«العزومة»... في «موائد الرحمن» المتنقلة في الأحياء الشعبية المصرية

حافلة مجهزة توزع المواد الغذائية نهاراً وتتحول إلى مطعم مساءً

خيمة الإفطار في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة
خيمة الإفطار في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة
TT

«العزومة»... في «موائد الرحمن» المتنقلة في الأحياء الشعبية المصرية

خيمة الإفطار في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة
خيمة الإفطار في أحد الأحياء الشعبية بالقاهرة

حافلة نقل ركاب كبيرة تتجول في الأحياء الشعبية توزع المواد الغذائية (شنطة رمضان) نهاراً، وقبيل انطلاق مدفع الإفطار تتوقف في إحدى الساحات لتتحول إلى «مائدة رحمن» متنقلة؛ حيث يكون الطعام قد جاء ساخناً، لتمتد المناضد والمقاعد، في مشهد يتداخل فيه حماس الشباب المتطوعين في حملة «العزومة» مع حفاوة أبناء الحي الذين يحرصون على المشاركة في الكرنفال الرمضاني اليومي.
حملة «العزومة» يديرها أكثر من 20 شاباً متطوعاً من الشبان، ويمولها عدد من الشركات والبنوك والمؤسسات والجمعيات الخيرية، بينها «بنك الطعام المصري»، وتمتلك 4 حافلات كبيرة تتجول في الأحياء الشعبية الفقيرة يومياً طوال شهر رمضان؛ حيث يذهب كل منها إلى منطقة مختلفة بمحافظتي القاهرة والجيزة.
وتبدأ الحافلات رحلتها النهارية منذ الصباح الباكر لتوزيع المواد الغذائية «شنطة رمضان» على أهالي الحي الذي تقصده، ويبلغ مجموع ما توزعه يومياً نحو 150 شنطة.
وفي تمام الساعة الرابعة مساء، تختار الحافلة إحدى ساحات الحي للتوقف فيها، وتبدأ المهمة المسائية؛ حيث يقوم الشباب المتطوعون بإعداد المائدة على شكل خيمة رمضانية، ووضع المناضد والمقاعد والأطباق وأدوات المائدة، فيما يسارع كثير من شباب وأهالي الحي بالمساعدة، وقبيل انطلق المدفع بدقائق تقوم سيارة أخرى بإحضار الوجبات التي يأتي بعضها جاهزاً من مطاعم شهيرة، وبعضها تعده ربات بيوت في منازلهن، إذ يحرص القائمون على الحملة على جودة الطعام ورقي طريقة تقديمه، باعتبار أن «العزومة» يجب أن تكون ذات مستوى رفيع في كل شيء، لذلك يضعون جميع أدوات المائدة من أطباق وشوك وسكاكين.
من جانبها، تقول نور حسن، منسقة الحملة لـ«الشرق الأوسط»: «نحرص على أن يكون اسم الحملة معبراً عن الحالة التي نحاول صياغتها، بمعنى أننا نتعامل كأننا نقوم بدعوة أصدقاء للإفطار في منازلنا، بكل ما يتضمنه ذلك من اهتمام، سواء بجودة الطعام وبطريقة تقديمه؛ حيث يأتي الطعام ساخناً قبيل الإفطار بقليل من مطاعم كبيرة، أو يتم إعداد بعضه من سيدات ربات بيوت، ونهتم بكل التفاصيل الصغيرة، سواء نظافة المناضد، وتوفير جميع أدوات المائدة المعروفة، كأننا في المنزل».
وتضيف حسن: «نتجول في جميع الأحياء الشعبية، خاصة الفقيرة، في نطاق عملنا بمحافظتي القاهرة والجيزة، من خلال 4 سيارات مجهزة تجول هذه المناطق، ونأمل أن نتوسع إلى محافظات أخرى، ونحدد المناطق الأكثر احتياجاً لنضعها في مقدمة جولاتنا، من خلال البيانات التي يمتلكها بنك الطعام المصري، ولاقت الفكرة إقبالاً كبيراً من الشباب المتطوعين، حيث يتم تقسيمهم إلى فترتين، الأولى تقوم بالجولات النهارية لتوزيع شنط رمضان، وتنتهي هذه الفترة في الرابعة عصراً حيث يتم استبدال الطاقم بمجموعة جديدة تتولى إعداد موائد الإفطار».
عقب انتهاء الفترة النهارية الخاصة بتوزيع شنط رمضان في الرابعة عصراً، تبدأ مرحلة إعداد مائدة الإفطار، ويتشابه المشهد في 4 أحياء شعبية تتوقف فيها حافلات الحملة الأربع، إذ يقبل كثير من شباب وأهالي الحي على المساعدة في إعداد المناضد وجميع التجهيزات قبيل انطلاق مدفع الإفطار؛ حيث لا يمكن التمييز بين أبناء الحي وشباب الحملة المتطوعين سوى من ستراتهم الصفراء المميزة.
ويقول حمزة عصفور، طالب بكلية الهندسة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، وأحد الشباب المتطوعين بالحملة، لـ«الشرق الأوسط»: «الحملة تشهد إقبالاً كبيراً من الشباب الذين يرغبون في التطوع، ومعظمهم يعرف الأمر من (السوشيال ميديا)، وتضم الحملة متطوعين من فئات وأعمار مختلفة، بينهم طلاب مدارس وجامعات، وقد عرفت بالحملة عن طريق أحد معارفي في بنك الطعام، وعقب انضمامي أبدى كثير من أصدقائي رغبتهم في التطوع».
ويضيف عصفور: «شباب الأحياء التي نذهب إليها يبدون دائماً حماساً كبيراً، ويصرون على المساعدة في إعداد المائدة كأنهم أصحابها، وبعضهم يطلب التطوع في الحملة والتجول معنا في أحياء أخرى».



أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.