كيفية تحفيز الابتكار

كيفية تحفيز الابتكار
TT

كيفية تحفيز الابتكار

كيفية تحفيز الابتكار

يقدر الاقتصاديون أن ما يقرب من 50 في المائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي السنوي للولايات المتحدة، يمكن أن يعزى إلى ابتكار المنتجات والخدمات، وأكثر من 90 في المائة من المديرين التنفيذيين يقولون إن نجاح المنشآت طويل الأجل يعتمد على تطوير وتنفيذ أفكار جديدة. كما أن الأبحاث تشير إلى أن النمو المدعوم من خلال الابتكار هو أكثر ربحية من النمو المدفوع بالاستحواذ. ومع ذلك فإن الابتكارات الناشئة عادة لا تحدث دون جهد بطولي في الكثير من المنظمات الكبيرة.
ورغم أن عمالقة التكنولوجيا مثل «غوغل» و«آبل» و«فيسبوك» تحتفي بثقافة الابتكار، إلا أن معظم المنظمات الكبيرة الأخرى تناضل داخلياً مع طبيعة هيكليتها الكبيرة التي تجعل الابتكار أمراً صعباً للغاية.
تحاول الشركات معالجة هذا من خلال إضفاء الطابع الرسمي على عمليات الابتكار. ومع ذلك، فإن مثل هذه البرامج، عندما تنجح، لا تنتج في كثير من الأحيان سوى جزء بسيط من النمو الذي تحتاج إليه معظم المنظمات الكبيرة، وبالتالي تفشل الكثير من برامج الابتكار في تلبية التوقعات، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنها لا تفصل عملية الابتكار عن الإجراءات الاعتيادية داخل المنظمة التي لا تتيح دعم الابتكار، وتصطدم في النهاية بإجراءات روتينية، وهذا الذي يدفع بعض المنظمات الكبيرة إلى تبني استراتيجيات الاستحواذ التي تحاول جلب خبرات وأفكار إبداعية جديدة لها معنى منطقي، ولكنها في كثير من الأحيان ضعيفة الأداء بسبب تحديات التكامل.
يحتاج القادة إلى دعم الابتكار بشكل أفضل لتكملة أنشطة تطوير المنتجات أو الخدمات الجديدة المخطط لها، حيث تشير الأبحاث إلى أنه بدلاً من ترك الابتكار للصدفة، يستحسن على المديرين التنفيذيين إنشاء سياقات ومجموعات تعاونية داخل المنظمات، مع تحديد أهداف محددة لدعم الابتكار. والأهم من ذلك، يحتاج المديرون إلى تحفيز هذه الأنواع من البيئات بطريقة مدروسة تساعدها في التحرك داخل المنظومة بعيداً عن الإجراءات والاعتيادية، وكذلك إتاحة الفرصة لهم في التحرك بعيداً عن تنظيمات الهيكل التنظيمي الكبير للمنظومة.
يحدث الابتكار عندما يتم احتضان رواد الأعمال داخل المؤسسة، ودعمهم، لكي يدفعوا بأفكار جديدة لمعالجة احتياجات العملاء، وتغير ظروف السوق بشكل ديناميكي. كما يستحسن أن يفكر القادة في كيفية توصيل الموظفين ببعضهم البعض بشكل أفضل لإطلاق الابتكارات الناشئة.
عربياً، ينبغي النظر بتمعن وبإعجاب لما تقوم به بعض الشركات في منطقتنا العربية في هذا المجال، فمثلاً خطت شركة الاتصالات السعودية خطوات باهرة ومثيرة للانتباه في قيادة الابتكار والإبداع داخل المنظومة بإطلاق مبادرة حاضنة للابتكار، كما أن إنشاء مجموعات تعاونية داخل الشركة للدعم وإطلاق الأفكار الإبداعية والمبتكرة كان أيضاً خطوة رائعة من الشركة في الطريق نحو تكوين بيئة إبداعية، وتحول الشركة لمنصة متكاملة للابتكار.
- مهندس سعودي متخصص في الاتصالات والإلكترونيات


مقالات ذات صلة

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

الخليج «منتدى حوكمة الإنترنت» التابع للأمم المتحدة تستضيفه السعودية بدءاً من اليوم الأحد وحتى 19 من الشهر الجاري (الشرق الأوسط)

من الرياض... مبادرة من 15 دولة لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت»

صادقت 15 دولة من الدول الأعضاء في منظمة التعاون الرقمي، على إطلاق مبادرة استراتيجية متعددة الأطراف لتعزيز «نزاهة المحتوى عبر الإنترنت».

غازي الحارثي (الرياض)
يوميات الشرق الجهاز الجديد يتميز بقدرته على العمل ميدانياً مباشرة في المواقع الزراعية (جامعة ستانفورد)

جهاز مبتكر ينتِج من الهواء مكوناً أساسياً في الأسمدة

أعلن فريق بحثي مشترك من جامعتَي «ستانفورد» الأميركية، و«الملك فهد للبترول والمعادن» السعودية، عن ابتكار جهاز لإنتاج الأمونيا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».