وزير العدل اليمني لـ «الشرق الأوسط»: استقالة الحكومة ليست ورادة حاليا

العرشاني قال إن إيران تدعم الحوثيين لتقويض استقرار البلاد.. وطالب بتحرك عربي لمواجهتها

مرشد العرشاني وزير العدل اليمني
مرشد العرشاني وزير العدل اليمني
TT

وزير العدل اليمني لـ «الشرق الأوسط»: استقالة الحكومة ليست ورادة حاليا

مرشد العرشاني وزير العدل اليمني
مرشد العرشاني وزير العدل اليمني

ذكر وزير العدل اليمني، مرشد العرشاني، أن استقالة الحكومة ليست مطروحة حاليا، بسبب عدم ترشح رئيس وزراء جديد، مبينا في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن المحكمة لم تتلقَ أي دعوى لإقالة «الحكومة» وفقا للدستور، وذلك في إطار التصعيد الشعبي الذي قامت به بعض أطراف المعارضة مؤخرا.
وكان الرئيس اليمني قرر أول من أمس، تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة وتخفيض أسعار الوقود ضمن مبادرة لحل الأزمة المتفاقمة مع الحوثيين وإبعاد اليمن من حافة الحرب الأهلية، على أن يتم تكليف رئيس للحكومة الجديدة في غضون أسبوع.
وأتى ذلك بعد أسبوعين من الاحتجاجات التي قادها المتمردون الحوثيون الذين ينتشرون بالآلاف في صنعاء وعند مداخلها، للمطالبة بإسقاط الحكومة والتراجع عن قرار رفع أسعار الوقود الذي دخل حيز التنفيذ نهاية يوليو (تموز). وأوضح العرشاني أن جماعة الحوثي تعمل خارج قانون الدولة، وحاولت تمرير شرعيتها عن طريق الانضمام لقانون الأحزاب، لتنال الحق في ممارسة أعمالها وتحقيق أهدافها المرسومة، وفقا لمخططات إيرانية تسعى لتقويض الأمن، لافتا إلى أن مواجهة إيران يجب أن تكون على مستوى تحرك عربي واسع يضغط على طهران في إطار المصالح التي تجمعها مع العرب.
وأضاف أن الحكم الشرعي بحق المتورطين بالإخلال بالأمن وارتكاب الجرائم الإرهابية لا يكفي، ويحتاج إلى سلطة حكومية تضمن تنفيذه، عن طريق وزارة الداخلية، مؤكدا أن مشروع قانون «الإرهاب» محل النظر والنقاش في مجلس النواب قبل إقراره، واعتبر أن الأمن هو الضامن لتحقيق العدل، وهو الأمر الذي يعاني منه اليمن حاليا. وأشار إلى أن السعودي ناصر الوحيشي ما زال يدير عمليات «القاعدة» من الأراضي اليمنية، ولم يُقبض عليه، حتى يقدم للمحاكمة العادلة، لافتا إلى أن صحارى بلاده تحتضن مقاتلي «أنصار الشريعة» و«القاعدة»، التي تستغل الفراغ والقبضة الأمنية القاصرة، وتستهدف أمن السعودية على وجه التحديد.
وأوضح العرشاني أن القضاء في اليمن يحتاج إلى الاستقلال التام، وأن «القضاة لا يتمتعون بالحماية الكافية، في ظل التهديدات التي يتلقونها بسبب المحاكمات التي يتعرض لها سجناء (القاعدة) خصوصا»، مشددا على أن الحاجة ماسة لأن يحظوا باحتياطات أمنية للحفاظ على أرواحهم، مؤكدا في سياق متصل، إتمام اتفاقية تبادل المحكومين بعقوبات سالبة للحرية بين السعودية واليمن، وتنفيذها في أقرب وقت، إلا أنها لا تشمل المحكومين بالإرهاب. وأشار إلى أن الانتماء إلى «القاعدة» و«داعش» جريمة، باعتبارهما جماعات إرهابية وفق تصنيف القانون. وأضاف أنه لم ينخرط في تنظيم الإخوان المسلمين يوما، وليس إخوانيا، مبينا أنه صُنف كذلك لأنه عُيّن وزيرا للعدل، بناء على ترشيح اللقاء المشترك وحزب الإصلاح.
ورفض الحوثيون، أول من أمس، مبادرة وطنية عرضها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، بعد إقرارها في اجتماع وطني موسع، تتضمن تشكيل حكومة وحدة وطنية وجملة من الإجراءات، بينها خفض أسعار الوقود، من أجل حلحلة الأزمة الراهنة مع جماعة التمرد الحوثي في شمال البلاد، التي تقيم مخيمات في صنعاء، وتنظم مظاهرات تهدف لإسقاط حكومة الوفاق الوطني.
وأكد الرئيس اليمني أن المبادرة التي أعلنها لم تأتِ من موقف الضعف، وإنما من أجل تغليب مصلحة الوطن، واستعرض في مبادرته عددا من المقترحات والخيارات لتشكيل حكومة وحدة وطنية بما يضمن تحقيق الكفاءة والنزاهة والشراكة الوطنية على أساس الآليات، وأعلن أثناء اجتماع اللقاء الوطني الموسع أنه سيقوم خلال أسبوع بتكليف من سيشكل الحكومة بالتشاور مع المكونات السياسية، على أن يكون للرئيس، على وجه التحديد، اختيار وتعيين الوزراء في الوزارات السيادية وهي وزارات: الدفاع، والداخلية، والخارجية، والمالية.
ويُختار الوزراء على أساس التخصص والكفاءة والنزاهة، وعلى المكون الذي سيشارك تقديم اسمين لكل منصب وزاري محدد له إلى رئيس الجمهورية، ويختار رئيس الجمهورية بالتشاور مع رئيس الوزراء اسما من بين الاسمين المقدمين. ويحدد رئيس الجمهورية للمكونات السياسية فترة زمنية محددة لتقديم مرشحيها للحكومة، وأي طرف لا يقدم مرشحيه في الموعد المحدد أو يعزف عن المشاركة في الحكومة، لرئيس الجمهورية القرار الذي يراه مناسبا وفقا لصلاحياته الدستورية.
ويتضمن برنامج الحكومة الجديدة وفقا لمبادرة «هادي»، إعادة النظر في السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية وتنفيذ حزمة من الإصلاحات العميقة، بما في ذلك إعادة النظر بطرق الشراء لمادتي الديزل والبترول، بما يضمن جعل السعر متحركا وفقا للأسعار الدولية، الأمر الذي يؤدي إلى مزيد من تخفيض السعر، وجعل المشتريات النفطية علنية، وبعيدا عن تعدد الوسطاء والعمولات واتخاذ قرارات اقتصادية مزمنة لمعالجة آثار رفع الدعم عن المشتقات النفطية للتخفيف عن المزارعين والصيادين وتحسين التحصيل الضريبي والجمركي وجميع الإيرادات العامة للدولة وإنهاء الازدواج الوظيفي وتعميم نظام البصمة والقضاء على كل مظاهر الفساد والعبث المالي. ويتضمن برنامج الحكومة الجديدة رفع الحد الأدنى للأجور، والتأكيد والالتزام من جميع المكونات والفعاليات السياسية بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني، وفقا لآليات مزمنة، واستكمال المهام المتبقية لصيانة وإقرار الدستور والاستفتاء عليه.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».