التفاؤل يطغى على التشكيك بإقرار الموازنة اللبنانية بصيغتها النهائية

طلاب في الجامعة اللبنانية يحتجون يوم الجمعة في بيروت على اقتطاعات في الرواتب والمزايا ستتضمنها الموازنة الجديدة المتوقع إقرارها يوم غد الاثنين (إ.ب.أ)
طلاب في الجامعة اللبنانية يحتجون يوم الجمعة في بيروت على اقتطاعات في الرواتب والمزايا ستتضمنها الموازنة الجديدة المتوقع إقرارها يوم غد الاثنين (إ.ب.أ)
TT

التفاؤل يطغى على التشكيك بإقرار الموازنة اللبنانية بصيغتها النهائية

طلاب في الجامعة اللبنانية يحتجون يوم الجمعة في بيروت على اقتطاعات في الرواتب والمزايا ستتضمنها الموازنة الجديدة المتوقع إقرارها يوم غد الاثنين (إ.ب.أ)
طلاب في الجامعة اللبنانية يحتجون يوم الجمعة في بيروت على اقتطاعات في الرواتب والمزايا ستتضمنها الموازنة الجديدة المتوقع إقرارها يوم غد الاثنين (إ.ب.أ)

ينتظر أن تقرّ الحكومة اللبنانية موازنة العام 2019 بصيغتها النهائية، في جلسة تعقدها غداً الاثنين في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، وتحيلها على المجلس النيابي، قبل سفر رئيس الحكومة سعد الحريري لتمثيل لبنان في القمتين العربية والإسلامية اللتين تعقدان في مكة المكرمة، وسط توقعات بأن يصادق عليها مجلس الوزراء من دون تعديلات جوهرية.
وعكس انتهاء الحكومة من دراسة الموازنة ارتياحاً في الأوساط السياسية، بالنظر لنجاح مجلس الوزراء في تخفيض العجز من 11.5 في المائة إلى ما دون الـ7.5 في المائة، وهو أمر إيجابي يتوافق مع الشروط التي وضعها البنك الدولي والدول المساهمة في مؤتمر «سيدر» والتي اشترطت أن يكون العجز دون الـ8 في المائة، بما يحفّز تسريع إطلاق ورشة «سيدر» فور صدور قانون الموازنة عن البرلمان. لكنّ ارتياح الطبقة السياسية لا ينسحب على موظفي القطاع العام الذين يتوجسون من أن يأتي تخفيض العجز على حساب رواتبهم وتقديماتهم الاجتماعية.
ورغم الانطباع الإيجابي الذي يسبق جلسة الحكومة، غداً الاثنين، ثمة تخوّف من طرح أفكار جديدة تعيد النقاش إلى بداياته، وهو ما لمح إليه وزير المال علي حسن خليل، في ظلّ ما سُرّب عن اعتراض وزير الخارجية (رئيس التيار الوطني الحر) جبران باسيل على عدم الأخذ بكل الورقة التي قدّمها خلال المناقشات السابقة. لكنّ مستشار رئيس الحكومة سعد الحريري النائب السابق عمّار حوري أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «الموازنة باتت منجزة، وستقرّ الاثنين في القصر الجمهورية بشكل نهائي»، مستبعداً إغراقها في نقاشات جديدة. وأوضح أن «كافة البنود أقرّت بتوافق كل مكونات الحكومة، ومجلس الوزراء سيّد نفسه، ولا داعي لإدخال أي تعديلات عليها، إلا إذا كانت ثمة حاجة لبعض (الروتوش) وليس أكثر».
وعن خلفيات إقرارها في القصر الجمهوري، وما إذا كان ذلك يدخل أعرافاً جديدة، أو يشكل انتقاصاً من موقع رئاسة الحكومة، أشار حوري إلى أنه «عندما يعقد مجلس الوزراء جلسة له في قصر بعبدا ويحضرها رئيس الجمهورية حكماً يترأس الأخير الجلسة، وهذا لا يشكّل عرفاً جديداً». وتابع: «القصد من إعلان الموازنة من القصر الجمهوري، يهدف إلى إظهار الإجماع السياسي حولها، وعدم تنصل أي فريق منها، لا سيما في مرحلة مناقشتها في المجلس النيابي»، مؤكداً أن «لا انتقاص من صلاحيات رئيس مجلس الوزراء». وأكد قيادي في «التيار الوطني الحرّ» أن الأجواء الإيجابية تسمح بالانتهاء من الموازنة غداً. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الموازنة «بلغت نهايتها السعيدة، بعد 18 جلسة لمجلس الوزراء أشبعت فيها درساً ونقاشاً، وهي أقرت بصيغة اتفق عليها كلّ الأطراف». واستبعد حصول أي تغييرات فيها، أو إدخال تعديلات «إلّا إذا وجد رئيس الجمهورية أن هناك بنوداً تطال الطبقة الفقيرة». وأوضح القيادي في «التيار الحرّ» أن الموازنة «مقبولة إلى حدّ كبير، ونجحت في تخفيض العجز بنسبة تصل إلى حدود الـ7 في المائة للمرّة الأولى».
وفي خطاب أمس، بمناسبة مرور 19 عاماً على تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي، قال الأمين العام لـ«حزب الله» حسن نصر الله: «إننا لن نعرقل إصدار الموازنة رغم أن هناك نقاطاً نرفضها لأنها تمس بالشعب اللبناني وذوي الدخل المحدود».
وأشاد، من جهة أخرى، بموقف «الدولة والرؤساء الثلاثة بتمسكهم بكامل حقوق الأرض والمياه والثروات في إدارة التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية» مع إسرائيل. وأكد أن حزبه سيواجه «صفقة العصر»، منتقداً عقد مؤتمر في المنامة الشهر المقبل لمناقشة الجانب الاقتصادي من خطة السلام الأميركية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ودعا إلى «لقاء سريع لا يحتاج إلى طاولة حوار أو مؤتمرات، يضم المسؤولين الفلسطينيين والمسؤولين اللبنانيين لمواجهة خطر التوطين الزاحف».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.