القاهرة تعوّل على تقاربها مع الخرطوم لكسر جمود مفاوضات سد النهضة

تأمل مصر أن يسهم التقارب الحاصل مع السلطة الجديدة في السودان، في كسر جمود مفاوضات سد النهضة، التي تجريها مع إثيوبيا. وبحسب مراقبين فإن «توجهات المجلس العسكري الانتقالي، الذي يتولى مقاليد السلطة حاليا، سيكون لها أثر على جميع الملفات الخارجية بين البلدين».
وزار الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني، القاهرة، مساء السبت الماضي، في أول زيارة يقوم بها للخارج منذ الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير الشهر الماضي. والتقى البرهان مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في جلسة مباحثات أظهرت تفاهما بين الجانبين.
وقال الدكتور هاني رسلان، رئيس بحوث السودان وحوض النيل بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، لـ«الشرق الأوسط» إن «تصريحات البرهان خلال اللقاء وتأكيده رفض أي علاقة بدول تضر بمصر أو دول الخليج، يعد مؤشرا إيجابيا للغاية عن توجهات السياسة الخارجية للمجلس الانتقالي». ونوه رسلان إلى أن «تأكيد السودان على عدم الإضرار بمصر، يشمل بالطبع مفاوضات سد النهضة، والتي شهدت خلافات كثيرة بين الأطراف الثلاثة، ما يعني أنه ربما نشهد تحركا إيجابيا في الفترة المقبلة».
وتخوض مصر وإثيوبيا، بمشاركة السودان، سلسلة مفاوضات مكوكية منذ سنوات، حول سد «النهضة»، على أمل الوصول لاتفاق نهائي، بشأن تشغيل السد، ينهي مخاوف القاهرة من تأثيره على حصتها في نهر النيل. وتخشى مصر أن يقلص السد حصتها من المياه، التي تصل إليها من هضبة الحبشة عبر السودان، والمقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب، بينما تقول إثيوبيا، إن المشروع ليس له أضرار على دولتي المصب (مصر والسودان).
وكان من المنتظر أن تعقد جولة جديدة من المفاوضات على مستوى وزراء المياه والخبراء الوطنيين في الدول الثلاث، في القاهرة مطلع أبريل (نيسان) الماضي، غير أن الأحداث الدائرة في السودان حاليا تسببت في تأجيل اللقاء. وقال محمد السباعي، المتحدث باسم وزارة الموارد المائية المصرية، لـ«الشرق الأوسط»: «حتى الآن لا يوجد اتفاق على موعد لاستئنافها».
ولا يتوقع رسلان تغيرا جذريا في مسار المفاوضات في الوقت الراهن، باعتبار أن «السياسة الخارجية ليست من أولويات المجلس الانتقالي في السودان، المشغول بترتيب البيت الداخلي ووضع خارطة طريق للمرحلة الانتقالية، لكنه على الأقل فإنه سيكون لهذا التقارب إثر إيجابي».
وأطلقت إثيوبيا مشروع السد عام 2011. ويوضح الدكتور ضياء الدين القوصي، مستشار وزير الموارد المائية المصري الأسبق، لـ«الشرق الأوسط»: أن «المفاوضات متوقفة حاليا بسبب مماطلة إثيوبيا، التي بالطبع تستغل الأحداث في السودان، لإتمام عملية البناء في أسرع وقت».
ويؤكد خبير المياه الدولي أن «نقطة الخلاف الرئيسية مع مصر، تتعلق بنية إثيوبيا ملء خزان السد بمقدار 74 مليار متر مكعب على مدار سنة كاملة، وهو ما يقلص حصة مصر ويدمر آلاف الأفدنة الزراعية... بينما ترى مصر ضرورة تقسيم تلك العملية على عدة سنوات، خاصة أن أكثر من 90 في المائة من احتياجات مصر من المياه تأتي من نهر النيل».
ومنذ بداية الأحداث في السودان، تؤكد مصر دعمها الكامل لخيارات الشعب السوداني. وقال الفريق شمس الدين كباشي، الناطق الرسمي باسم المجلس العسكري السوداني، أمس، إن «رئيس المجلس العسكري نقل إلى الرئيس المصري شكر السودان حكومة وشعبا لمصر لمواقفها الداعمة للسودان»، مبينا أنها «أول زيارة خارجية لرئيس المجلس مما يدلل على عمق الروابط المتينة والأزلية بين السودان ومصر».
وأوضح كباشي في تصريحات صحافية أن البرهان شكر السيسي على دعمه للسودان من خلال رئاسته للاتحاد الأفريقي، واعتبر أنه «يقوم بجهود مقدرة لمعالجة الأوضاع في السودان».