تقرير: دول الخليج نجحت في احتواء التضخم.. وتوقعات ببقائه قرب 3 % بنهاية 2014

«بيتك للأبحاث» تؤكد أن الضغوط التضخمية في الكويت تراجعت إلى 2.7 في المائة

عائلة سعودية تتبضع في أحد مراكز التسوق حيث سجل التضخم فيها في الستة الأشهر الأولى من العام الحالي نحو 2.7 % («الشرق الأوسط»)
عائلة سعودية تتبضع في أحد مراكز التسوق حيث سجل التضخم فيها في الستة الأشهر الأولى من العام الحالي نحو 2.7 % («الشرق الأوسط»)
TT

تقرير: دول الخليج نجحت في احتواء التضخم.. وتوقعات ببقائه قرب 3 % بنهاية 2014

عائلة سعودية تتبضع في أحد مراكز التسوق حيث سجل التضخم فيها في الستة الأشهر الأولى من العام الحالي نحو 2.7 % («الشرق الأوسط»)
عائلة سعودية تتبضع في أحد مراكز التسوق حيث سجل التضخم فيها في الستة الأشهر الأولى من العام الحالي نحو 2.7 % («الشرق الأوسط»)

بلغت معدلات التضخم في دول مجلس التعاون الخليجي بين 1.2 في المائة و3.1 في المائة على أساس سنوي في النصف الأول من 2014، وفقا للمركز الإحصائي لمجلس التعاون لدول الخليج العربية. وكشفت أحدث الأرقام تصدر البحرين للقائمة من بين دول المجلس، حيث سجل معدل التضخم 3.1 في المائة خلال فترة الستة أشهر، فيما جاءت الكويت في المركز الثاني، مسجلةً ثاني أعلى معدل تضخم في المنطقة بنسبة 2.9 في المائة، تليها قطر بمعدل 2.8 في المائة، ثم المملكة العربية السعودية 2.7 في المائة ثم الإمارات 2.2 في المائة، بينما سجلت عمان معدل تضخم قدره 1.2 في المائة. وكشفت الأرقام الصادرة من دول مجلس التعاون الخليجي ارتفاع الأسعار عبر عدة فئات مختلفة. ففي سلطنة عمان مثلاً زادت أسعار المفروشات المنزلية ومعدات الصيانة الدورية بنسبة 7.4 في المائة، بينما في قطر والبحرين ارتفعت تكاليف السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 7.4 في المائة و5.6 في المائة، على التوالي.
ووفق تقرير أصدرته شركة «بيتك للأبحاث» المحدودة التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي (بيتك) فإنه يتوقع أن يظل التضخم تحت السيطرة بمعدل يحوم بالقرب من 3 في المائة للنصف الثاني من 2014 في دول مجلس التعاون الخليجي، مما يعكس غياب الضغوط التضخمية العالمية، نظراً لاستمرار تراجع تضخم أسعار الغذاء عالمياً وانفتاح الاقتصادات. وقد جرى احتواء الضغوط التضخمية في الإمارات وقطر والكويت نتيجة لدورة الازدهار والانكماش في قطاع العقارات المحلية، والتي أدت إلى السيطرة على ارتفاع الإيجارات. بالإضافة إلى ذلك، جرى استثمار حصة كبيرة من الفوائض النفطية خارج البلاد بدلاً من استثمارها في أصول محلية، في الوقت الذي فرضت فيه دول أخرى قيودا على الأسعار. ولذلك، فإننا نتوقع أن تبقى معدلات التضخم ضمن إطار يمكن السيطرة عليه، عند أرقام صغيرة ضمن خانة الآحاد في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي.
وقال التقرير إن معدل التضخم في الكويت تراجع قليلا ليسجل 2.7 في المائة على أساس سنوي في يوليو (تموز) 2014 مقارنة بمعدل 2.9 في المائة على أساس سنوي خلال يونيو (حزيران) 2014. ويتوقع أن يبلغ متوسط التضخم لعام 2014 ككل نحو 3 في المائة على الرغم من محدودية الضغوط من مكون المواد الغذائية في الجزء المتبقي من العام نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء العالمية.
وكان التضخم بصورة عامة مستقراً عبر المكونات الفرعية في يوليو 2014 باستثناء أسعار السجائر والتبغ والتي شهدت قفزة كبيرة. وخلال الشهر، ظل تضخم أسعار المواد الغذائية دون تغير بالنسبة للأساس الشهري، بينما تراجع التضخم في أسعار المواد الغذائية على الأساس السنوي ليسجل 2 في المائة (يوليو 2013: 5.8 في المائة). ويشهد تضخم أسعار المواد الغذائية وتيرة هبوطية منذ مايو (أيار) 2013 عندما سجل معدل التضخم 6.3 في المائة. وبالنظر إلى استيراد الكويت لنحو 90 في المائة من موادها الغذائية لغرض الاستهلاك المحلي، فإن تراجع أسعار المواد الغذائية جاء متماشيا مع الانخفاض في وتيرة أسعار المواد الغذائية عالمياً خلال الأشهر القليلة الماضية. وهناك احتمالية كبيرة لارتفاع التضخم في أسعار المواد الغذائية مرة أخرى في أواخر هذا العام بعدما شهدت أسعار المواد الغذائية تسارعاً على المستوى العالمي. ومع ذلك، فإن أي زيادة يتوقع أن يكون لها تأثير معتدل على التضخم العام.
وتعد زيادة أسعار السجائر والتبغ من أبرز التغيرات، حيث زادت هذه المجموعة بنسبة 4.8 في المائة على أساس شهري على خلفية الزيادة بنسبة 4.9 في المائة في أسعار السجائر والتبغ، مما يجعل التضخم السنوي لهذا المكون الفرعي يسجل معدلاً هائلاً بمقدار 12.6 في المائة على أساس سنوي. ونلاحظ أن أسعار السجائر والتبغ قد شهدت زيادة كبيرة للشهر الثاني على التوالي، حيث قفزت الشهر الماضي أيضا بمقدار 5.8 في المائة على أساس شهري. وتعد هذه القفزة غير مستغربة، بل ويتوقع حدوث المزيد من الارتفاع في هذه الفئة، حيث تدرس وزارة الصحة الكويتية اقتراحا لزيادة الضرائب على منتجات التبغ. وكانت منظمة الصحة العالمية قد طلبت سابقاً من دول مجلس التعاون الخليجي فرض ضرائب صارمة على منتجات التبغ بهدف رفع الأسعار وخفض الاستهلاك بصورة فعالة، وذلك في اجتماع عقد في 2012. ولا تفرض دول مجلس التعاون الخليجي ضرائب صارمة على منتجات التبغ. إلا أنها تفرض رسوم الاستيراد والتي تتناقض مع قواعد منظمة التجارة العالمية.
علاوة على ذلك، واصلت أسعار المفروشات المنزلية ومعدات الصيانة ارتفاعها لتسجل 4.3 في المائة على أساس سنوي في يوليو 2014. ومن الجدير بالملاحظة أن الأسعار قد زادت في هذه الفئة بصورة جوهرية، حيث كانت تتراوح بين 2.2 في المائة إلى 2.8 في المائة من أبريل (نيسان) 2013 إلى أغسطس (آب) 2013، واستمرت تكاليف المفروشات المنزلية ومعدات الصيانة عند مستوى أعلى من 4 في المائة منذ أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. وبصورة مشابهة، جاء تضخم خدمات الإسكان عند 4.4 في المائة على أساس سنوي في يوليو 2014 دون تغير عن شهر يونيو 2014.
وعلى صعيد متصل، زادت تكاليف التعليم بنسبة قدرها 4.2 في المائة على أساس سنوي في يوليو 2014 مع اقتراب العام الدراسي الجديد. كما ارتفعت أسعار المطاعم والفنادق بمقدار 2.5 في المائة على أساس سنوي خلال الشهر، ارتفاعا من 0 في المائة في العام الماضي، مما يعكس وجود إنفاق استهلاكي صحي في هذا القطاع. وفي الجهة المقابلة، شهد أحد المكونات الفرعية لمؤشر أسعار المستهلك انكماشاً خلال يوليو وهو فئة الاتصالات، حيث انكمشت أسعار هذه الفئة بمقدار 1 في المائة على أساس سنوي.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».