في معرض تشيلسي للزهور... زراعة مائية وحدائق من «فيسبوك» و{آيكيا}

تصميمات تربة مصنوعة بواسطة طابعات ثلاثية الأبعاد

الملكة إليزابيث تتفقد الحديقة التي صممتها دوقة كمبريدج في معرض تشيلسي للزهور برفقة الدوقة والأمير ويليام (إ.ب.أ)
الملكة إليزابيث تتفقد الحديقة التي صممتها دوقة كمبريدج في معرض تشيلسي للزهور برفقة الدوقة والأمير ويليام (إ.ب.أ)
TT

في معرض تشيلسي للزهور... زراعة مائية وحدائق من «فيسبوك» و{آيكيا}

الملكة إليزابيث تتفقد الحديقة التي صممتها دوقة كمبريدج في معرض تشيلسي للزهور برفقة الدوقة والأمير ويليام (إ.ب.أ)
الملكة إليزابيث تتفقد الحديقة التي صممتها دوقة كمبريدج في معرض تشيلسي للزهور برفقة الدوقة والأمير ويليام (إ.ب.أ)

ككل عام، تستقبل لندن أجواءها الربيعية بمعرض للزهور والحدائق يشهد تنافساً بين مصممي الحدائق وتنسيق الزهور على الاشتراك، والحصول على جائزته التي تتمتع بمكانة خاصة جداً. وعرض تشيلسي للزهور (تشيلسي فلور شو) الذي يقام في حديقة مستشفى تشيلسي الملكي بلندن يعد تقليداً بريطانياً محبوباً يحظى بحضور الملكة إليزابيث لافتتاحه سنوياً، ويتبعها أفراد من عائلتها، خصوصاً الأمير تشارلز المعروف بالاهتمام بالبستنة.
وقد زارت الملكة المعرض أمس، وقامت بجولة في حدائق، منها واحدة من تصميم كيت ميدلتون دوقة كمبردج، زوجة حفيدها الأمير ويليام. والمعرض هو الحدث الأبرز في فعاليات تنسيق الحدائق ببريطانيا، وتنظمه جمعية البساتين الملكية التي تضم الملكة إليزابيث في قائمة الجهات الراعية لها.
حديقة كيت، دوقة كمبريدج، حملت عنوان «العودة للطبيعة»، وتعاونت في تنسيقها مع فناني تصوير المناظر الطبيعية أندري ديفيز وآدم وايت. وزارت الدوقة والأمير ويليام وأطفالهما الثلاثة الحديقة، حيث انطلق الأطفال الثلاثة للعب في أرجائها، وظهر جورج وشارلوت ولويس، أطفال كيت وويليام، في مقطع فيديو على حسابهما على «إنستغرام» وهم يلعبون بالأرجوحة، وعند مخبأ خشبي، ويسيرون حفاة الأقدام في جدول ماء. ويظهر لويس، الذي احتفل بعيد ميلاده الأول الشهر الماضي، لأول مرة وهو يسير، وكان يلوح بعصا.
وقال مكتبها إن كيت من المؤيدين بقوة للمنافع النفسية والجسدية التي تعود على الأطفال والبالغين على السواء من الطبيعة والخروج في الهواء الطلق.
وكانت دوقة كمبريدج قد قالت لمحطات بث قبيل افتتاح الحديقة، الاثنين: «إنها مساحة طبيعية ومثيرة حقاً، للأطفال والبالغين على السواء، ليتشاركوها ويستكشفوها». وأضافت: «أشعر حقاً أن للطبيعة والتفاعل في الخارج منافع هائلة على الصحة الجسدية والنفسية، خصوصاً بالنسبة للأطفال الصغار».
اللمسة الملكية تمنح المعرض هالة خاصة براقة، لكن المعرض أيضاً يسعى للاحتفال بالبستنة والزراعة، ويرى فيها علاجاً ناجعاً لكثير من المشكلات الاقتصادية والبيئية. وفي هذا العام، يدخل خط جديد على تصميمات الحدائق من خلال استخدام التكنولوجيا. وكالعادة، جذب العرض عدداً من المشاهير المهتمين بالزراعة والحدائق، مثل الممثلة المخضرمة جودي دنش، والممثل ديفيد ويليامز.
وفي كل عام، هناك ما يبهر محبي البستنة والحدائق في معرض تشيلسي، من آخر صرعات التصميم التي يبرع في تقديمها مهندسو الحدائق. وهذا العام، جذب المعرض الزوار بحديقة دوقة كمبريدج، وحدائق من تصميم شركة آيكيا للمفروشات، وحديقة من تصميم شركة «فيسبوك».
«فيسبوك» قدمت حديقة بعنوان «فيسبوك: ما وراء الشاشة» التي استوحت تصميمها من العلاقة بين الوقت الذي يقضيه مستخدمو موقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت والوقت الذي يقضونه بعيداً عنها.
وفي ظلال التنافس بين المصممين على أكثر الحدائق تميزاً، استخدم المصمم جودي ليغارد الحشائش البرية لحديقتها، لتتميز على الفور عن الحدائق المقلمة بحرص، ويأتي التصميم ضمن الاهتمام العام بالزراعة المائية دون الحاجة للتربة، وعلقت المصممة في حديث لصحيفة «الغارديان» قائلة: «مع استخدام الإضاءة المناسبة، يمكنك زراعة كل ما تريد، حتى لو كنت في شقة شحيحة الضوء».
وفي حديقة ليغارد المعنونة بـ«مونيسوري» للأطفال، استخدمت التكنولوجيا والمساحة المحدودة لإلهام الجمهور بالزراعة، حتى لو لم تكن لديهم حدائق خاصة في المنازل. واستخدمت المصممة صندوق شحن نسقت فيه «صواني» مائية يمكن للأطفال زراعة الخضراوات فيها من دون استخدام تربة.
في حديقة آيكيا التي تحمل عنواناً طموحاً، وهو «البستنة يمكن أن تنقذ العالم»، من تصميم مصمم الحدائق توم ديكسون، يتكون العرض من طبقتين: العليا مغطاة بالنباتات الصالحة للأكل، والطابق الأسفل مختبر لاستخدام طرق الزراعة المائية والهوائية. كما استخدم المصمم أشكالاً مجسمة مصنوعة من التربة بواسطة طابعة ثلاثية الأبعاد. ويؤكد ليغارد أن نظام الزراعة المائية يمكنه أن يلعب دوراً حاسماً في دعم الزراعة المستدامة.
ويرى توني بافيش، المصمم المختص بالجانب التكنولوجي في حديقة توم ديكسون وآيكيا، أن الزراعة المائية هي الحل المستقبلي للأفراد والعائلات، خصوصاً مع تحلل التربة بسبب الزراعة المكثفة. ويضيف للغارديان: «في الأعوام القليلة المقبلة، لن نكون قادرين على الزراعة بسبب تدمير التربة. وأرى في نظام الزراعة المائية طريقة لتسهيل البستنة، تماماً كما فعل الطاهي جيمي أوليفر، حين بسط عملية الطهو للجمهور. وهذا ما نريد تحقيقه؛ أن نجعل البستنة سهلة غير مكلفة مادياً».
وأشرف بافيش على عمل مجموعة من الأكاديميين من يونيفرسيتي كوليدج لندن، وجامعة انزبرك من السويد، الذين قدموا نموذجاً لاستخدام الذكاء الصناعي في الزراعة، عبر تطوير مجسمات من التربة البركانية باستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».