بوادر انشقاق في «الأصالة والمعاصرة» المغربي

TT

بوادر انشقاق في «الأصالة والمعاصرة» المغربي

أعلن حزب «الأصالة والمعاصرة» المغربي المعارض اعتزامه محاسبة عدد من أعضائه لـ«إخلالهم» بقوانين الحزب و«أخلاقيات العمل السياسي»، وذلك بعد تعثّر عقد أول اجتماع للجنة التحضيرية لمؤتمره العام الرابع بسبب تفاقم الخلافات بين التيار المؤيد لحكيم بن شماش، الأمين العام الحالي، والتيار المناوئ له الذي تقوده فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة المجلس الوطني للحزب (برلمان الحزب)، ومحمد الحموتي، رئيس مكتبه الفيدرالي.
في غضون ذلك، دعا بن شماش إلى اجتماع طارئ للمكتب السياسي للحزب لبحث تداعيات فشل عقد أول اجتماع للجنة التحضيرية لمؤتمره العام الرابع المقرر تنظيمه في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بعدما كان مرجحاً عقده في يونيو (حزيران) أو يوليو (تموز) المقبلين. وكان مقرراً أن يجري انتخاب رئيس للجنة التحضيرية للمؤتمر الرابع للحزب المغربي المعارض في اجتماع عُقد السبت، إلا أن عدم التوافق حول إجراءات الانتخاب دفع بن شماش إلى رفع الجلسة وتأجيل الاجتماع إلى موعد لاحق، إلا أن أعضاء من الحزب من المناوئين له واصلوا عقد الاجتماع وانتخبوا رئيساً للجنة هو سمير كودار.
واعتبر أنصار بن شماش، في بيان أصدروه بعد منتصف الليلة قبل الماضية، انتخاب كودار «غير شرعي»، وعدّوا استحواذ رئيس المكتب الفيدرالي للحزب على المنصة بأنه «سلوك لا يحترم سلطة المؤسسات الحزبية، ويخرق قواعد العملية الانتخابية» وهو ما يستوجب «المحاسبة وفقاً للضوابط التنظيمية والتأديبية والسياسية» للحزب، حسب بيان حمل عنوان «بيان الشرعية والمسؤولية».
في المقابل، هنأ كل من المنصوري والحموتي كودار على انتخابه رئيساً للجنة التحضيرية، وقالوا إنه جرى بأغلبية الأعضاء وبتصويت علني و«بفضل عزيمة وصمود الجميع وحرصهم على احترام السلوكيات الديمقراطية التي تتماشى وأنظمة وقوانين الحزب»، وذلك في خطوة تصعيدية بين التيارين اعتبرها متتبعون دليلاً على أزمة حادة وغير مسبوقة يعيشها الحزب قد تعصف بوحدته وتؤدي إلى انشقاقه.
وأعربت خديجة الكور، الناطقة باسم «الأصالة والمعاصرة»، عن استنكار الحزب واستهجانه لـ«هذا السلوك الذي يشوّه الممارسة الحزبية في مرحلة دقيقة يمر منها وطننا».
وقالت: «نستهجن أيضاً كل المغالطات التي تم الترويج لها في الإعلام، حيث قام أحد الأشخاص بتنصيب نفسه رئيساً للجنة التحضيرية والتحدث باسمها وتوقيع بيانات على أنه رئيس اللجنة التحضيرية، والحال أنه لم يتم انتخابه ولا يمكن انتخابه بعد أن تم رفع الجلسة من قبل السيد الأمين العام».
وأوضحت الكور حيثيات ما جرى، وقالت إنه بعد انسحاب الأمين العام من القاعة، ومعه غالبية أعضاء وعضوات اللجنة التحضيرية «سمح رئيس المكتب الفيدرالي لنفسه بأن يعلن افتتاح جلسة أخرى ترأسها في خرق سافر لمقتضيات النظام الأساسي والداخلي للحزب، وفي مصادرة سافرة لاختصاصات الأمين العام فيما يتعلق بترؤس وتسيير أشغال اللجنة التحضيرية». وأشارت إلى أنه في غياب الغالبية المطلقة لأعضاء وعضوات اللجنة التحضيرية الذين انسحبوا من القاعة بعد رفع الجلسة، «تم تقديم مرشح واحد، جرى، بحسب ادعاءات كاذبة، التصويت عليه بأغلبية مطلقة. والحال أن عدد الحضور بالقاعة لم يكن يتعدى 30 شخصاً على الأكثر، وفي ذلك ضرب للديمقراطية الداخلية، وضرب أيضاً لمشروعية المؤسسات».
من جهتهم، أعلن الموقعون على بيان «الشرعية والمسؤولية» تشبثهم بالمشروع السياسي للحزب الذي يعد مقرباً من السلطة «بوصفه مشروعاً حداثياً تقدمياً، ورسالة مجتمعية نبيلة» و«التصدي بحزم لكل أشكال الابتزاز والمساومات الرخيصة، والإعمال الصارم لقواعد المحاسبة».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.