عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> نواف بن سعيد المالكي، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى جمهورية باكستان الإسلامية، استقبل وزير الدولة للشؤون البرلمانية الباكستاني، علي محمد خان، الذي زار سفارة المملكة العربية السعودية في إسلام آباد. وجرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين المملكة وجمهورية باكستان، وسبل دعمها تطويرها في مختلف المجالات، وأكد الوزير أن باكستان تولي اهتماماً كبيراً لعلاقتها مع المملكة العربية السعودية، وتعدها علاقات أخوية تنبع من قيم دينية وثقافية مشتركة، وتضرب جذورها في عمق التاريخ.
> الدكتور خالد العناني، وزير الآثار المصري، استقبل بمكتبه بمقر الوزارة، السفير جريج لويس، سفير نيوزيلندا لدى مصر، الذي حرص على لقاء الوزير فور تقلده مهام منصبه سفيراً لبلاده في القاهرة. تناول اللقاء كثيراً من الموضوعات لتعزيز سبل التعاون المشترك بين البلدين في مجال العمل الأثري وتبادل الخبرات. كما تناول أيضاً مناقشة إجراءات استرداد عدد من القطع الأثرية، كان متحف «وانجانوي» النيوزيلندي تلقاها كإهداء في عشرينات القرن الماضي، من أحد المواطنين النيوزيلنديين.
> أواديس كيدانيان، وزير السياحة اللبناني، رعى حفل افتتاح المجمع السياحي (VIGOR CITY) في مستيتا جبيل، ونوه الوزير بهذا العمل السياحي المميز، قائلاً إنه «ليس غريباً عن مدينة الحرف بيبلوس، مدينة السياحة، التي لها دور مميز عالمياً ومحلياً»، معتبراً أن «أصحاب هذا المشروع قاموا بعمل بطولي، إن لم نقل إنه فدائي واستشهادي، تؤدى له التحية»، مؤكداً أن الموسم السياحي هذا العام سيكون جيداً جداً، والتاريخ سيكتب بأحرف من ذهب أن السياحة عادت إلى لبنان في 2019 من بابها العريض.
> الدكتورة دينا عساف، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة بأبوظبي، سلمت أوراق اعتمادها إلى يعقوب يوسف الحوسني، مساعد الوزير لشؤون المنظمات الدولية بالإمارات. ورحب الحوسني بالمنسقة المقيمة، متمنياً لها التوفيق في مهام عملها، بما يسهم في تعزيز العلاقات بين الإمارات والأمم المتحدة. وأكد أن العلاقات بين الإمارات والأمم المتحدة تشهد تطوراً في جميع المجالات؛ خصوصاً المجال التنموي والإنساني، بالتعاون مع الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات التابعة لها، إضافة لتحقيق أجندة أهداف التنمية المستدامة الخاصة بالأمم المتحدة 2030.
> حيدر أغانين، سفير جمهورية روسيا الاتحادية لدى فلسطين، ودعه وزير الخارجية والمغتربين الفلسطيني، رياض المالكي، بمناسبة انتهاء مهامه الرسمية لدى فلسطين. وأشاد المالكي بعمق العلاقات الثنائية التاريخية المميزة التي تربط البلدين الصديقين. كما عبر عن حرص القيادة على متانة العلاقات الثنائية وتوسيعها، لتشمل جميع المجالات. وأثنى على الجهود التي بذلها أغانين في سبيل تعزيز وتطوير هذه العلاقات، مثمناً الدعم السياسي والمالي الذي تقدمه روسيا لفلسطين، بالإضافة لمواقفها الإيجابية تجاه القضية الفلسطينية في المحافل الدولية.
> عبد الله بن سعد الغريري سفير خادم الحرمين الشريفين لدى المغرب، زار أخيراً عزيز ربَّاح وزير الطاقة والمعادن والتنمية المستدامة، في مكتبه بالرباط. كما زار قبله مصطفى الخلفي الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني الناطق الرسمي باسم الحكومة. وجرى الحديث بينهم حول العلاقات الوطيدة بين البلدين الشقيقين وسبل تطويرها في مختلف مجالات التعاون والتنسيق الثنائي لما فيه المصلحة المشتركة.
> أيمن كامل، سفير مصر في طوكيو، بحث مع وزير العدل الياباني تاكاشي ياماشيتا، سبل توطيد علاقات التعاون بين البلدين، ولا سيما من خلال تبادل الزيارات على مستوى كبار المسؤولين، والاستفادة من الخبرات لدى كل طرف في المجالين القضائي والقانوني. كما ناقش السفير، خلال لقائه مع وزير العدل الياباني فرص الاستعانة بخريجي أقسام اللغة اليابانية من الجامعات المصرية، للعمل في اليابان في إطار قانون استقدام العمالة الأجنبية الجديد، الذي أصدرته الحكومة اليابانية مؤخراً.
> الدكتور محمد مارم، سفير اليمن في القاهرة، أقام حفل إفطار رمضاني بمناسبة العيد الوطني الـ29 للجمهورية اليمنية، بمشاركة عدد من أعضاء البرلمان وقيادات وأبناء الجالية اليمنية. وثمن السفير جهود الأشقاء في مصر في دعم الشرعية الدستورية، وتقديم التسهيلات لأبناء الجالية اليمنية المقيمة على أرضها، مؤكداً أن العلاقات اليمنية المصرية كانت وستظل نموذجاً للإخاء والتعاون العربي المشترك، معرباً عن تقديره وكافة أبناء الجالية للاهتمام والرعاية اللذين توليهما القيادة السياسية اليمنية لكافة أبناء الشعب في الوطن والمهجر.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)