سحر الخط العربي وجمالياته في ملتقى فني بالقاهرة

يجمع فنانين من 5 دول في عامه الثالث

الفنان محمد رمضان أمام لوحته التي يمزج فيها أصالة الخط العربي بتقنية الأبعاد الثلاثية الهندسية
الفنان محمد رمضان أمام لوحته التي يمزج فيها أصالة الخط العربي بتقنية الأبعاد الثلاثية الهندسية
TT

سحر الخط العربي وجمالياته في ملتقى فني بالقاهرة

الفنان محمد رمضان أمام لوحته التي يمزج فيها أصالة الخط العربي بتقنية الأبعاد الثلاثية الهندسية
الفنان محمد رمضان أمام لوحته التي يمزج فيها أصالة الخط العربي بتقنية الأبعاد الثلاثية الهندسية

يقيم غاليري «لمسات» بالقاهرة معرضاً جماعياً بعنوان «ملتقى لمسات الدولي للخط العربي وفنون الزخرفة»، الذي ينظمه للعام الثالث على التوالي بمشاركة فنانين من 5 دول، هي مصر والهند والعراق واليابان وإيطاليا، جمعهم عشق الحرف العربي وسحره. يقام المعرض احتفالاً بشهر رمضان المعظم، ويسلط الضوء على جماليات الصورة الشكلية للخط العربي.
تتنوع مقتنيات المعرض التي تجسدت عبر أكثر من 40 لوحة، ما بين لوحات الخط العربي والحروفيات والفن التشكيلي بمختلف مدارسه، والتصوير الفوتوغرافي.
تتصدر المعرض لوحة بألوان «الأكريليك» على الورق «المقهر»: «أما بنعمة ربك فحدث». وتشارك الفنانة الإيطالية أنتونيلا ليوني، بلوحة خط عربي تتوسطها الآية القرآنية «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن»، تمزج فيها الخط النسخ بالخط الثلث، حيث تدرس الخط العربي في مصر، وسوف تحصل على دبلوم الخط العربي. أما الفنان العراقي ضياء فيشارك بلوحة حروفية يمزج فيها الخط الديواني مع الرسم، واللوحة تعبر عن الأصالة العربية، حيث توسطها الحصان العربي الأصيل رمز القوة والفروسية. بينما شارك الفنان رضا الأنور من مصر وهو قومسيير المعرض بلوحة «إنا أنزلناه في ليلة القدر»، التي خطها بالكوفي الفاطمي، فيما شاركت الفنانة ماريا من الهند بلوحة تمزج «فن الإبرو» (الرسم على الماء) مع الخط العربي «الشكر لله». أما الفنانة داليا طاهر من مصر، فقد شاركت بلوحة «سبحان الله وبحمده» بالخط الكوفي الهندسي، وقدمت الفنانة كازومي باندو من اليابان لوحة خط ديواني تركي، مراهنة فيها على البساطة وأناقة الخط الديواني وانسيابيته.
وما بين أشكال الحروف الزخرفية والهندسية، يمزج الفنان محمد رمضان في لوحة بين الخط الكوفي والخط الثلث الأكاديمي، مع استخدام تقنية البعد الثلاثي الأبعاد، ما أضفى على اللوحة طابعاً حداثياً يجمع ما بين الأصالة والمعاصرة.
وبعيداً عن الخط العربي، قدم الفنان خالد عبد الغفور لوحة مستوحاة من ألوان قماش الخيامية المبهجة، التي تمزج بين الألوان النارية والترابية والباردة مجسداً فانوس رمضان بأشكاله المتنوعة.
يقدم المعرض لزواره رحلة بين جماليات الخط العربي وفنونه، التي تعلي من الروحانيات في شهر رمضان الكريم. يبهر المعرض المتلقي برشاقة أقلام الفنانين في التعامل مع الحرف العربي ومرونته في احتواء المساحات اللونية عبر الانفصال والاتصال، وملء مساحات الفراغ، وتكوين الكتلة في اللوحة والتنوع بين الديناميكية والسكون. وقد طوّع الفنانون الخط العربي في تصاميم عصرية وأخرى كلاسيكية ما يعكس في تقابلهما سحر الخط العربي وقدرته على مواكبة التكنولوجيا.
تضمن المعرض أيضاً معروضات من مستلزمات فن الخط العربي من ورق مقهر، وأقلام البوص والأحبار، إلى جانب مشغولات يدوية تراثية من مختلف أنحاء مصر تعبر عن التنوع في الفنون الفلكلورية ما بين شمالها وجنوبها وشرقها وغربها. وأقيمت على هامشه ورشة لتعليم فنون الخط العربي بقيادة قومسيير المعرض الفنان رضا الأنور، ويستمر المعرض حتى 27 رمضان الحالي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».