قائد الجيش الجزائري يتمسك بالانتخابات في موعدها ويحذّر من «فراغ دستوري»

القضاء العسكري يرفض الإفراج عن السعيد بوتفليقة والجنرالين مدين وطرطاق ولويزة حنون

الشرطة تحاول تفريق متظاهرين في ساحة البريد المركزي في العاصمة الجزائرية يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
الشرطة تحاول تفريق متظاهرين في ساحة البريد المركزي في العاصمة الجزائرية يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
TT

قائد الجيش الجزائري يتمسك بالانتخابات في موعدها ويحذّر من «فراغ دستوري»

الشرطة تحاول تفريق متظاهرين في ساحة البريد المركزي في العاصمة الجزائرية يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)
الشرطة تحاول تفريق متظاهرين في ساحة البريد المركزي في العاصمة الجزائرية يوم الجمعة الماضي (أ.ف.ب)

أكد قائد الجيش الجزائري الجنرال أحمد قايد صالح، تمسكه بتنظيم الانتخابات الرئاسية في موعدها المحدد يوم 4 يوليو (تموز) المقبل، وحذّر من «فراغ دستوري»، مهاجماً دعاة رحيل رموز حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في حين رفض القضاء العسكري، أمس، طلب محامين الإفراج الموقت عن 4 مسؤولين عسكريين سابقين ومدنيين يواجهون تهماً ثقيلة ينص بعضها على الإعدام.
وقال قايد صالح في منشأة عسكرية جنوب البلاد، أمس، إن «إجراء الانتخابات الرئاسية يضع حداً لمن يحاول إطالة أمد الأزمة»، مشيراً إلى أن «الخطوة الأساسية المقبلة تتمثل في تنصيب وتشكيل الهيئة المستقلة» للإشراف على الانتخابات وتنظيمها. وعدّ أن إجراء الانتخابات في وقتها من شأنه أن يجنّب البلاد الوقوع في «فخ الفراغ الدستوري، وما يترتب عنه من مخاطر وانزلاقات غير محمودة العواقب».
بهذا الخطاب، الذي كانت تترقبه الطبقة السياسية ونشطاء الحراك الشعبي، أكّد الجنرال صالح أن الحل الدستوري للأزمة هو خريطة الطريق الوحيدة التي يؤمن بها بشأن ترتيب المرحلة الانتقالية. أما حديثه عن إطلاق «هيئة جديدة لمراقبة الانتخابات»، فاعتبره مراقبون مجانباً للنصوص القانونية والدستور، لأن «الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات» ككيان مؤسساتي ما زالت قائمة، وقد جاءت بها المراجعة الدستورية التي تمت مطلع 2016، وتم استحداثها بقانون عضوي. وكان الرئيس السابق بوتفليقة قد أقال رئيسها وأعضاءها، وعددهم 410، عندما ألغى الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 أبريل (نيسان) المقبل.
وأظهر قايد صالح، في كلمته، أمس، إصراراً على استمرار رئيس الدولة عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي، في منصبيهما. فقد جاء في خطابه أن «المطالبة بالرحيل الجماعي لكل إطارات الدولة، بحجة أنهم رموز النظام، مصطلح غير موضوعي وغير معقول، بل وخطير وخبيث، يراد منه تجريد مؤسسات الدولة وحرمانها من إطاراتها وتشويه سمعتهم. إن هؤلاء كان لهم الفضل في خدمة بلدهم، على مختلف المستويات، بنزاهة وإخلاص، وليس من حق أي كان أن يحل محل العدالة بتوجيه التهم لهم والمطالبة برحيلهم»، في إشارة إلى رفضه أن يوصف بن صالح وبدوي بـ«بقايا النظام الفساد».
وهاجم قائد الجيش «متآمرين ومن يسير في فلكهم، يريدون قطع الطريق أمام كل الحلول الممكنة، وجعل البلاد تعيش حالة من الانسداد السياسي المقصود، للوصول إلى هدفهم المخطط، وهو الوصول بالبلاد إلى حالة الفراغ الدستوري». ولم يذكر من يقصد بالتحديد، لكن هناك بعض الناشطين ممن يتصدرون واجهة الحراك، يعيبون على الجيش «خوضه المفرط في السياسة»، حسب ما يقولون.
وأضاف قائد الجيش: «أصبحت المسيرات الشعبية مطية سهلة يركبها هؤلاء الأشخاص، للترويج لأفكار لا تخدم الجزائر، ولا تتماشى إطلاقاً مع المطالب الشعبية المرفوعة، ومن هنا يصبح من الضروري والحتمي إعادة النظر في كيفية تنظيم هذه المسيرات، وفي ضرورة تأطيرها بأشخاص من ذوي الحس الوطني المسؤول، الذين يخافون الله في شعبهم ووطنهم ومؤسسات دولتهم، ويعملون على نقل المطالب الشعبية في إطار حوار جاد وبناء مع مؤسسات الدولة».
ويبدو من كلام قائد الجيش أنه غير راضٍ عن طرح فكرة إقامة «مجلس تأسيسي» يحل من كل الهيئات، ويتم اختيار أعضائه بالانتخاب، أو إقامة «مجلس رئاسي» يتكون من شخصيات لم تتول مسؤوليات في النظام السابق وتقود المرحلة الانتقالية. وأصحاب هذا الطرح يرفضون بشدة الانتخابات التي يريدها صالح، فهي في نظرهم ستفرز «رئيساً على مقاس النظام»، بحجة أن الآليات نفسها والكادر البشري الحكومي نفسه، الذي نظم المواعيد الانتخابية السابقة، المزوّرة في نظرهم، سيشرف على الرئاسية الجديدة.
وحسب قايد صالح، فإن «من يريد إبقاء البلاد في حالة انسداد، هم أشخاص وأطراف يتعمدون الدخول في فراغ دستوري، بكل ما يحمله من مخاطر وتهديدات، فالانسداد السياسي والفراغ الدستوري المبرمج في بلادنا عن قصد من بعض الأطراف، هو مسار له تأثيراته الوخيمة على الجانب الاقتصادي والاجتماعي للبلاد، لا سيما في مجال الاستثمارات، والحفاظ على مناصب الشغل وعلى القدرة الشرائية للمواطنين، ويبدو أن هناك من يزعجهم بقاء الدولة متمتعة بهيبتها، واستمرار مؤسساتها في مزاولة مهامها بشكل عادي، على الرغم من هذه الأزمة».
وعن المتحفظين على تمسكه بالمادة 102 من الدستور، التي تأمر بتفعيل الخيار الدستوري في حالة استقالة رئيس الجمهورية، قال قايد صالح: «لقد أثارت هذه المادة تأويلات خاطئة ومغرضة من طرف رؤوس العصابة الذين أحدثوا حولها ضجة من أجل إفشال كل مسعى تتقدم به قيادة الجيش الوطني الشعبي، هؤلاء الذين أظهروا بهذه المواقف أنهم أعداء لكل مسعى ناجح حتى ولو كان لفائدة البلاد». و«العصابة» مفهوم أطلقه قايد صالح نفسه على جماعة محيطة بالرئيس السابق، وكان يقصد أساساً السعيد بوتفليقة، المسجون حالياً، وكذلك مديري المخابرات السابقين، المسجونين أيضاً، الجنرال محمد مدين والجنرال عثمان طرطاق. لكن لم يصرح أي منهم علناً بأي شيء يخص المادة 102 التي تفيد بأن رئيس مجلس الأمة يتولى رئاسة الدولة لمدة 3 أشهر بعد استقالة رئيس الجمهورية، على أن تنتهي فترة رئاسته بتنظيم الانتخابات.
وقال قايد صالح، بنبرة حادة، وفي إشارة يبدو أنها تعني العسكريين المتقاعدين مدين وطرطاق، إن «مسارهم الوظيفي والمهني يشهد على أنهم لم يقدموا أي شيء لهذا الجيش، لأنهم وببساطة قد انشغلوا أساساً بتحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة بعيداً عما يمليه عليهم واجبهم الوطني تجاه الجيش والوطن، ويبدو أن حقدهم على الجيش وقيادته بلغ درجة أنهم أصبحوا فعلاً منزعجين من هذه الأشواط التطويرية التي قطعها جيشنا على أكثر من صعيد، هذا الانزعاج الذي وصل إلى حدود خطيرة هدفها الواضح هو محاولة إضعاف الجيش، والوقوف مانعاً أمام هذا الجهد التطويري المعتبر، متجاهلين أن من يقف في طريق الجيش الوطني الشعبي وقيادته، ويعمل على عرقلة جهوده، هو بالضرورة يقف ضد مصلحة الجزائر». وأضاف: «هؤلاء تم تعيينهم في وظائف سامية، وبدلاً من أن يجعلوا من هذه الوظائف وهذه المناصب التي يشغلونها، فرصة يؤكدون عبرها إخلاصهم لجيشهم ووطنهم من خلال عمل ميداني ومثمر، بدل كل ذلك، فإنهم تفننوا في استغلال مزايا وظائفهم وتسخيرها أساساً لخدمة أغراضهم الشخصية، معتقدين وهم مخطئون، أن مواصلة، بل الإصرار، على نسج الدسائس والمؤامرات، سيكفل لهم النجاة مما يقترفون، إننا نحذرهم أشد التحذير بأن الدولة الجزائرية قوية بقوانينها وبشعبها وبجيشها، الذين يمثلون سداً منيعاً لحماية الجزائر، هذا الوطن المفدى والغالي، من كيد هؤلاء الذين يريدون دون وازع وطني إدخال الجزائر في متاهات مجهولة العواقب».
ويشير قائد الجيش إلى سجنهم، فيقول: «لا شك أن ما أصاب رؤوس الفتنة، التي انكشف أمرها وأمر أعمالها الإجرامية والخبيثة والمضرة بالجزائر، هي الآن تنال جزاءها العادل والمنصف بالحق والقانون، وسوف يكون المصير ذاته، إن شاء الله تعالى، لكل الذين تورطوا في التآمر على الجيش الوطني الشعبي وعلى الجزائر، من خلال ما اقترفوه من أعمال إجرامية، هؤلاء الذين ستكشفهم مستقبلاً التحقيقات المعمقة والمثابرة الجارية، وسينالون هم أيضاً جزاءهم العادل والمنصف بالحق والقانون».
وتهمة «التآمر على سلطة الجيش والدولة»، وجهها القضاء العسكري لمدين والسعيد وطرطاق، ولزعيمة «حزب العمال» لويزة حنون، التي توجد بالسجن أيضاً. والمتهمون الأربعة، رفضت غرفة الاتهام بمجلس الاستئناف العسكري، أمس، طلب محاميهم الإفراج الموقت عنهم. وقال بوجمعة غشير محامي حنون لـ«الشرق الأوسط»، «لقد أيّدت غرفة الاتهام قرار قاضي التحقيق العسكري إيداع حنون الحبس المؤقت، ولكن لدينا فرصة أخرى للطعن».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.