أدوار ثانية جعلت من أبطالها نجوم رمضان

تمنح المسلسل نكهة خاصة

ملصق لمسلسل «الهيبة»
ملصق لمسلسل «الهيبة»
TT

أدوار ثانية جعلت من أبطالها نجوم رمضان

ملصق لمسلسل «الهيبة»
ملصق لمسلسل «الهيبة»

بعيداً عن النقد الذي تتعرض له دراما رمضان 2019، وبعيداً عن نجاحات البعض منها، وإخفاقات البعض الآخر، وعن المنافسة الشديدة بين نجومها، لا نبالغ إذا ما اعتبرنا أنّ جزءاً كبيراً من النجاح والجماهيرية يعود إلى حضور الأبطال الثانويين في الأعمال، أو أصحاب البطولة الثانية، والأمثلة على ذلك كثيرة.
واستطاعت منى واصف أن تحدث حالاً استثنائية في مسلسل «الهيبة» على مدى الأجزاء الثلاثة، ولا ريب أن شخصية جبل شيخ الجبل لها جمهورها العريض، وحضور سيرين عبد النور منح المسلسل نكهة خاصة، إلا أنّ وجود نجوم آخرين في العمل هم دعائم حقيقيون، على رأسهم الممثلة اللبنانية ختام اللحام، التي أبدعت في مشاهد الأم الثكلى في أولى حلقات المسلسل، خصوصاً المشهد الذي قامت بتأديته أمام قبر وحيدها، وهو أمر ليس بغريب على نجمة لها تاريخها في عالمي الدراما والمسرح اللبنانيين، غير أنّ ما قدّمته، وبإحساس عال، وأداء محترف، وحزن صادق، خطف الأضواء، وأثبتت بدموعها التي تمرغت بتراب ولدها أنّها من بين الأقوى خلال هذا الموسم.
من «الهيبة» إلى «خمسة ونص»، البطولة الثلاثية لكل من نادين نسيب نجيم وقصي خولي ومعتصم النهار، تنافسها بحدة بطولة النجوم الآخرين في العمل؛ أصحاب الأدوار المركّبة والصعبة، الذين يمكن اعتبارهم نقطة قوة يرتكز عليها العمل الذي يحمل توقيع إيمان السعيد وفيليب أسمر وصبّاح أخوان. وهنا نقصد رفيق علي أحمد الذي يؤدي دور والد قصي، والذي ذكّرنا بدوره في مسلسل «جذور». وهو ممثل مخضرم عرف في تسعينيات القرن الماضي بأعمال مسرحية وقف خلالها منفرداً على المسرح يأسر المشاهد في كل مرّة بحضوره وشخصيّته وحتى نبرة صوته.
رولا حمادة ونوال كامل، أبرز بطلات الزمن الجميل على الشاشة اللبنانية أبدعتا في الدورين المسندين إليهما في «خمسة ونص»، حيث غاب التصنع عن أدائهما، واستطاعتا أن توظفا خبرتهما الطويلة في عالم التمثيل أمام الشاشة في رمضان هذا الموسم، خصوصاً رولا حمادة في دورها كأم حزينة تعاني فراق ابنها الوحيد، ومنتقمة من أخيه غير الشقيق.
كارين رزق الله التي يلقى عملها «مين إنتي؟» أصداء إيجابيةً، سواء بسبب القصة أو الأحداث أو السيناريو، والمعالجة الدرامية ككل، أحاطت بها في المسلسل كوكبة من نجوم الدراما التمثيلية: نقولا دانيال، جوليا قصار، عايدة صبرا، أنجو ريحان، أسعد رشدان، وغيرهم، وهنا لا بد من الوقوف عند الدور الاستثنائي الذي يؤديه دانيال، والد «جهاد» الذي تلعبه كارين رزق الله في المسلسل، حيث يعاني من مشكلات نفسيّة نتيجة مشاركته في الحرب اللبنانية، وعدم قدرته على تخطيها، وهي أيضاً حال والدتها «عايدة» (جوليا قصار) التي تعاني من الأمر عينه، إنما بتأثير مغاير، في تصوير حقيقي لندوب الحرب على أبنائها، وعلى الأجيال اللاحقة. ولا بد من الإشادة بعمار شلق المتقن دوره دوماً، وكارين رزق الله التي وصلت هذا الموسم إلى مرحلة عميقة جداً في الكتابة والأداء، واستطاعت أن تجمع الكوميديا والدراما معاً.
البطولة الثلاثية لكل من باسم مغنية وداليدا خليل وورد الخال في مسلسل «أسود» تتصدرها ورد، الوالدة القاسية التي لا تعرف من الأمومة إلا اسمها، والتي تخرج من عباءة الدور المثالي للأم، في ترسيخ لنجوميتها وقدرتها على تقمص دور لا يشبه ما شاركت به سابقاً، ولعلّها الأقوى في البطولة النسائية، من دون نكران حضور مغنية القوي والناضج.


مقالات ذات صلة

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

يوميات الشرق لقطة من مسلسل «رقم سري» (الشركة المنتجة)

«رقم سري» يناقش «الوجه المخيف» للتكنولوجيا

حظي مسلسل «رقم سري» الذي ينتمي إلى نوعية دراما الغموض والتشويق بتفاعل لافت عبر منصات التواصل الاجتماعي.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق زكي من أبرز نجوم السينما المصرية (أرشيفية)

مصر: تجدد الجدل بشأن مقتنيات أحمد زكي

تجدد الجدل بشأن مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، بعد تصريحات منسوبة لمنى عطية الأخت غير الشقيقة لـ«النمر الأسود».

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق تجسّد شخصية «دونا» في «العميل» (دانا الحلبي)

دانا الحلبي لـ«الشرق الأوسط»: لو طلب مني مشهد واحد مع أيمن زيدان لوافقت

تُعدّ تعاونها إلى جانب أيمن زيدان إضافة كبيرة إلى مشوارها الفني، وتقول إنه قامة فنية كبيرة، استفدت كثيراً من خبراته. هو شخص متعاون مع زملائه يدعم من يقف أمامه.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق آسر ياسين وركين سعد في لقطة من المسلسل (الشركة المنتجة)

«نتفليكس» تطلق مسلسل «موعد مع الماضي» في «القاهرة السينمائي»

رحلة غوص يقوم بها بعض أبطال المسلسل المصري «موعد مع الماضي» تتعرض فيها «نادية» التي تقوم بدورها هدى المفتي للغرق، بشكل غامض.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق مسلسل «6 شهور»   (حساب Watch IT على «فيسبوك»)

«6 شهور»... دراما تعكس معاناة حديثي التخرّج في مصر

يعكس المسلسل المصري «6 شهور» معاناة الشباب حديثي التخرج في مصر عبر دراما اجتماعية تعتمد على الوجوه الشابة، وتحاول أن ترسم الطريق إلى تحقيق الأحلام.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
TT

«للموت 3»... مسلسل كل شيء

رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل
رندة كعدي بين ماغي بوغصن ودانييلا رحمة في لقطة من المسلسل

يدرك الجزء الثالث من مسلسل «للموت» أنّ الخطأ ممنوع، ومع ذلك تلقّفته أخطاء على شكل مبالغات. حوَّل تونس أرضاً لبنانية - سورية، وأعاد بطلتيه «سحر»، ماغي بوغصن، و«ريم»، دانييلا رحمة، إلى عالم المافيا بحجّة واهية بعد توبة لم تدم. وهو كرّر المحفوظ غيباً في المسلسلات المشتركة: فتيات ومخدرات ورجال وسلاح ودولارات مُسددة بعشرات الآلاف لارتكاب جرائم. ذلك يحاكي جانب «الأكشن» ويضمن اشتعال الأحداث. جانبه الآخر أشدّ واقعية؛ إنسانه يمكن تصديقه.
على الورق أن يضمن مكاناً في المنافسة الرمضانية، فالمسلسل يطلّ بعد موسمين قالا الكثير. تُوزّع كاتبته نادين جابر سطورها بين الحقيقة والخيال. تتجرأ في الطرح وتُجدّد المقاربة، باستعمال «حيل» تصطدم أحياناً بالهشاشة. لِمَ تونس والمطاردات السوريالية في شوارعها؟ أهكذا تعود البطلتان إلى بحيرة الدم؟ ماذا عن «القوى الخارقة» و«الحاسة السادسة»، فتكشفان (خصوصاً «سحر») المستور والمعلن، ويقع جميع الرجال في غرامهما!
إنها الدراما ولا مفرّ من توابل تُنكّه الطبخة. هنا، يخرج المسلسل من كونه «واقعياً» ويسبح حيث تتكاثر الحيتان. هذا الموسم، تدخل امرأة على الخط؛ ويكاد عنصر اللعب مع الرجال يعلن خواتيمه لولا رغبة «شفيق» (اللافت كميل سلامة) بالانتقام. هذه المرأة هي «كارما» (أداء متفوق لورد الخال)، فتضرب بيد من حديد وتمسك الزمام، إلى أن يطال شرّها ابنتها فتُذعن للمصير.

ورد الخال تتألق بشخصية «كارما» (لقطة من المسلسل)

لم تعد بوغصن ورحمة تقفان أمام كاميرا فيليب أسمر بكونهما ممثلتين. تستبدلان بكيانهما الشخصيتين وتتوهّجان فيهما. تقدّمانهما على طريقة ذوبان السكر في الماء لبلوغ المحلول الواحد المُحلّى. الثلاثية مع الخال تتألق.
عوامل قوة المسلسل (إنتاج «إيغل فيلمز»، «MTV» و«شاهد») تغلب ثغراته. فالنص مشغول لحبس الأنفاس، وإن مرّت حلقات باردة. الحوارات بعيدة عن السطح. وهناك أشعار تُقال على ألسنة الشخصيات، وأوجاع وحكم حياة. يحدث ذلك أمام عين مخرج ينتشل الجمال من أقصى القهر. كادراته ناطقة واختياره لـ«اللوكيشنات» خلّاق. أمامه، يعطي الممثلون الإحساس الصائب والـ«ريأكشن» المطلوب، فلا تتكاثر الدعسات الناقصة حول الأقدام. فيليب أسمر فنان المسلسل.
خطايا «كارما» المتوارثة عن الأب تصيب العائلة بأسرها. تمتلئ الشخصية بدوافع ارتكاب الشر، من دون مبرر يمنح سلوكها أسباباً تخفيفية. لكنها إنسان، والبشر خَطَأة. فإلى جانب السوء، تستطيع الحب ولفرط كثافته يصبح مَرضياً تجاه الرجل وشبه هوسي تجاه ابنتها بعد موت ابنها ضحية الأثمان المترتّبة على الصفقات.
يحرص مهيار خضور ويامن الحجلي عن الانفعال الموزون. الأول يجيد التردد ومراجعة الحسابات، ثم الخلاص بالحب. والآخر فنان في غضبه وألم الذاكرة، يقلّب صفحات مضيئة عنوانها حب العُمر. خلطُ أوراق يعيدهما إلى المعدن الطيب قبل توحّش الظروف، فيتحالفان على الجَمعة بعد قطيعة.
ذلك العالم الفانتازيّ ظلّ شاهداً على مشاعر صادقة وعطف لا مشروط. «سحر» و«ريم» جدليتان في كل حالاتهما؛ في خصامهما وصُلحهما. وَقْعٌ فريد في الدراما العربية، غير مفهوم إلا لأمهات لم ينجبن ولأوفياء هم عملة نادرة في زمن الغدر. عنوان المسلسل «للموت»، منبعه عاطفة لا يبررها إلا القادرون على العطاء.

ثنائي البطولة من سوريا يامن الحجلي (يمين) ومهيار خضور (لقطة من المسلسل)

المقلب الواقعي يبلغ جماله الإنساني في رندة كعدي بشخصية «حنان». العطف وأمومة العالم في العيون والملامح واللسان والقلب. لم يعد الحي فقيراً وهجرت أحوال ناسه الويلات؛ مع ذلك، تعتصره المعاناة حيث المال يصطدم بمنغّصات الحياة ودورة الزمن على البشر؛ فيؤدي أحمد الزين مشهداً بديعاً لرجل بلا ذاكرة، تآكل بالألزهايمر، وتقدّم كعدي أنبل دروس مواجهة السرطان بإرادة التغلّب عليه، وسط عويل ختام اللحام البارعة وتكاتف الأسرة رغم الامتحانات القاسية.
تُلقي نادين جابر على وسام صباغ بشخصية «محمود» قيمتين إنسانيتين يؤديهما بالدمع: إسقاط النظرة الذكورية حيال المرأة المطلّقة، وإعلاء صوت المواطن الشريف. ومن باب الانتخابات النيابية، يُبيّن المسلسل مدى تجذّر الفساد اللبناني وقدرة أزلامه على سحق الأنقياء.
مرة أخرى، تؤكد الكاتبة حق الأم بحضانة أطفالها وإنْ انحازت القوانين للأب. ورغم مسحة الكآبة الطافحة على وجه دوجا حيجازي، فقد قدّمت آلام الأمهات المنسلخات عن أولادهن بالظلم والقوة. يمرّر المسلسل رسائل نبيلة بصوت صريح حيناً وبرمزية فنية حيناً آخر. لا يكتفي بالتحوّل مسرحاً لغلبة المبالغة وسطوة البطولات؛ بل يتبنّى مواقف ويُذكّر بقضايا تمسّ الصميم، تستوجب التحديث وإعادة النظر.
ينطبق على المسلسل عدُّه مسلسلَ كل شيء، ففيه خليط يخاطب الجميع. يصبح أبطاله بعضاً من الناس، الجدد منهم والقدماء. ريان حركة بشخصية «لميس»، أداء عفوي منساب، اختزالها مؤثر لثمن الزواج المبكر وتطوّر أفكار الإنسان. كارول عبود بدور «سارية» القناع الترفيهي لنفس طمّاعة تجيد إمساك تفاصيلها. فادي أبي سمرا حالة خاصة؛ ومن تونس فاطمة بن سعيدان بشخصية «جاكو» بطعم العسل.
يكتمل الأداء الجماعي مع فايز قزق ومحمد عقيل وعلي منيمنة وسحر فوزي ورانيا عيسى وساشا دحدوح وعلي سكر وروزي الخولي ومنير شليطا وسلطان ديب وأوس وفائي ومارلين نعمان... مع خليل أبو عبيد والطفلة تالين بورجيلي بشخصية «خلود» المُحمّلة عذابات الكبار.