زيلينسكي يدشن ولايته الرئاسية بحل البرلمان وإطلاق حرب على الفساد

قوبل بعاصفة من التصفيق في ساحات أوكرانيا... وباستياء في موسكو

زيلينسكي يحمل صولجاناً أمام النواب أمس (إ.ب.أ)
زيلينسكي يحمل صولجاناً أمام النواب أمس (إ.ب.أ)
TT

زيلينسكي يدشن ولايته الرئاسية بحل البرلمان وإطلاق حرب على الفساد

زيلينسكي يحمل صولجاناً أمام النواب أمس (إ.ب.أ)
زيلينسكي يحمل صولجاناً أمام النواب أمس (إ.ب.أ)

أدّى الرئيس الأوكراني المنتخب فلاديمير زيلينسكي اليمين الدستوري أمس، ودشّن ولايته الرئاسية برزمة قرارات عكست التزامه بالوعود الانتخابية التي أوصلته الشهر الماضي إلى مقعد الرئاسة بنسب تأييد غير مسبوقة في الجمهورية السوفياتية السابقة، إذ صوت له نحو 73 في المائة من الناخبين الأوكرانيين.
وحول الرئيس «القادم من الشعب»، كما أطلق على نفسه، مراسم تنصيبه إلى مهرجان شعبي واسع لتأكيد الثقة به، إذ تعمد أن يقطع المسافة إلى مبنى البرلمان وسط العاصمة الأوكرانية كييف ماشياً على قدميه، وصافح ألوف المؤيدين الذين احتشدوا على الطريق لتحيته، وتوقف مرات عدة ليلتقط صوراً تذكارية مع عدد منهم. كما نقلت شاشات عملاقة نصبت في الساحات العامة في كييف ومدن أخرى خطاب القسم الدستوري مباشرة، مما أثار عاصفة من التصفيق وترديد مشاعر الارتياح بعد كل عبارة عكست التزامه بالوعود التي تعهد بتنفيذها خلال حملته الانتخابية.
وأدى زيلينسكي اليمين الدستورية واضعاً يده على النسخة الرسمية من دستور أوكرانيا وإنجيل بيرسوفنيتسا للقرن السادس عشر، الذي يعتبر أول ترجمة للإنجيل إلى اللغة الأوكرانية. وبدأ الرئيس الجديد خطابه بكلمات مزجت بين الحماسة والعاطفة، مما عكس عزمه على استغلال التأييد الشعبي الكبير، والظهور كرئيس من طراز مختلف عن الزعماء التقليديين الذين سبقوه. فهو استذكر ابنه في عباراته الأولى، وقال لمواطنيه: «بعد الانتخابات مباشرة، قال لي ابني البالغ من العمر ست سنوات إنه سمع على شاشة التلفزيون أن الرئيس اسمه زيلينسكي، وسأل: إذن، أنا الرئيس أيضاً؟ وأدركت بعد ذلك أن عبارته المازحة تعكس حالنا، لأننا كلنا اليوم رؤساء لأوكرانيا، وليس فقط الـ73 في المائة الذين صوتوا لصالحي. اليوم، كل واحد منا مسؤول عن أوكرانيا التي نبنيها لأطفالنا، يمكن للجميع أن يفعلوا شيئاً من أجل البلاد». وتعهد الالتزام بدستور أوكرانيا وقوانينها، والوفاء بواجباته تجاه الشعب، وفقاً لمصالح المواطنين.
وكان بين الحضور في مبنى البرلمان كل من بيترو بوروشينكو الذي انتهت أمس صلاحياته كرئيس لأوكرانيا، وثلاثة من الرؤساء السابقين لأوكرانيا: ليونيد كرافتشوك وليونيد كوتشما وفيكتور يوشينكو.
وتمت دعوة أكثر من 50 ضيفاً أجنبياً إلى الحفل، بينهم رؤساء خمس دول (هنغاريا ولاتفيا وليتوانيا وإستونيا وجورجيا)، بالإضافة إلى ممثلين عن حلف النافو والمفوضية الأوروبية. وحضر من الولايات المتحدة الممثل الخاص للولايات المتحدة لدى أوكرانيا كورت ووكر، ووزير الطاقة ريك بيري، فيما لم توجه الدعوة إلى ممثلين عن روسيا.
وفي انتقاد لاذع وجهه إلى الحكومة السابقة، رأى زيلينسكي أنه «كان الأنسب أن تجري مراسم التنصيب في يوم عطلة أسبوعية حتى لا يتطلب الأمر حظر حركة المرور في العاصمة، وإصابتها بالشلل، ما تسبب بإزعاجات لكثير من المواطنين». وأردف فوراً: «ما دمتم لم توافقوا على اقتراحي، وجعلتم مراسم التنصيب في يوم عمل عادي، فإنني أبلغكم أنه لن تكون هناك احتفالات عامة بالمناسبة، وسوف نخرج من هنا لنواصل أعمالنا فوراً».
لكن هذه لم تكن العبارة الوحيدة التي دغدغ فيها زيلينسكي مشاعر المواطنين، وأثارت ارتياحاً واسعاً انعكس في هتافات الشارع، وفي موجات التصفيق الطويلة التي قاطعت كلماته مراراً. فهو طلب من المسؤولين الأوكرانيين ألا يضعوا صور الرئيس في المكاتب الرسمية لأن «الرئيس ليس أيقونة، وليس معبوداً»، وقال إن عليهم أن يرفعوا بدلاً منها صور أطفالهم من أجل «أن تنظروا إلى عيونهم في كل مرة قبل أن تتخذوا أي قرار من قراراتكم».
وتحدث عن «الخيار الأوروبي» بالنسبة إلى بلاده، واصفاً «الطريق الأوكراني إلى أوروبا» بأنه «حلم مشترك». وفي المقابل، رأى أن الصراع في شرق البلاد هو «وجعنا المشترك». ولم يمر الخطاب من دون أن يذكر أصوله اليهودية. وفي معرض حديثه عن المستقبل، قال زيلينسكي: «أتذكر المنتخب الأيسلندي في بطولة العالم، علينا أن نصبح أيسلنديين في كرة القدم، وإسرائيليين في الدفاع عن أمننا، وسويسريين في القدرة على العيش بعضنا مع بعض. ومهمتنا الأولى ذات الأولوية هي وقف الصراع في دونباس (الشرق الأوكراني)».
وأشار زيلينسكي إلى أنه مستعد للتضحية بشعبيته وبموقع الرئاسة من أجل «إيقاف الحرائق في جنوب شرقي البلاد»، مشدداً على أن ما لا يرضى به أبداً هو التخلي عن أراضي أوكرانيا. وشكلت هذه إشارة مباشرة إلى القرم، قوبلت كذلك بعاصفة من التصفيق. وفي الوقت نفسه، شدد على أن هذا يجب أن يحدث دون فقدان الأراضي، وهو ما قوبل أيضاً بالتصفيق. وأكد بعدها أن عودة القرم إلى أوكرانيا حتمية، موضحاً: «من المستحيل أن ترضى بخسارة ما هو لك بالفعل».
وقال الرئيس المنتخب عن الحرب في شرق البلاد إن «القصة غير عادلة، لكنها حقيقة. لم نبدأ هذه الحرب، لكننا سننهيها بالتأكيد». لكنه وجه في المقابل رسالة طمأنة إلى الأوكرانيين الناطقين بالروسية، معرباً عن استعداد لتوسيع مساحة الحوار. ووجه رسالة مماثلة إلى موسكو، مشترطاً لبدء الطريق نحو الحوار «عودة جميع السجناء الأوكرانيين».
وفي إشارة إلى بدء عهده بقرارات حاسمة، طلب زيلينسكي من نواب مجلس الرادا (البرلمان) البدء «على الفور بإلغاء قانون الحصانة البرلمانية، واعتماد قانون الإثراء غير القانوني».
كما أعطى النواب مدة شهرين لإقالة رئيس جهاز الأمن في أوكرانيا ووزير الدفاع في البلاد. وفي وقت سابق أمس، قدم رئيس إدارة أمن الدولة فاسيلي غريتساك وجميع نوابه استقالتهم، علماً بأن هذه الإقالات كانت مطلباً شعبياً واسعاً تحدث عنه زيلينسكي كثيراً خلال حملته الانتخابية.
وأعلن زيلينسكي أيضاً عن حل البرلمان الأوكراني، والشروع بإطلاق حملة انتخابية نيابية جديدة.
وخاطب النواب والأوكرانيين الذين احتشدوا في الساحات، قائلاً: «انتخابي يثبت أن المواطنين قد سئموا من السياسيين التقليديين، نحن نصنع بلداً بخيارات أخرى، حيث توجد قواعد عادلة شفافة للعبة، والقانون واحد على الجميع».
ودعا الحكومة الحالية إلى أن «تترك مقاعدها لأولئك الذين سوف يفكرون بالأجيال القادمة».
ولم ينسَ الرئيس المنتخب أن يذكر في نهاية خطابه بمهنته الأصلية كممثل هزلي، وقال إنه «حاول طوال حياته أن يفعل كل شيء لرسم البسمة على وجوه الأوكرانيين»، ووعد بـ«بذل كل شيء في السنوات الخمس المقبلة حتى لا يبكي الأوكرانيون».
وفي مقابل الحماسة الكبرى التي استقبل بها الأوكرانيون رئيسهم الجديد، برز استياء روسي وتحفظ بسبب كلماته عن الوضع في شرق البلاد، وعن القرم. وقال نواب روس إن تعمد زيلينسكي أن يوجه بعض العبارات عن الحوار مع الشرق الأوكراني باللغة الروسية لن تكون مفيدة، في حين رأى وزير الخارجية سيرغي لافروف أنه كان على زيلينسكي أن يبدأ الحديث عن التسوية في الشرق بتأكيد مبدأ تبادل السجناء «الكل مقابل الكل». ودعت وزارة الخارجية الروسية زيلينسكي إلى «الانطلاق من اتفاقات مينسك للتهدئة في شرق البلاد»، في رفض غير مباشر لدعوته لفتح حوار بين الانفصاليين والسلطة في كييف.
وكان الكرملين قد أكد أن الرئيس فلاديمير بوتين لا ينوي توجيه تهنئة إلى فلاديمير زيلينسكي على توليه منصبه، ولا يخطط لأي اتصالات معه في المستقبل القريب. وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف: «سيهنئ الرئيس بوتين الرئيس زيلينسكي على نجاحاته الأولى في حل الصراع الداخلي في جنوب شرقي أوكرانيا، وكذلك على نجاحاته الأولى في تطبيع العلاقات الروسية - الأوكرانية». وأشار إلى أنه في حال حدوث مثل هذه النجاحات «سنراها بالعين المجردة».
وتعليقاً على كلمات زيلينسكي حول نية إعادة شبه جزيرة القرم إلى أوكرانيا، قال بيسكوف إن «مسألة ملكية شبه جزيرة القرم غير مطروحة على الطاولة، ولا يمكن أن تطرح»، مشيراً إلى أن القرم «واحدة من مناطق الاتحاد الروسي».



باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
TT

باريس بعد تهديدات ترمب: سنرد إذا تعرضت مصالحنا التجارية للضرر

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو (أ.ف.ب)

حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، أمس (السبت)، من أنه «إذا تعرضت مصالحنا للضرر فسوف نرد»، في وقت ينذر فيه وصول دونالد ترمب إلى السلطة في الولايات المتحدة بعلاقات تجارية ودبلوماسية عاصفة بين واشنطن والاتحاد الأوروبي.

وقال بارو في مقابلة مع صحيفة «ويست فرنس»: «من لديه مصلحة في حرب تجارية بين الولايات المتحدة وأوروبا؟ الأميركيون لديهم عجز تجاري معنا، ولكن العكس تماماً من حيث الاستثمار. فكثير من المصالح والشركات الأميركية موجود في أوروبا».

وأضاف: «إذا رفعنا رسومنا الجمركية، فستكون المصالح الأميركية في أوروبا الخاسر الأكبر. والأمر نفسه ينطبق على الطبقات الوسطى الأميركية التي ستشهد تراجع قدرتها الشرائية».

ووفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، فقد حذر بارو قائلاً: «إذا تأثرت مصالحنا، فسوف نرد بإرادة من حديد».

وتابع: «يجب أن يدرك الجميع جيداً أن أوروبا قررت ضمان احترام العدالة في التبادلات التجارية. وإذا وجدنا ممارسات تعسفية أو غير عادلة، فسنرد عليها».

وقد هدد ترمب الذي يعود إلى البيت الأبيض، الاثنين، الأوروبيين بفرض رسوم جمركية شديدة جداً. وهو يتوقع خصوصاً أن يشتري الاتحاد الأوروبي مزيداً من النفط والغاز الأميركي ويقلل من فائضه التجاري مع الولايات المتحدة.