مفوض «أونروا»: لن نسمح لأحد بنزع شرعيتنا

مخيم الشاطئ في مدينة غزة يعاني هو وبقية مخيمات النازحين الفلسطينيين شح المساعدات (أ.ب)
مخيم الشاطئ في مدينة غزة يعاني هو وبقية مخيمات النازحين الفلسطينيين شح المساعدات (أ.ب)
TT

مفوض «أونروا»: لن نسمح لأحد بنزع شرعيتنا

مخيم الشاطئ في مدينة غزة يعاني هو وبقية مخيمات النازحين الفلسطينيين شح المساعدات (أ.ب)
مخيم الشاطئ في مدينة غزة يعاني هو وبقية مخيمات النازحين الفلسطينيين شح المساعدات (أ.ب)

قال المفوض العام لـ«وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)»، بيير كرينبول، إن منظمته تعاني من عجز مالي كبير يصل إلى 200 مليون دولار، محذراً من نفاد التمويل بعد يونيو (حزيران) المقبل. وقال كرينبول في مؤتمر صحافي عقده في مقر رئاسة «أونروا» بقطاع غزة: «(أونروا) لن يكون لديها تمويل منتصف يونيو المقبل. نبذل أقصى جهودها لضمان أن تبقى المدارس مفتوحة في العام الدراسي المقبل».
وتواجه «أونروا» أزمة خانقة بعدما أوقفت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الدعم عن الوكالة ضمن خطة لتصفيتها. وتقول إدارة ترمب إن «أونروا» «فاسدة، وغير مفيدة، ولا تساهم في عملية السلام».
وتريد إدارة ترمب إغلاق «أونروا» ضمن خطة للمس بمكانة اللاجئ الفلسطيني. وتقوم الخطة على إلغاء «أونروا» ونقل جزء منها إلى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة المختصة ببقية اللاجئين في العالم.
وثمة فرق جوهري بين مفوضية اللاجئين التي تعتني بجيل واحد من اللاجئين، و«أونروا» التي تعتني بأبناء وأحفاد اللاجئين وسلالتهم كذلك.
وقبل يومين، قال المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، أمام مجلس الأمن، إن «أميركا أوقفت تمويل (أونروا) لأنها لا تحقق ما نتمناه»، مضيفاً أنها «تعمل حالياً في الرمق الأخير». لكن كرينبول أكد من غزة أن منظمته لن تسمح لأحد بأن ينزع الشرعية عنها، وأنها ستواصل العمل وفق التفويض الممنوح لها من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة ورغم العجز المالي.
ورفض كرينبول اتهام «أونروا» بأنها السبب في إدامة قضية اللاجئين، قائلاً إن الفشل السياسي هو السبب في ذلك. وتابع: «إننا نرفض أي اتهامات لـ(أونروا) بأنها مسؤولة عن فشل العملية السياسية، ونعدّ جميع الاتهامات الأخرى غير الحقيقية اتهامات مضللة». وأضاف: «نحن نقول في رسالة مهمة للمجتمع الدولي واللاجئين، سنواصل تقديم خدماتنا، ونعرف أننا سنتعرض لكثير من الهجمات والانتقادات». وأردف: «(أونروا) لن تسمح على الإطلاق بأي محاولة لتدمير شرعية وإنسانية للاجئين الفلسطينيين الذين عانوا لفترة طويلة».
وتعهد كرينبول بمواصلة العمل من أجل تجنيد الدعم للاجئين الفلسطينيين. وتطرق المفوض العام لما وصفه باليأس والإحباط والحصار الذي يؤثر بصورة عميقة على سكان القطاع. وقال: «إنني قلق جداً من التأثيرات النفسية هنا. حتى زملائي في برنامج الصحة النفسية يتحدثون عن الانهيارات الكبيرة والتأثير العميق على الوضع النفسي لسكان القطاع»، مناشداً العالم «الانتباه جيّداً لما يحدث في هذا المكان والآثار النفسية».
وتعاني «أونروا» من عجز مالي منذ سنوات، لكن وقف الولايات المتحدة الأميركية مبلغ 300 مليون دولار للوكالة العامة، عقاباً للفلسطينيين، أدخل الوكالة الدولية في أزمة عميقة.
واستطاعت «أونروا» جمع مبالغ من مانحين العام الماضي بقيمة 238 مليون دولار، معلنة أنه تم تقليل العجز البالغ 446 مليون دولار إلى نحو النصف. وحصلت «أونروا» لاحقاً على دعم إضافي، لكنها بدأت العام الحالي بعجز 200 مليون؛ وهو رقم مرشح للازدياد. وتقول السلطة الفلسطينية إن خطة واشنطن تقوم على «تصفية القضية الفلسطينية» من خلال تصفية قضية اللاجئين.
ويرفض الفلسطينيون أي مسّ بهذه القضية باعتبار «قضية اللاجئين إحدى قضايا الحل النهائي، التي لن تحل إلا من خلال المفاوضات للوصول إلى حل عادل ومتفق عليه وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي أصبحت جزءاً من الشرعية الدولية والمدعومة من قبل المجتمع الدولي». وتساعد السلطة الفلسطينية في جلب دعم مالي لـ«أونروا» في ظل الأزمة المالية المستمرة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.