زخم في حركة المباني الخضراء في الهند

تحتل المرتبة الثالثة عالمياً بأكثر من 899 مشروعاً معتمداً وفقاً لمعايير التصميم البيئي والطاقة

يتوقع أن تبلغ إمكانات سوق المباني الخضراء في الهند نحو 300 مليار دولار بحلول عام 2025 (الشرق الأوسط)
يتوقع أن تبلغ إمكانات سوق المباني الخضراء في الهند نحو 300 مليار دولار بحلول عام 2025 (الشرق الأوسط)
TT

زخم في حركة المباني الخضراء في الهند

يتوقع أن تبلغ إمكانات سوق المباني الخضراء في الهند نحو 300 مليار دولار بحلول عام 2025 (الشرق الأوسط)
يتوقع أن تبلغ إمكانات سوق المباني الخضراء في الهند نحو 300 مليار دولار بحلول عام 2025 (الشرق الأوسط)

نال مكتب شركة أشوك ليلاند في مدينة تشيناي، مؤخراً شهادة الريادة في التصميم البيئي والطاقة لعمليات وصيانة المباني من المستوى البلاتيني. وقد تحولت الشركة إلى مؤسسة عاملة في الهند حتى يتسنى لها الحصول على هذه الشهادة.
والمباني الخضراء هي ممارسة معنية بإنشاء الهياكل واستخدام العمليات ذات المسؤولية البيئية والفاعلية، من حيث استغلال الموارد في كل أطوار دورة حياة المبنى. وتحتل الهند، بعد الصين وكندا، المرتبة الثالثة على العالم بأكثر من 899 مشروعاً معتمداً وفقاً لمعايير الريادة في التصميم البيئي والطاقة، بإجمالي يبلغ 24.81 مليون متر مربع من المساحة، وذلك بموجب تصنيفات مجلس المباني الخضراء في الولايات المتحدة.
يقول غوبالكريشنان بادمانابهان، المدير التنفيذي لشؤون آسيا والمحيط الهادي والشرق الأوسط لدى معهد شهادات الأعمال الخضراء: «تتصدر الهند ريادة حركة المباني الخضراء في منطقة آسيا والمحيط الهادي، مع أقصى عدد من مشاريع الريادة في التصميم البيئي والطاقة المسجلة في عام 2018. وبعيداً عن المباني التجارية، فإن مشاريع (الريادة في التصميم البيئي والطاقة) تعمل في قطاعات مهمة مثل التعليم، والصناعات التحويلية، والضيافة، من بين قطاعات أخرى. وتضيف محطات المترو والمدن المعتمدة من الريادة في التصميم البيئي والطاقة مزيداً من الزخم إلى حركة المباني الخضراء في الهند».
وأضاف بادمانابهان يقول: «من شأن المشاريع السكنية أن تؤدي إلى دفع النمو خلال السنوات القليلة المقبلة، ومن شأن الريادة في التصميم البيئي والطاقة أن تعمل عن كثب مع المطورين العقاريين في حكومات الولايات لضمان وجود المنصات والبرامج المستدامة. وينمو الطلب على الأعمال الخضراء في الهند بوتيرة لافتة للنظر، ونحن على ثقة من أن عدد المشاريع الخضراء في الهند سوف يشهد زيادة مطردة خلال السنوات المقبلة، وسوف يكون لها أثرها الإيجابي على التنمية وعلى خلق الوظائف ذات الصلة».
تعمل المدن في كل أرجاء العالم على تحقيق التنمية المستدامة، واتخاذ الإجراءات الصديقة للبيئة بهدف الحد من انبعاثات الكربون، وتقليل الاعتماد على مصادر الطاقة غير المتجددة. ومن المتوقع لسوق المباني الخضراء الهندية أن تتضاعف بحلول عام 2022 وصولاً إلى 10 مليارات قدم مربع، بقيمة تتراوح بين 35 و50 مليار دولار، مدفوعة بزيادة مستوى الوعي العام، والمكاسب البيئية، والدعم الحكومي، وذلك وفقاً إلى مؤسسة «أناروك» الاستشارية العقارية.
ويخطط مجلس المباني الخضراء الهندي إلى زيادة المساحات الخضراء في البلاد من نسبة 5 في المائة الراهنة إلى 15 في المائة خلال 4 أو 5 سنوات المقبلة، وفقاً لتصريح أحد كبار مسؤولي المجلس. وقال فاسوديفان سوريش رئيس مجلس المباني الخضراء الهندي: «سوف تبلغ إمكانات سوق المباني الخضراء في الهند نحو 300 مليار دولار بحلول عام 2025. والهدف المنشود لدينا هو إضافة مليار قدم مربع منها على أساس سنوي».
وعرّفت مؤسسة «أناروك» الاستشارية، المباني الخضراء، بأنها ممارسة استخدام العمليات والتقنيات صديقة البيئة والفعالة من حيث استخدامات الطاقة في كل أطوار حياة المبنى من اختيار الموقع، ثم التصميم، ثم التشييد، ثم التشغيل، ثم الصيانة، ثم التجديد، ثم التفكيك، إن لزم الأمر.
وتعد برامج «الريادة في التصميم البيئي والطاقة» في الولايات المتحدة، و«أسلوب التقييم البيئي والمؤسسي في بحوث البناء» في المملكة المتحدة، و«مجلس المباني المستدامة» في ألمانيا، و«بوابة معلومات المباني الخضراء» في اليابان، من بين الكيانات العالمية الرئيسية القليلة التي تعمل على تحديد تصنيفات واعتماد المباني الخضراء في مختلف البلدان. أما في الهند، فيعمل «مجلس المباني الخضراء الهندي» و«التصنيف الأخضر الهندي لتقييمات المساكن المتكاملة» على صياغة معايير اعتماد المباني الخضراء في البلاد.
وتعمل المباني الخضراء على الحد من استهلاك الطاقة بنحو من 20 إلى 30 في المائة، والحد من استهلاك المياه بنحو من 30 إلى 50 في المائة، والإقلال بصورة كبيرة من توليد نفايات المباني عن طريق وسائل إعادة التدوير واسعة النطاق. وربما تكون تكاليف تشييد المباني الخضراء أعلى بكثير بنسبة تصل إلى 15 في المائة مقارنة بتكاليف المباني التقليدية. ومع ذلك، فإن المنافع طويلة الأجل للمباني الخضراء، مثل تكاليف التشغيل المنخفضة، فضلاً عن المنافع الصحية المحتملة بالنسبة لشاغلي تلك المباني، تجعل الخيار قابلاً للتطبيق من عدة مناحٍ. وبرغم ما تقدم، فإنه لا تزال هناك ندرة ملحوظة في مواد ومعدات وموردي المباني الخضراء في الهند.
ويقدر مجلس المباني الخضراء الهندي أن يصل الطلب على مواد ومعدات المباني الخضراء إلى 10 مليارات دولار بحلول العام المقبل. وهناك بعض مواد بناء المباني الخضراء الصديقة للبيئة مثل إسمنت الرماد المتطاير، والألمونيوم المعاد تدويره، والصلب، والبلاط، متوافرة في الهند، ولكن بالنسبة لبعض البضائع والسلع المتخصصة يكون الاستيراد هو الحل الوحيد.
وقال فاسوديفان سوريش رئيس المجلس: «هناك نحو 900 ألف مهندس معماري، وأكثر من مليون مهندس مدني في البلاد، ولكن نسبة من 10 إلى 15 في المائة منهم لديهم خبرة كافية في مفهوم وتصاميم المباني الخضراء. وهناك حاجة ماسة إلى زيادة هذه النسبة المتواضعة وعلى نطاق كبير».
وأضاف سوريش أنه نظراً لأن فكرة المباني الخضراء تحمل كثيراً من التكاليف المتضمنة، لا يرغب كثير من المشيدين والمطورين العقاريين العمل بهذا الأسلوب. وأولئك الذين تبنوا الفكرة والمفهوم بدأوا يشهدون الأثر الإيجابي الذي تتركه.
يقول بريم سي. جين، الرئيس التنفيذي لشركة «سبكترال» للخدمات الاستشارية المحدودة، وهي من الشركات الاستشارية في مجال تصاميم الضوء والتدفئة للمباني الخضراء: «إننا نستخدم نوعاً خاصاً من الزجاج العاكس لأشعة الشمس. ونحن نعمل في ضوء الشمس طوال النهار، ما يؤدي إلى كثير من توفير الطاقة». وتستخدم شركة «سبكترال» الأضواء الطيفية الاصطناعية بدرجة ضئيلة للغاية في المباني التي تشرف على تصميمها.
كما تستخدم هذه المباني نسبة 40 في المائة من المياه الصالحة للشرب، ويتم حفظ المياه عبر نظام صفري التفريغ يجري بموجبه معالجة النفايات السائلة في محطة معالجة الصرف الصحي، ويُعاد تدوير المياه لاستخدامها في مكيفات الهواء وغير ذلك من الأغراض النافعة. وتعتبر المباني الخضراء صديقة للبيئة من زاوية أخرى، وهي أنها مشيدة من مواد صديقة وجيدة للبيئة في آن واحد.
يقول جين: «نحن نستخدم الكتل الخرسانية الهوائية بدلاً من البناء بالطوب التقليدي ما يوفر عزلاً جيداً للحرارة». ومع زيادة التمرد المدني على الإفراط في التحضر، تميل الشركات الكبرى في الهند إلى اعتماد خيارات صديقة للبيئة، كما قال أنوج بوري، رئيس مجلس إدارة مؤسسة «أناروك» الاستشارية العقارية.
وقالت مؤسسة «أناروك» الاستشارية إن التنمية العقارية من أكبر مستهلكي الموارد الطبيعية في البلاد، وتولد في مقابل ذلك كميات هائلة للغاية من النفايات والملوثات. وأضافت الشركة في بيانها: «يستهلك هذا القطاع وحده نسبة 40 في المائة من الموارد الطبيعية الخام، ونسبة 25 في المائة من المياه، ونسبة 35 في المائة من موارد الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، يضخ القطاع ما نسبته 40 في المائة من النفايات، ونسبة 35 في المائة من الغازات المسببة للاحتباس الحراري. ويمكن لقطاع العقارات الحد من الآثار البيئية الضارة والسلبية من خلال اعتماد تكنولوجيا البناء الخضراء».
ويقول فارون باهوا، نائب رئيس شركة «ديسيكانت روتورز إنترناشيونال المحدودة» العاملة في مجال توريدات مواد البناء الخضراء: «تشعر الشركات كما لو كانت تفي بالمسؤولية الاجتماعية للشركات من خلال اختيارها مواد البناء الصديقة للبيئة».
- بعض المباني التجارية الخضراء الكبيرة
يعد مركز «سوهرابجي غودريج» التجاري الأخضر هو أول مبنى يجري تشييده خارج الولايات المتحدة عملاً بمعايير «الريادة في التصميم البيئي والطاقة» وتصنيفها البلاتيني في وقت الافتتاح. وسقف المبنى مُغطى بالنباتات للحفاظ على درجات الحرارة قيد التنظيم. والمجموعة الكبيرة من الألواح الشمسية التي تم تركيبها على المبنى تولد من 100 إلى 120 وحدة من الكهرباء يومياً، ما يجعل من ذلك المركز التجاري الأخضر واحداً من أكثر المباني من حيث كفاءة استخدام واستهلاك الطاقة في الهند. وهذه التحفة المعمارية الرائعة تعتبر من أفضل سابقات الأعمال في ذلك المجال على مستوى العالم. ولا يخرج من المبنى أي نوع من أنواع النفايات، ويجري إعادة تدويرها بالكامل داخل المبنى. ويمكن القول حرفياً إن ذلك المبنى مشيد من المواد المعاد تدويرها بالكامل.
وحصل مبنى «سوزلون وان إيرث» المتواجد في مدينة بيون الهندية على شهادة اعتماد «الريادة في التصميم البيئي والطاقة» من المستوى البلاتيني في عام 2010. وعكف المهندس الرئيسي للتصميم، تشارلز بينينغر، في تصميمه بطريقة تجعل 90 في المائة من المبنى يتلقى ضوء النهار الطبيعي بصفة يومية. وتكفل التهوية الفعالة تنظيم دخول الهواء النظيف إلى المبنى والتقليل من استهلاك الطاقة إلى الحد الأدنى الممكن.
ويعد فندق «آي تس سي موريا» هو أول وأكبر فندق يحصل على شهادة اعتماد «الريادة في التصميم البيئي والطاقة» من المستوى البلاتيني في العالم لاستخدامه مركزات الطاقة الشمسية المكافئة في توفير الطاقة. كذلك، حصل الفندق على جائزة السياحة الوطنية الهندية لأفضل فندق هندي صديق للبيئة في البلاد. ويعمل الفندق على تدوير 90 في المائة من المخلفات والنفايات الصلبة باستخدام وسائل التسميد أو إعادة التدوير. ومن السمات الأخرى التي تميز الفندق عن المباني الأخرى حقيقة أنه مدهون بطلاء من المركبات العضوية المتطايرة.
حديقة «تي سي إس التقنية» ومضخات غروندفوس في مدينة تشيناي، تستخدم مقاربة متميزة في استهلاك الطاقة. فهي تضم نظاماً للتخزين الحراري يعمل على تخزين الطاقة الحرارية لاستخدامات مقبلة، وفي الواقع، يمكن استخدامها بعد مرور شهور من التخزين. وعلى سبيل المثال، تستخدم الطاقة الشمسية المجمعة خلال الصيف أثناء موسم الرياح الموسمية وفي فصل الشتاء، والعكس بالعكس. ويقلل هذا المفهوم المبتكر بصورة كبيرة من متوسط استهلاك الطاقة في المبنى بشكل فعال للغاية.
يعد مبنى «إنفينيتي بينشمارك» في كالكوتا، وهو الهيكل المكون من 20 طابقاً موزعاً على أكثر من 560 ألف قدم مربع، هو السابع في العالم من حيث الحصول على شهادة اعتماد «الريادة في التصميم البيئي والطاقة» من المستوى البلاتيني. والمبنى مزود بمجسات استشعار ثاني أكسيد الكربون، وتجميع مياه الأمطار، وإعادة تدوير نفايات المياه، بالإضافة إلى ضوابط الترطيب. والجزء الخارجي من المبنى عبارة عن جدار من الطوب، في حين أن السقف يتكون من طبقة سميكة من رغوة البولي يرويثان لأغراض العزل. وللحد من مستويات التلوث، تستخدم المركبات الكهربائية في التنقلات داخل المجمع. وتضمن مستشعرات ثاني أكسيد الكربون اتخاذ ما يلزم من إجراءات عند ارتفاع مستويات الغاز. وتعمل الجدران المعزولة على تنظيم درجات الحرارة في المبنى، ما يقلل الحاجة إلى الاستعانة بالتبريد أو التدفئة الصناعية.
وفي الوقت نفسه، يعتبر فندق «آي تس سي موريا» هو أول وأكبر فندق يحصل على شهادة اعتماد «الريادة في التصميم البيئي والطاقة» من المستوى البلاتيني في العالم. وتلقى الفندق كثيراً من الجوائز في مناسبات مختلفة لكونه أفضل فندق صديق للبيئة في الهند. والسبب وراء ذلك هو اعتماد الفندق سياسة إعادة تدوير 90 في المائة من نفاياته.
كما تلقى مقر شركة «إنفوسيس» في بوشارام بولاية حيدر آباد شهادة اعتماد «الريادة في التصميم البيئي والطاقة» من المستوى البلاتيني. ونال أيضاً إحدى جوائز «آشدن» البريطانية المرموقة، والمعروفة أيضاً باسم «غرين أوسكار». ويحمل المبنى نوافذ وأسطح بيضاء مطلية. كما أنه يستخدم تكنولوجيا التبريد الإشعاعي التي يتم فيها ضخ المياه الباردة عبر الأنابيب المدمجة استراتيجياً داخل الخرسانة. بالإضافة إلى مهمات التدفئة، والتهوية، وتكييف الهواء، والإضاءة الفعالة، من حيث الطاقة، على سبيل المثال وليس الحصر، لمختلف أساليب توفير الطاقة المستخدمة في المبنى.
ويجني مبنى «تكنوبوليس كولكاتا»، على سبيل المثال، الأموال عن طريق تداول أرصدة الائتمان الكربوني. وهو أول مبنى أخضر في العالم يتم تسجيله بموجب «اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» بوصفه مشروعاً لآلية التنمية النظيفة. وتسمح تلك الآلية للشركات بالحصول على أرصدة الائتمان الكربوني لبدء المشاريع التي تقلل من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في حين العمل على تعزيز التنمية المستدامة في مختلف البلدان.
ويسعى مفهوم أرصدة الائتمان الكربوني التجارية إلى تشجيع البلدان على الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كما أن هناك فوائد للبلدان التي تحقق الأهداف المنشودة بالإضافة إلى الحوافز المالية للآخرين ممن يحاولون القيام بذلك على وجه السرعة. ويمكن بيع الأرصدة الفائضة «المجمعة عن طريق تجاوز هدف تقليل الانبعاثات» في الأسواق العالمية. والرصيد الائتماني الكربوني الواحد يساوي طناً واحداً من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المخفضة.


مقالات ذات صلة

السعودية: 20 % نمو العقود التمويلية للدعم السكني في 2024

الاقتصاد جناح صندوق التنمية العقارية في «منتدى مستقبل العقار 2023» بالرياض (موقع الصندوق الإلكتروني)

السعودية: 20 % نمو العقود التمويلية للدعم السكني في 2024

ارتفعت العقود التمويلية في السعودية لبرامج الدعم السكني من قبل صندوق التنمية العقارية بنسبة 20 في المائة خلال عام 2024، وذلك نتيجة تنوّع الحلول التمويلية وإتاحة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد من معرض سيتي سكيب 2024 الأكبر عقارياً في العالم (واس)

سوق الرهن العقاري بالسعودية... محرك رئيسي في النمو والتنويع المالي

يأتي توجه السعودية نحو تطوير سوق الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من ضمن التطورات المتسارعة التي يشهدها التمويل العقاري في السعودية.

محمد المطيري
الاقتصاد لوحة وكيل عقارات معروضة خارج منزل في شارع سكني في بلاكبيرن (رويترز)

أسعار المساكن في بريطانيا تتجاوز التوقعات وتواصل الارتفاع

أعلنت شركة «نيشن وايد» للإقراض العقاري، يوم الخميس، أن أسعار المساكن البريطانية شهدت ارتفاعاً جديداً في ديسمبر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مشروعات «الوطنية للإسكان» (واس)

الصفقات العقارية في السعودية تتجاوز 533 مليار دولار خلال 2024

تجاوزت قيمة الصفقات العقارية في السعودية 533 مليار دولار (2.5 تريليون ريال) لأكثر من 622 ألف صفقة في عام 2024.

محمد المطيري (الرياض)

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
TT

جدل أميركي حول تأثير بناء الشقق الفاخرة في الأحياء الفقيرة

المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه
المباني الجديدة مشكلة وحل في الوقت نفسه

غالباً ما ينظر النشطاء في مجال الإسكان بالولايات المتحدة الأميركية إلى بناء المباني السكنية الجديدة على أنه هو المشكلة، حيث يتم السماح للمطورين العقاريين ببناء مزيد من المساكن، لا سيما في الأحياء الفقيرة، مما يجعل المستأجرين والجيران في هذه المناطق يخشون من ارتفاع أسعار السوق وزيادة تكلفة الإيجارات عليهم، في حين يميل الاقتصاديون، من ناحية أخرى، إلى رؤية المباني الجديدة بوصفها الحل وليست المشكلة، حيث يقولون إن الطريقة الوحيدة لتخفيف النقص في عدد الشقق، الذي بدوره يؤدي إلى رفع الإيجارات، هي بناء مزيد من المساكن، فهم يؤكدون أن بناء ما يكفي من المساكن سيؤدي لانخفاض الإيجارات بشكل عام.
وتعدّ الإشكالية بين هذين الرأيين أساس حالة الجدل المثارة حول البناء الفردي والمعارك الأوسع حول كيفية تخفيف أزمة الإسكان في الولايات المتحدة. وحتى وقت قريب، لم تكن هناك أي بيانات تقريباً على نطاق الأحياء لحل هذه الأزمة، ويبدو أن كلا الرأيين صحيح في الوقت نفسه، فالمساكن الجديدة قد تساعد في خفض الإيجارات في مناطق المترو على سبيل المثال وذلك حتى في الوقت الذي قد يعني فيه ذلك زيادة الطلب على هذه المناطق مما يزيد من قيمة الإيجارات فيها.
وتقدم دراسات جديدة عدة أخيراً بعض الأدلة المشجعة، إن لم تكن كاملة، حيث نظر الباحثون في جامعة نيويورك و«معهد آب جون»، وجامعة مينيسوتا، إلى ما يحدث بشكل مباشر مع بناء المساكن الجديدة، واسعة النطاق، والتي تُباع بسعر السوق (دون قيود على قيمة الإيجار)، حيث تشير دراسات عدة بالفعل إلى أن المناطق التي تبني مزيداً من المساكن تكون أسعارها معقولة، وتتساءل هذه الدراسات الحديثة عما إذا كان هذا النمط يظل ثابتاً عند النظر إلى بناء المساكن الفردية وليس المجمعات السكنية الكبيرة.
وتشير النتائج، مجتمعة، إلى أن المساكن الجديدة يمكن أن تخفف من حدة ارتفاع الإيجارات في المباني الأخرى القريبة، لكن جاء رأي هذه النتائج مختلطاً حول ما إذا كان المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض يستفيدون بشكل مباشر من المباني الجديدة أيضاً.
وتمثل أنواع المباني التي تصفها هذه الدراسات، والتي تخضع لسعر السوق وتتكون من 50 وحدة سكنية أو أكثر، غالبية المباني الجديدة الآن، كما تستهدف الغالبية العظمى من الشقق الجديدة اليوم المستأجرين من ذوي الدخل المرتفع، حيث يبلغ متوسط الإيجار لوحدة جديدة الآن 1620 دولاراً أميركياً في الشهر، أي أعلى بنسبة 78 في المائة من متوسط الإيجار على مستوى البلاد، وذلك وفقاً لـ«مركز هارفارد المشترك للدراسات الإسكانية»، (كما أن الهوة بين هذه الأرقام آخذة في الاتساع)، وتميل هذه المباني أيضاً إلى أن تكون الأكثر ظهوراً في المعارك المتعلقة بالإسكان في مختلف الأحياء الأميركية.
وتقول الزميلة في «مركز فورمان» بجامعة نيويورك، والتي درست تأثير المباني الجديدة في نيويورك، شياودي لي: «المستأجرون لا يحبون فكرة بناء المباني الشاهقة الجديدة، وذلك لأنهم يجدون هناك ارتفاعاً أيضاً في قيمة الإيجارات لديهم».
وقد يفترض الجيران أن المباني الجديدة تتسبب في ارتفاع الإيجارات، وهذا أمر مبرر إذا كانت المباني الجديدة تجذب كثيراً من السكان الأكثر ثراءً، والذين بدورهم يجذبون وسائل الراحة الراقية التي تجعل الحي مرغوباً فيه بشكل أكبر.
وتضيف لي: «السؤال الرئيسي هنا هو: ما التأثير الحقيقي لبناء هذه المباني؟». وقد وجدت لي أن المباني الجديدة في نيويورك تجذب مزيداً من المطاعم والمقاهي في المناطق المجاورة، لكنها خلصت إلى أن أي تأثير قد يؤدي لرفع الإيجارات في المناطق المجاورة لهذه المرافق، سيتم وقفه بسبب زيادة المعروض من المباني، وهو الأمر الذي يؤدي لخفض الإيجارات، كما وجدت أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10 في المائة في المعروض من المساكن، فإن إيجارات العقارات التي تقع على مسافة 500 قدم تنخفض بنسبة واحد في المائة، وذلك مقارنة بالمناطق الأخرى التي يرتفع فيها الطلب.
ولكن يبدو أن هذه الفوائد ستذهب للمستأجرين في المباني الراقية والمتوسطة القريبة، حيث يفترض أن مالكي العقارات يرون منافسة جديدة في الجوار مما يدفعهم لتعديل قيمة إيجارات مساكنهم بما يتناسب مع هذه المنافسة، لكن «لي» وجدت أن المباني الجديدة ليس لها أي تأثير على إيجار العقارات التي تقع على بُعد أكثر من 500 قدم، وأنها لا تؤثر أيضاً على إيجارات الوحدات منخفضة التكلفة القريبة، وذلك لأنه ربما لا يرى ملاك هذه الوحدات الأبراج الفاخرة الجديدة على أنها منافسة لهم بشكل مباشر.
وفي دراسة منفصلة، وجد براين أسكويث وإيفان ماست من «معهد آب جون»، وديفين ريد في «بنك فيلادلفيا الفيدرالي»، مجموعة مماثلة من النتائج في 11 مدينة رئيسية، بما في ذلك أتلانتا وأوستن وشيكاغو ودنفر، وشملت الدراسة المباني الجديدة التي تضم 50 وحدة على الأقل والتي تم بناؤها في أحياء يقطنها ذوو الدخل المنخفض في وسط المدينة، ويقدر هؤلاء الباحثون أن هذه المباني الجديدة تؤدي لخفض الإيجارات بنسبة بين 5 و7 في المائة في المناطق المجاورة بشكل مباشر، وذلك مقارنة بقيمة الإيجارات المتوقعة في حال لم يكن قد تم بناء هذه المباني الجديدة.
ولكن لا تعني الدراسة أن الإيجارات تنخفض بالفعل، إلا إنها تشير، بدلاً من ذلك، إلى أن المباني الجديدة تبطئ وتيرة زيادة الإيجارات في أنواع الأحياء التي يصفها المطورون العقاريون بأنها مرتفعة بالفعل، حيث إنه بحلول الوقت الذي يصل فيه هؤلاء المطورون إلى حي ما، خصوصاً مع وجود خطط لمشاريع كبيرة الحجم، فإنه من المرجح أن ترتفع الإيجارات بشكل سريع.
وعن تفسيره النتائج التي توصل إليها في اجتماع عام بشأن الرؤية السابقة، يقول ماست: «الأثرياء يتطلعون بالفعل إلى الانتقال إلى حي ما، ولذلك فإنه يمكننا بناء ذلك المبنى الذي يمنحهم شكل الوحدة التي يريدون أن يعيشوا فيها، وفي حال لم نفعل ذلك، فإنهم سيقومون بشراء وحدة في مكان قريب ثم سيقومون بتجديدها».
وقد يكون هذا الرأي غير مريح بالنسبة للمقيمين في الأحياء منذ فترة طويلة، خصوصاً أولئك الذين يشعرون بالقلق من التغيرات التي تحدث في أحيائهم والتي تتجاوز فكرة قيمة الإيجارات فقط، لكنه يمثل رداً على نقطة واحدة على الأقل فيما يخص الجدل المثار حول بناء المباني السكنية الجديدة.
ويقول الأستاذ في جامعة نيويورك، إنغريد غولد إيلين: «هذه النتائج تشير ببساطة إلى أن بناء مزيد من المساكن في أحد الأحياء لن يؤدي إلى تفاقم أعباء الإيجار المرتفعة، ولكنه قد يساعد في التخفيف من حدتها».
ويأتي أحد التحذيرات في الأبحاث التي أجراها أنتوني داميانو وكريس فرينير، اللذان يدرسان للحصول على الدكتوراه في جامعة مينيسوتا، حيث قاما بدراسة المباني الجديدة واسعة النطاق التي بنيت في مينابولس، وقد وجدوا أن بناء المساكن الجديدة قد ساعد في تخفيف حدة ارتفاع قيمة الإيجارات للوحدات الراقية القريبة، لكنهم خلصوا إلى أنه في الثلث الأسفل من السوق يكون للمباني الجديدة تأثير معاكس، حيث ترتفع قيمة الإيجار بشكل سريع.
ومن الممكن في بعض السياقات أن يتسبب بناء الشقق الجديدة، التي تباع وفقاً لسعر السوق، في قيام ملاك العقارات في المناطق القريبة بكبح جماح قيمة إيجار شققهم، لكنه قد يتسبب أيضاً في رؤية مجموعة أخرى من الملاك أن قيمة إيجاراتهم تعد قليلة مقارنة بالأسعار الجديدة، ومن المحتمل أن يشعر المستأجرون من ذوي الدخل المنخفض بالغضب من المساكن الجديدة في البداية، وذلك حتى لو كانوا سيستفيدون منها على المدى الطويل، وذلك لأنه مع تقدم عُمر هذه المباني الجديدة، فإن أسعارها تصبح في المتناول.
وبشكل عام، فإن هناك أدلة في هذه الدراسات كافة على أن العرض والطلب يعملان على النحو الذي يتوقعه الاقتصاديون، وذلك حتى على نطاق الحي الواحد، ولكن هناك أيضاً أدلة على تحقيق مخاوف المستأجرين الأكثر فقراً.
ويقول داميانو: «هؤلاء هم الأشخاص الذين مروا بعدد كبير من التجديدات الحضرية، وإنشاء الطرق السريعة، والاستثمار العام في الإسكان، وإخفاقات التخطيط الأوسع والمؤسسات الحكومية على مرّ الأجيال، وأعتقد أن الخوف من مجرد جملة (مبنى جديد) هو خوف حقيقي ومبرر، والأمر متروك للمخططين وصانعي السياسات للنظر إلى تلك المخاوف بشكل جيد».

* خدمة «نيويورك تايمز»