مزرعة خيول في ألمانيا تساعد على اكتشاف الشخصية وتنميتها

تستخدم في مهام علاجية أو تدريبية ومن الصعب إثبات تأثيرها علمياً

الخيول تعكس سلوك الأشخاص القريبين منها  -  الخيول تؤثر على طبائع الناس
الخيول تعكس سلوك الأشخاص القريبين منها - الخيول تؤثر على طبائع الناس
TT

مزرعة خيول في ألمانيا تساعد على اكتشاف الشخصية وتنميتها

الخيول تعكس سلوك الأشخاص القريبين منها  -  الخيول تؤثر على طبائع الناس
الخيول تعكس سلوك الأشخاص القريبين منها - الخيول تؤثر على طبائع الناس

جلس أمام الأحصنة الثمانية التي تناولت طعامها في حظيرتها المفتوحة خمسة أشخاص، وقد أغلقوا أعينهم ليستمعوا للأصوات من حولهم، وبينها صوت الخيول وهي تأكل التبن. إنهم في حالة تأمل. هناك شيء واحد يربط بين هؤلاء الأشخاص، إنهم يتعاملون مع آخرين في إطار عملهم، ويريدون الاستعانة بالخيول لمعرفة كيف يؤثرون على ناس في دائرتهم. وحجز هؤلاء مكانهم في ورشة العمل التي تحمل اسم «التأمل والتدرب على العمل في فريق»، على مدى نصف يوم، والتي تنظمها مزرعة «الواحة الخضراء» في بلدة بريدوف، القريبة من العاصمة الألمانية برلين، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
وكان بين المشاركين في ورشة العمل أيضاً، أحصنة مدربة تدريباً خاصاً. الخيول تعكس سلوك الإنسان وتقول إيلفيرا هاجن، صاحبة الخيول، والمديرة التنفيذية للمزرعة: «الأحصنة كائنات اجتماعية جداً، تتمتع بأساليب سلوكية وإدراكية بالغة الحساسية... الخيول تعكس سلوك الأشخاص القريبين منهم، تتجنب الخيول الشخص شديد التسيد، أو تقاومه، وتتجاهل الإنسان كثير التردد والتهيب، هدف العمل الذي أقوم به هو دراسة النماذج السلوكية المعروضة مع المشاركين في الدورة».
كثيراً ما تستخدم الخيول في مهام علاجية أو تدريبية، ومن الصعب إثبات هذا التأثير علمياً، كما أنه لم يخضع للدراسة حتى الآن.
ولكن دراسات أكدت العلاقة الخاصة بين الحصان والإنسان، حيث اكتشف فريق من الباحثين اليابانيين في عام 2018 أن الخيول قادرة، على ما يبدو، على تحليل لغة جسم أجناس أخرى، مثل البشر، وتحليل تعبيرات وجوهها، في ثوانً. فقط من خلال رد فعلها على إشارات ضئيلة، تستطيع الخيول تجنب الشجار فيما بينها، لتتجنب بذلك خطر التعرض لجروح محتملة، حيث إن الإصابة أمر خطير للخيول، التي تعتمد في مواجهة أعدائها على الهرب. التركيز على الأهداف الشخصية من بين المشاركين الخمسة في الدورة التي تقام في مزرعة الخيول ببلدة بريدوف، الطبيبة النفسية أنيجريت كاله، التي قالت إنها تشارك في الدورة لتلمس أثر حضورها وجاذبيتها على مرضاها أثناء التعامل معهم.
وبعد جلسة تأمل وبعد القيام بمحادثة تعريف، يبدأ العمل هناك مع الحصان. طُلب من أنيجريت كاله أن تقود الحصان إينكي من الرَسَن (المقود) ولكن، وبدلاً من أن يتبعها الحصان، ظل في البداية متصلباً مكانه، وظل يحملق بريبة في الشخص الذي يقف عند الطرف الآخر من المقود. تقول إيلفيرا هاجِن: «إنه يشعر بأن الإنسان الذي يمسك به متردد، وليس لديه هدف بشأن وجهته». وتماسكت أنيجريت كاله، ونظرت واثقة من هدفها، ناحية زاوية، وانطلقت. ويبدو أن إينكي نفسه لمس هذا العزم والتصميم، حيث تبعها بكامل إرادته.
وتقول أنيجريت كاله: «في البداية كنت أركز على المشاركين الآخرين في الدورة، بدلاً من أن أركز على نفسي وعلى الحصان، أردت تجنب الحرج. ولكن عندما بدأت التركيز على نفسي، وركزت بداخلي على هدفي، تبعني الحصان». وتابعت: «هذا الانتباه والوعي بالذات مهم لعملي بشكل لا غنى عنه». بالتعاطف الشعوري نحو الهدف تُكون هانيلوره شيلد، التي تعمل مصورة لدى الشركات، فريقاً جيداً مع الحصان، وتقول عما نجحت في تعلمه من هذا التدريب في مزرعة الخيول: «أعمل كثيراً مع شركات، ومع أشخاص ذوي إعاقة، أرى أن المشاركة الشعورية تؤدي إلى الهدف عند العمل مع الخيول أيضاً». يبدو أن الخيول نجحت في القيام بدورها لدى المشاركين في الدورة، وهو دور عاكس الشخصية، «فكثير من الناس لا يعرفون أنهم يمارسون ضغطاً على أنفسهم دون أن يدروا، متوترين، غير صبورين، أو فاقدي الاحترام»، بحسب زيباستين بارتوشيك، الأخصائي النفسي، الذي أضاف أنه عندما ينتقد البشر بعضهم بعضاً فيما بينهم، فإنهم يميلون لتقديم حجج مضادة ويبررون مواقفهم. ولكن يمكن التلاعب بحيوانات مثل الخيول والدلافين بالكلمات، بل إنها تركز على الإشارات ولغة الجسم، «ويستطيع البشر بهذه الطريقة معرفة مدى تأثيرهم على الآخرين»، حسب الأخصائي النفسي.


مقالات ذات صلة

علماء يعثرون على آثار أقدام ديناصورات في إنجلترا

يوميات الشرق في هذه الصورة التي قدمتها جامعة برمنغهام اليوم 2 يناير 2025 يجري العمل على اكتشاف 5 مسارات كانت تشكل جزءاً من «طريق الديناصورات» بمحجر مزرعة ديوارز بأوكسفوردشير بإنجلترا (أ.ب)

علماء يعثرون على آثار أقدام ديناصورات في إنجلترا

اكتشف باحثون مئات من آثار أقدام الديناصورات التي يعود تاريخها إلى منتصف العصر الجوراسي في محجر بأوكسفوردشير بجنوب إنجلترا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أنواع من الخفافيش تهاجر لمسافات طويلة (معهد ماكس بلانك لدراسة سلوك الحيوانات)

الخفافيش تقطع 400 كيلومتر في ليلة واحدة

الخفافيش تعتمد على استراتيجيات طيران ذكية لتوفير الطاقة وزيادة مدى رحلاتها خلال هجرتها عبر القارة الأوروبية مما يمكنها من قطع مئات الكيلومترات في الليلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الوفاء... (أ.ب)

كلبة تقرع باب عائلتها بعد أسبوع من هروبها

بعد بحث استمرَّ أسبوعاً، وجدت «أثينا» طريقها إلى منزل عائلتها في ولاية فلوريدا الأميركية بالوقت المناسب عشية عيد الميلاد؛ حتى إنها قرعت جرس الباب!

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق هدية الأعياد (أ.ب)

فرسة نهر قزمة تجلب الحظّ لحديقة حيوان أميركية

أنثى فرس نهر قزم أنجبت مولودةً بصحة جيدة في حديقة حيوان «مترو ريتشموند»، هي ثالثة من نوعها تولد فيها خلال السنوات الـ5 الماضية.

«الشرق الأوسط» (ريتشموند فيرجينيا)
الولايات المتحدة​ نفوق حيوانات في أميركا بسبب إنفلونزا الطيور (رويترز)

نفوق نمر و20 قطة بسبب إنفلونزا الطيور في محمية بواشنطن

نفقت عشرون قطة، بالإضافة إلى نمر بنغالي، وأربعة أُسود، بعد إصابتها بإنفلونزا الطيور شديدة الضراوة في محمية للحيوانات بولاية واشنطن الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.