندما تصير الهجمات على المدارس والمستشفيات تكتيكاً حربياً لم يعد يثير الغضب؟»، مضيفة أنه «لا يوجد شيء يمكن قوله أو فعله عندما تسقط البراميل المتفجرة عشوائياً في المناطق المدنية؛ وهذا انتهاك واضح للقانون الإنساني الدولي وقرار مجلس الأمن رقم (2139)». وأكدت أنه «لا يمكن لملايين الأطفال والنساء والرجال الذين يتعرضون للقصف، أن ينتظروا نجاح جولة أخرى في جنيف. إنهم بحاجة إلى الحماية - وإلى إجراءاتكم - الآن».
وعلق القائم بالأعمال الأميركي جوناثان كوهين بأن بلاده «لا تزال تشعر بالقلق من الغارات الجوية المستمرة ضد مرافق الرعاية الصحية والعاملين الصحيين في شمال غربي سوريا»، مذكراً بأن «القانون الدولي يحظر الهجمات الموجهة ضد المنشآت الطبية المحمية»، فضلاً عن أنها «تتحدى كثيراً من قرارات مجلس الأمن؛ ومنها (2165) و(2268) و(2449)». وقال أيضاً: «لا تزال الولايات المتحدة تشعر بقلق عميق حيال تأثير أي استخدام إضافي للأسلحة الكيماوية، بما في ذلك غاز الكلور، على الوضع الإنساني في شمال غربي سوريا حيث تزداد الظروف سوءاً»، مؤكداً أن «الولايات المتحدة وحلفاءها يراقبون عن كثب الوضع في شمال غربي سوريا، وسوف يستجيبون بسرعة وبشكل مناسب لأي استخدام آخر للأسلحة الكيماوية من قبل نظام الأسد».
أما المندوبة البريطانية كارين بيرس، فقالت إنه «من غير المعقول أن تتعرض المستشفيات والمدارس للهجوم»، مطالبة كل الأطراف بـ«التمييز بين المدنيين والبنية التحتية المدنية والأهداف العسكرية». وحضت كل الجهات الحكومية وغير الحكومية على التزام القانون الدولي في سوريا.
وكذلك طالب نظيرها الفرنسي فرنسوا دولاتر الأطراف بـ«احترام القانون الدولي الإنساني»، مذكراً بأن مهاجمة المستشفيات والمرافق الصحية جريمة حرب.
أما مندوب الحكومة السورية بشار الجعفري فأفاد بأن «(جبهة النصرة) الإرهابية تسيطر على معظم مساحة محافظة إدلب (…) ومن حق الدولة وواجبها حماية مواطنيها من الإرهاب». وأعلن أن حكومته «عازمة على تحرير كامل ترابها الوطني من أي وجود أجنبي غير شرعي».


مقالات ذات صلة

الجولاني يلتقي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا

المشرق العربي أبو محمد الجولاني (أ.ب)

الجولاني يلتقي مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا

ناقش أحمد الشرع مع مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن ضرورة إعادة النظر في خريطة الطريق التي حددها مجلس الأمن الدولي في عام 2015.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي أشخاص يلوحون بالأعلام السورية خلال مسيرة في السويداء بسوريا في 13 ديسمبر 2024، احتفالاً بانهيار حكم بشار الأسد (أ.ف.ب)

المبعوث الأممي يرى «تحديات كثيرة» أمام تحقيق الاستقرار في سوريا

نقلت متحدثة باسم المبعوث الخاص للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسن عنه قوله، اليوم (الجمعة)، إنه يرى تحديات كثيرة ماثلة أمام تحقيق الاستقرار في سوريا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
المشرق العربي توافد النازحين السوريين إلى معبر المصنع لدخول لبنان (أ.ف.ب)

مليون نازح إضافي في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل

أفادت الأمم المتحدة، الخميس، أن أكثر من مليون شخص، معظمهم نساء وأطفال، نزحوا في الآونة الأخيرة في سوريا منذ بدء هجوم الفصائل المسلحة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
المشرق العربي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (أ.ب)

غوتيريش قلق بشأن الضربات الإسرائيلية على سوريا ويدعو للتهدئة

أبدى الأمين العام للأمم المتحدة قلقه البالغ إزاء «الانتهاكات الواسعة النطاق مؤخراً لأراضي سوريا وسيادتها»، وأكد الحاجة الملحة إلى تهدئة العنف على كل الجبهات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.