تعاون سعودي ـ فرنسي لتطوير التنبؤ بالانهيارات الأرضية

تؤدي الكوارث الطبيعية إلى تعطيل خدمات مهمة مثل الطرق ووسائل النقل العام
تؤدي الكوارث الطبيعية إلى تعطيل خدمات مهمة مثل الطرق ووسائل النقل العام
TT

تعاون سعودي ـ فرنسي لتطوير التنبؤ بالانهيارات الأرضية

تؤدي الكوارث الطبيعية إلى تعطيل خدمات مهمة مثل الطرق ووسائل النقل العام
تؤدي الكوارث الطبيعية إلى تعطيل خدمات مهمة مثل الطرق ووسائل النقل العام

ساعدت دراسة تفاصيل كارثة طبيعية حدثت في إيطاليا عام 2009 الباحثين على تطوير نموذج إحصائي يمكن أن يفيد في التنبؤ بحدوث انهيارات التربة في مناطق محددة في ظل سيناريوهات معينة لهبوب العواصف.
تستخدم النماذج الحالية لتوقع الانهيارات طريقة تعتمد على الإجابة بالإيجاب أو النفي للتنبؤ بما إذا كان حدوث انهيار أرضي أمراً محتملاً أم لا في حدود منطقة معينة. إلا أن هذه النماذج الثنائية لا تستطيع التنبؤ بمعلومات مهمة، مثل عدد الانهيارات والانزلاقات التي قد تحدث على أي منحدر معين.
وفي سياق البحث عن تقنيات وبرمجيات أكثر دقة فقد عمل كل من الدكتور لويجي لومباردو، ومشرفه الدكتور رافاييل هوسر، من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، مع الدكتور توماس أوبيتس من المعهد الوطني للبحوث الزراعية INRA في فرنسا، على تطوير نموذج إحصائي يستخدم الإطار الاحتمالي الصارم للعمليات النقطية. ويصف هذا النموذج سلوك أنماط نقطية عشوائية، مثل المواقع المحفزة لحدوث الانهيارات والانزلاقات الأرضية.
ويمَّكن منهجهم الإحصائي النموذج من التنبؤ، ليس فقط بمكان الانهيارات، ولكن أيضاً بعدد ما قد يحدث منها في منطقة معينة اعتماداً على الظروف المناخية.
استخدم الفريق نموذجه لدراسة بيانات من كارثة ميسينا في إيطاليا التي وقعت عام 2009 في أعقاب عاصفة شديدة. وقد أعطى النموذج خرائط دقيقة للغاية لمنطقة الكارثة.
فبعد فترتين من الطقس الرطب، ألقت العاصفة 250 مليمتراً من الأمطار على مساحة صغيرة في أقل من ثماني ساعات. كانت التربة على المنحدرات الحادة مشبعة بالفعل، وأدى الفيضان إلى نحو 5000 انهيار صخري ذات أحجام مختلفة على مساحة نحو 100 كيلومتر مربع تقريباً.
تمكن الفريق من الوصول إلى صور عالية الدقة من الأقمار الصناعية تُظهر المشهد قبل العاصفة وبعدها. إلا أنه لم تكن لديهم بيانات كاملة عن السبب وراء الانهيار الذي وقع - وهو هطول الأمطار - لأنه لم تكن هناك سوى محطة طقس واحدة في منطقة العاصفة.
ويشير لومباردو إلى أنه وببساطة، لا يمتلك العلماء الأجهزة لقياس كل كارثة طبيعية بتعمُّق. ويضيف: «ومع ذلك، فقد أدركنا أن البيانات يمكن أن توجهنا وتساعدنا على إعادة تصوير العاصفة. فنحن نعلم أين حدثت أسوأ الانهيارات الأرضية المتكررة، والمنطق يشير إلى أن هذه النقاط هي المناطق التي سقطت عليها أمطار غزيرة».
وأوضح هوسر أن فريق البحث أدرج التأثير المكاني الكامن في النموذج الإحصائي ليعيد تصور تطور العاصفة. هذا التأثير المكاني الكامن - إلى جانب متغيرات أخرى، مثل درجة حدة المنحدر، ونوع التربة، والغطاء النباتي - أسفر عن دقة تنبؤ لم يسبق لها مثيل.
وبحسب لومباردو فإن الفائدة من هذا النهج تكمن في أنه قادر بسهولة على محاكاة شتى الآثار المكانية الكامنة - كل واحد بنمط مختلف - وتوفير مجموعة شاملة من سيناريوهات الانهيار الأرضي المحتملة في المستقبل مع تطور العاصفة. ويضيف: «يمكن للسلطات عندئذٍ أن تتخذ إجراءات وقائية أفضل وتُجلي الناس إلى أرض أكثر أماناً. ويمكن بناء نماذج مماثلة للمناطق الأخرى المعرضة للانهيارات الأرضية في العالم».


مقالات ذات صلة

زلزال عنيف يضرب منطقة الهيمالايا... ويُخلِّف 126 قتيلاً (صور)

آسيا تجمع النيباليون خارج منازلهم بعد زلزال بقوة 7.1 درجة ضرب كاتماندو (د.ب.أ) play-circle 00:42

زلزال عنيف يضرب منطقة الهيمالايا... ويُخلِّف 126 قتيلاً (صور)

ارتفعت حصيلة الزلزال القوي الذي ضرب إقليم التبت في جبال الهيمالايا جنوب غربي الصين، الثلاثاء، إلى 126 قتيلاً.

«الشرق الأوسط» (بكين)
شؤون إقليمية الزلزال الذي ضرب إيران بلغ 5.5 درجة (رويترز)

زلزال بقوة 5.5 درجة يضرب جنوب إيران

ذكر مركز أبحاث العلوم الجيولوجية الألمانية (جي إف زد) أن زلزالاً بقوة 5.5 درجة ضرب جنوب إيران اليوم (الاثنين).

«الشرق الأوسط» (برلين)
أفريقيا العاصمة الإثيوبية أديس أبابا (أرشيفية - د.ب.أ)

زلزال بقوة 5.8 درجة يهز إثيوبيا

أفادت هيئة المسح الجيولوجي الأميركية والمركز الألماني لأبحاث علوم الأرض، بأن زلزالاً بلغت شدته 5.8 درجة ضرب إثيوبيا اليوم (السبت).

«الشرق الأوسط» (أديس أبابا)
آسيا زلزال بقوة 5.6 درجة يهز جزيرة لوزون بالفلبين

زلزال بقوة 5.6 درجة يهز جزيرة لوزون بالفلبين

قال مركز أبحاث العلوم الجيولوجية الألماني (جي.إف.زد)، إن زلزالاً بقوة 5.6 درجة هز جزيرة لوزون الفلبينية اليوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (مانيلا)
آسيا نساء ينثرن الورد في خليج البنغال بادرةَ احترامٍ لضحايا «تسونامي» المحيط الهندي عام 2004 في الذكرى الـ20 للكارثة على شاطئ باتيناباكام في تشيناي - الهند 26 ديسمبر 2024 (رويترز) play-circle 00:39

إحياء ذكرى 230 ألف شخص قضوا في «تسونامي» المحيط الهندي منذ 20 عاماً

في الذكرى العشرين لـ«تسونامي» المحيط الهندي الذي خلّف نحو 230 ألف قتيل توافد ناجون وأسر ضحايا على مقابر جماعية وأضاءوا الشموع وتبادلوا التعازي.

«الشرق الأوسط» (جاكارتا)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».