برنامج رقص شرقي على فضائية مصرية يثير عاصفة انتقادات.. و«الإفتاء» تطالب بإيقافه

مقدمته: العرض مستمر وإرجاؤه بسبب الحداد على شهداء سيناء

برنامج رقص شرقي على فضائية مصرية يثير عاصفة انتقادات.. و«الإفتاء» تطالب بإيقافه
TT

برنامج رقص شرقي على فضائية مصرية يثير عاصفة انتقادات.. و«الإفتاء» تطالب بإيقافه

برنامج رقص شرقي على فضائية مصرية يثير عاصفة انتقادات.. و«الإفتاء» تطالب بإيقافه

تسببت عاصفة من الانتقادات تعرض لها برنامج لتعليم الرقص الشرقي تقدمه الراقصة المصرية الشهيرة «دينا»، على قناة «القاهرة والناس» الفضائية الخاصة، في قرار القناة بإعادة النظر في عرضه وإيقافه مؤقتا. لكن دينا قالت لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن البرنامج مستمر وجرى إرجاؤه فقط بسبب الحداد على شهداء الشرطة الذين قتلوا في سيناء على يد إرهابيين قبل يومين.
وتعرض البرنامج الذي أذيعت أولى حلقاته يوم الاثنين الماضي، لانتقادات كبيرة من رجال دين. وطالبت دار الإفتاء المصرية أمس بإيقاف البرنامج وعدته «مفسدة للأخلاق.. ويرسخ لفكرة الحرب ضد الدين»، فيما تقدم عدد من علماء الأزهر ببلاغات للنائب العام ضد عرض البرنامج.
وتدور فكرة البرنامج حول مسابقات للرقص بين متسابقات مصريات وروسيات وأوكرانيات وغيرهن من جنسيات أخرى، حيث تجري تصفيات أولية للوصول إلى اختيار 27 راقصة يتنافسن في البرنامج للحصول على لقب «أفضل راقصة».
وطالبت دار الإفتاء المصرية بضرورة وقف البرنامج. وقالت الدار في بيان لها أمس، إن «هذا البرنامج قد يفهمه البعض أنه يأتي في إطار حملة تهدف إلى هدم المنظومة الأخلاقية للشعب المصري المتدين»، مؤكدة أنه «لا يخدم إلا المتطرفين الذين قد يتخذون من هذه الأمور ذريعة لترسيخ فكرة أن المجتمع يحارب الدين والتدين».
وشددت دار الإفتاء على أن الظرف الدقيق الذي تمر به مصر حاليا يحتم على الجميع أن يلتفتوا إلى قضايا البناء والتنمية والأخذ بأسباب التقدم والرقي في معالجة التحديات الكبرى التي تواجه الوطن مثل الأمية والبطالة والمرض والتطرف والإرهاب.
وكان النائب العام، المستشار هشام بركات، تلقى بلاغا عقب إذاعة الحلقة الأولى من المحامي سمير صبري بصفته وكيلا عن الشيخ خالد الجندي، والشيخ مظهر شاهين، ضد طارق نور مالك القناة لوقف عرض البرنامج. وقال صبري في بلاغه، إن «البرنامج الذي ينظم مسابقة رقص على غرار برامج إباحية جاء كأول برنامج في تاريخ مصر ينظم مسابقة للرقص بين متسابقات»، مؤكدا أن «إذاعة هذا البرنامج يشكل خطرا جسيما على الدولة في هذا الوقت وسيمنح الفرصة للمتربصين لاستغلال هذا البرنامج الأول من نوعه في الإباحية لمهاجمته».
وأوضح صبري أن «هناك فرقا كبيرا بين حرية الإبداع باعتباره حقا مقدسا صانه الدستور والوقاحة والانحطاط والسفالة»، مستشهدا برأي علماء الأزهر الذين استنكروا عرض برنامج للرقص في بلد الأزهر.
وأصدر عدد من علماء الأزهر، من بينهم الدكتور أحمد كريمة، والدكتورة آمنة نصير، بيانا أدانوا فيه إذاعة البرنامج، مؤكدين أنه «يأتي في وقت يصر فيه البعض على إحراج الدولة والنظام الحالي إزاء التحدي الراهن الذي يزايد فيه المتطرفون على الدين والأخلاق».
من جهته، أعلن مجلس إدارة قناة «القاهرة والناس»، تأجيل عرض برنامج الراقصة، دون أن يحدد موعدا لعودته، مبررة توقف البرنامج بالحداد على شهداء الحادث الإرهابي الذي شهدته مصر يوم الثلاثاء الماضي، وراح ضحيته 11 شرطيا في سيناء.
وقالت القناة، في بيان أذاعته مساء الثلاثاء: «اعتادت القاهرة والناس أن تشارك مصر بأحزانها وأفراحها، وحين تتوالى أحداث الإرهاب التي يذهب ضحيتها أبناء مصر، وآخرها ذلك الحادث المؤلم الذي أزهق أرواح 11 نفسا بريئة، لا تملك (القاهرة والناس)، سوى أن تضع علامة الحداد على شاشتها عزاء ومواساة لهؤلاء الضحايا الأبرياء.. وإعادة النظر في عرض البرنامج الترفيهي الذي حرصت القناة على أن يكون مصدرا للبهجة الراقية وتأكيدا لفن مصري أصيل يشاركنا أفراحنا، وكل مناسباتنا الطيبة، وفنا يتلهف إليه العالم ويفتح له مدارس وأكاديميات».
واختتم البيان «التزاما بهذه المبادئ، ترجئ إدارة القناة إذاعة برنامج الراقصة دينا، كما أرجأته من قبل، في مثل هذه الظروف».
وقالت دينا لـ«الشرق الأوسط» إن البرنامج سيذاع مرة أخرى، مؤكدة أنه يكرس لاكتشاف المواهب الخاصة بالرقص مثل مواهب الغناء والتمثيل، لظهور جيل جديد من الراقصات برقي ودون ابتذال.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».