«فتح» تؤكد أن «التهديد والوعيد» لن يجبراها على قبول «صفقة القرن»

الفلسطينيون موحّدون في رفض الخطة الأميركية للسلام

مستوطنون إسرائيليون يتجولون تحت حراسة أمنية في الجزء الفلسطيني من سوق المدينة القديمة في الخليل (أ ف ب)
مستوطنون إسرائيليون يتجولون تحت حراسة أمنية في الجزء الفلسطيني من سوق المدينة القديمة في الخليل (أ ف ب)
TT

«فتح» تؤكد أن «التهديد والوعيد» لن يجبراها على قبول «صفقة القرن»

مستوطنون إسرائيليون يتجولون تحت حراسة أمنية في الجزء الفلسطيني من سوق المدينة القديمة في الخليل (أ ف ب)
مستوطنون إسرائيليون يتجولون تحت حراسة أمنية في الجزء الفلسطيني من سوق المدينة القديمة في الخليل (أ ف ب)

قالت حركة فتح إن «التهديد والوعيد وقطع الأموال عن الشعب الفلسطيني، وممارسة عملية الابتزاز ضد قيادتنا وشعبنا لن تجعلنا نفكر قيد أنملة في تغيير موقفنا تجاه صفقة القرن وبوابتها الاقتصادية تحت مؤامرة ورشة الاقتصاد من أجل الازدهار».
وأضافت الحركة، عبر عضو المجلس الثوري المتحدث باسمها أسامه القواسمي، أن «من نصح الإدارة الأميركية بأن مزيداً من الضغط وابتزاز الرئيس محمود عباس سياسياً، وأن ممارسة الخنق والابتزاز المالي على مؤسسات دولة فلسطين وعلى الشعب الفلسطيني ومن ثم عرض الأموال، يمكن أن يأتي بتنازلات حول حقوقنا الوطنية الثابتة، هو مخطئ تماماً، وهو لم يقرأ التاريخ ولا يفهم طبيعة الصراع ولا يعرف الشعب الفلسطيني وحركة فتح والرئيس (عباس)». وتابع أن «لعبة مكشوفة ولن تمر، وأن مليارات الأرض وكنوزها لا تساوي عند شعبنا حبة تراب من أرض القدس، وأن البوابة السياسية المستندة للشرعية الدولية هي البوابة الوحيدة التي يمكن لها أن تكون مدخلاً لصناعة السلام والاستقرار في المنطقة والعالم».
وجاء موقف فتح في ظل الضغوط الكبيرة الممارسة على الرئيس عباس من أجل المشاركة في الورشة الاقتصادية التي تعقدها الولايات المتحدة في البحرين بعد نحو شهر. وتستمر الضغوط على عباس رغم إعلان القيادة الفلسطينية موقفاً رسمياً بعدم المشاركة. وينتظر أن يطرح البيت الأبيض الجزء الأول من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، عندما يعقد هذه الورشة. وتهدف واشنطن إلى تشجيع الدول العربية المانحة على الاستثمار في الضفة الغربية وقطاع غزة قبل معالجة القضايا السياسية الشائكة في قلب الصراع، لكن الفلسطينيين رفضوا ذلك وقالوا إن الحل الاقتصادي يأتي كنتيجة للحل السياسي وليس العكس.
وهاجم الفلسطينيون من قبل الورشة الاقتصادية التي تقام يومي 25 و26 يونيو (حزيران)، ويفترض أن يحضرها وزراء مالية الدول المعنية ومسؤولون تنفيذيون بقطاع الأعمال من أوروبا والشرق الأوسط وآسيا. ورد مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط، جيسون غرينبلات، على الموقف الفلسطيني قائلاً إنّه «لا يمكن للقيادة الفلسطينية أن تستمر في رفض كل شيء معروض عليها». وأضاف أن «استضافة المؤتمر في البحرين، أو على الأقل عدم إعاقة ذلك، من شأنه أن يوفر للفلسطينيين الفرصة لاختبار الآثار الكاملة للمبادرة». لكن دعوات غرينبلات لم تلق آذاناً صاغية في رام الله.
وهاجم حسين الشيخ عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ووزير الهيئة العامة للشؤون المدنية الفلسطينية، الإدارة الأميركية متهماً إياها بمحاصرة السلطة الفلسطينية والتباكي في الوقت ذاته على الأوضاع الاقتصادية في فلسطين. وقال الشيخ في تغريدة له إن «القدس ليست للبيع، وكل المليارات لا تساوي حجراً في أسوار القدس العتيقة، ونحن نتساءل عن أولئك المتباكين على الازدهار المزعوم، لماذا يحاصرون شعبنا مالياً ويدعون إلى مؤتمرات وورشات عمل تحت شعار كذاب يدعو لإنعاش الوضع الاقتصادي في فلسطين؟» وأضاف الشيخ: «من يحاصر شعبنا لا يحق له الادعاء بالحرص عليه».
وانضمت جميع الفصائل الفلسطينية إلى معارضة الورشة الاقتصادية. وقالت «حماس» و«الجهاد» والجبهات والفصائل الأخرى، إنها ترفض وتدين هذه الورشة وستتصدى للخطة الأميركية. وأكد الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي، زياد النخالة «استمرار قوى المقاومة الفلسطينية في التصدي لكل محاولات فرض العدو شروطه على الشعب الفلسطيني». وشدّد النخالة على رفض الشعب الفلسطيني لصفقة القرن، «بكل ما فيها»، قائلاً إن الورشة الاقتصادية «تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتثبيت الكيان الصهيوني على حساب شعوب الأمة ومستقبل الشعب الفلسطيني».
كما هاجمت الجبهة الديمقراطية، غرينبلات، وتساءلت في بيان: «إلى متى ستبقى الولايات المتحدة تُكَنّ العداء لشعب فلسطين وحقوقه الوطنية المشروعة، وإلى متى ستبقى إدارة ترمب تنحاز إلى الاحتلال الاستعماري الاستيطاني العنصري في سياساته الفاشية ضد أبناء شعبنا، وإلى متى ستبقى إدارة ترمب تنتهك القوانين الدولية وقرارات الشرعية الأممية، وتشجع دولة الاحتلال الإسرائيلي على سياسة تقويض الكيانية السياسية لشعبنا، وتحدي المجتمع الدولي وقراراته ذات الصلة بالمسألة الفلسطينية والحقوق الوطنية المشروعة لشعبنا؟».
وأضافت أن «تساؤلات غرينبلات تهدف إلى تزوير الواقع وتزييفه، ورسم صورة مشوهة لطبيعة القضية الفلسطينية ولمواقف شعبنا ونضالاته». وأكدت أن «البرنامج الوطني الذي يتبناه شعبنا وقواه السياسية بالإجماع يتطابق تماماً مع قرارات الشرعية الدولية، وآخرها قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 19-67 الذي اعترف لشعبنا بدولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس على حدود 4 يونيو 67، ودعا إلى حل قضية اللاجئين بموجب القرار 194 الذي يكفل لهم حق العودة إلى الديار والممتلكات».
ومع تسمك الفلسطينيين بموقفهم، تسعى الولايات المتحدة إلى تعويض الوجود الرسمي برجال أعمال، لكن الكثيرين منهم يرفضون أيضاً ذلك بسبب الموقف الفلسطيني الرسمي. وكانت السلطة هددت بشكل ضمني أي فلسطيني سيشارك، واعتبر عضو اللجنة التنفيذية أحمد مجدلاني أي فلسطيني مشارك في المؤتمر بمثابة عميل للأميركيين والإسرائيليين.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.