3 طهاة يضيئون شراع «برج العرب» بنجومهم

في خطوة لتعزيز موقع دبي على خريطة ذواقة الطعام

جوزيه سيلفا مع فريقه الجديد في {برج العرب}
جوزيه سيلفا مع فريقه الجديد في {برج العرب}
TT

3 طهاة يضيئون شراع «برج العرب» بنجومهم

جوزيه سيلفا مع فريقه الجديد في {برج العرب}
جوزيه سيلفا مع فريقه الجديد في {برج العرب}

فندق لا يشبه سواه، هندسة لم يسبق لها مثيل، مسكن بمثابة معلم سياحي تلتقط له الصور أكثر من أي فندق آخر في العالم على وسائل التواصل الاجتماعي... هذا هو باختصار فندق برج العرب في دبي الذي سحر العالم منذ افتتاحه عام 1999 ليصبح اليوم قبلة الزائرين والساكنين والذواقة على حد سواء.
النجاح صعب ولكن الاستمرارية أصعب، والتجدد الدائم هو المفتاح الرئيسي في استمرارية ذلك النجاح صعب المنال، وهذا ما تسعى إليه مجموعة «جميرا» التي تحتضن البرج العملاق تحت مظلتها، وفي خطوة لركوب البرج الذي صمم على شكل شراع موجة العصرية والتجدد، كان لا بد من التركيز على أقوى نقطة وأكثرها عصرية، ألا وهي الطعام، خصوصاً أن الأنظار اليوم كلها موجهة على دبي كونها تمشي في الطريق الصحيحة للحصول على لقب أحدث مدينة لذواقة الطعام في العالم نسبة لما تضمه من مطاعم عالمية تفوقت على فروعها الأصلية.
وبما أن مجموعة «جميرا» تنافس فنادق الإمارات من حيث عدد ونوعية المطاعم التي تضمها، فكان لا بد من تقوية العيار من خلال جلب 3 من ألمع الأسماء في عالم الطهي مع ما مجموعه 7 نجوم ميشلان إلى فندق برج العرب الذي يركز حالياً على الطعام وتجديد مبدأ المطاعم الموجودة فيه أصلاً.
وللتعرف على نجوم الطهي الذين انضموا إلى قافلة البرج العملاق التقت «الشرق الأوسط» جوزيه سيلفا الرئيس التنفيذي لمجموعة «جميرا» في ردهة فندق برج العرب قبل ساعات من الإعلان الرسمي عن مخطط الفندق فيما يخص المطاعم فيه وإعادة هيكلتها، واستهل سيلفا حديثه بالقول إن «الطعام في أيامنا هذه أصبح من أولويات الناس، وهنا نتكلم عن الطعام الجيد والمطاعم المميزة، وهناك حنين واضح لفترة الثلاثينات عندما كان الناس يعتبرون الأكل خارج البيت بمثابة مناسبة اجتماعية يرتدون خلالها أفضل الملابس ويتوجهون إلى المطاعم التي تقدم إلى جانب الطعام الجيد أجواء موسيقية جميلة». وبحسب سيلفا، «اليوم يتطلع الناس إلى هذا النوع من المطاعم، فما هو متوفر كثير والمطاعم كثيرة والبقاء للمتجدد والأفضل، فعلى عكس فترة الستينات والسبعينات التي كانت تقتضي على الأكل في المطاعم فقط، اليوم يرنو الذواقة إلى الأماكن المريحة التي تقدم الطعام اللذيذ، وفي بعض الأحيان أكل الشارع في قالب عصري وحديث وراقٍ بالوقت نفسه».
وعن مخطط برج العرب الجديد، يقول سيلفا إن الفندق لطالما تعامل مع أسماء كبرى في عالم الطهي أمثال الطاهي البريطاني غوردن رامسي، واليوم كان لا بد من دعم قطاع المطاعم في الفندق، لأن هذا الأخير هو معلم أكثر منه مكان للإقامة، ودبي اليوم تعتبر من أهم المدن حول العالم، من حيث عدد المطاعم ونوعيتها، وهدف برج العرب هو أن تكون مطاعمه ليست مخصصة للنزلاء فقط، إنما للذواقة الباحثين عن الأفضل والخيارات الكثيرة، ولهذا السبب وقع خيار إدارة الفندق على 3 من بين ألمع الأسماء في عالم الطاهي على المستوى العالمي؛ وهم الشيف فرنكي سيمبلانت (Francky Semblat) وفي جعبته 23 عاماً من الخبرة والعمل في أهم مطاعم باريس وتتلمذ على يد الشيف جويل روبوشون ليعمل بعدها في مكاو وشنغهاي ويتميز بأسلوبه العصري في تحضير الأطباق الفرنسية التي تعتمد على التقنية، ولكنه وبفضل عمله في مدن كبرى حول العالم استطاع كسب شهرة عالمية كونه يجمع بين حرفية الطهاة الفرنسيين والتركيز على المنتج والنكهة.
والطاهي الثاني هو الشيف كاسبر كوردهال (Kasper Kurdhal) حامل نجمة ميشلان للتميز لأكثر من 25 عاماً، وسيتولى الشيف كوردهال مطعم المحارة في «برج العرب»، حاملاً إليه خبرة واسعة حصل عليها من خلال عمله في «لو شاليه دو لا فوريه» في بروكسل وعمله أيضاً في نيويورك وإيطاليا وإسبانيا واليابان وفرنسا وألمانيا.
الطاهي الثالث الذي انضم إلى قافلة الطهي في برج العرب هو الشيف كيم جوانيه - مورين (Kim Joinie - Maurin) الذي عمل على مدى 13 عاماً مع الشيف جويل روبوشون في باريس، وهذا الشيف تميز أطباقه أصوله، فهو يتحدر من أصول كورية جنوبية وولد في جنوب فرنسا، جامعاً في ذلك ثقافتين مختلفتين تماماً عن بعضهما، وترجم هذا الاختلاف في أطباقه المميزة التي تحمل سمات التقنية الفرنسية والنكهة الآسيوية، ويقول سيلفا هنا معلقاً: «هذا هو السبب الذي جعل برج العرب يختار هؤلاء الطهاة، لأنهم مميزون ولديهم خبرة للتعامل مع الطعام من أكثر من وجهة ومدينة».
وتكلم سيلفا عن مخططات مجموعة «جميرا» وشرح أنها لا تقتصر فقط على «برج العرب»، إنما على باقي فنادق المجموعة حول العالم، من الصين إلى لندن، والتركيز الأهم اليوم على الطعام في الفنادق وتقديم الأفضل في ظل المنافسة القوية، لا سيما ما بين مطاعم دبي التي تحتضن أهم مطاعم العالم.
عندما يتكلم سيلفا عن الطعام ترى تقاسيم وجهه تتبدل، فيبدو سعيداً ومبتسماً وحبه للطعام وإلمامه به يفسر هذا الشغف الذي لا بد أن يثمر نجاحاً باهراً في «برج العرب» وباقي مطاعم المجموعة، فهو يأتي من خلفية ملكية مطعم ويصمم بنفسه أطباق مطعم «سامر سولت» (Summer Salt) الواقع على شاطئ مدينة جميرا، فهو من أنصار مطاعم كويا وزوما ونوبو والصفة المشتركة الجامعة بين تلك المطاعم هي النكهات الآسيوية المدعومة بالتقنية الأوروبية، ويشرح هنا أن نكهات بيرو آخذة في التغلغل في الأطباق العالمية لأنها بسيطة وغنية بالوقت نفسه. وبالعودة إلى الأجواء، يشدد سيلفا من جديد على أهمية جو المطعم الحيوي دون أن تصبح الموسيقى فيه مصدر إزعاج، ففي هذه الأيام تعاني بعض المطاعم من الضجيج والصخب، فإيجاد معدل متوسط يضفي على المكان الحيوية من دون الإزعاج هو الخلطة السحرية لنجاح المطعم.
وتسعى المجموعة أيضاً لتبادل الطهاة العاملين في مطاعمها، وبهذا تصبح جميع المطاعم التابعة لها على المستوى نفسه، ومن المنتظر إرسال أحد الطهاة البارزين من دبي إلى لندن، حيث تسعى المجموعة لتحسين مشهد الطعام في مطعمها في العاصمة البريطانية.
وعن مطاعم «برج العرب» الجديدة، يقول سيلفا إنها ستكون كلها عالمية وستكون الأطباق مبسطة، فعصر الفلسفة المفرطة في الطعام ولى وأصبح الذواقة تواقين أكثر إلى الطعام الحقيقي والبسيط والمفعم بالنكهة، والأهم أن تكون الأطباق صحية أيضاً، فاليوم هناك توجه كبير نحو الأكل الصحي، وهذا ما سيسعى الطهاة الجدد في برج العرب إلى تطبيقه في أكلاتهم المبتكرة.
وسيكون هناك كثير من التفاعل مع الذواقة، فهذا الأمر مهم جداً، وهذا ما نجح به التركي نوسريت في مطاعمه التي يقدم فيها لحم الواغو في أجواء جميلة ومرحة، ذواقة اليوم لا يأبهون للسعر ما دامت الخدمة مميزة والنوعية جيدة.
الشيف فرانكي سيتولى مهمة تغيير مفهوم الأكل في مطعم «المنتهى» بإطلالته البانورامية في الطابق الأخير، وسيلتزم بأسلوب الشيف جويل روبوشون الذي يعتمد على البساطة وعدم التكلف بأسعار مدروسة، ويقول سيلفا: «الأكل الجيد يجب أن يكون متاحاً للجميع وليس للطبقة الميسورة فقط».
وختم سيلفا كلامه بالقول إن فريق العمل المتناغم في أي مطعم هو سر النجاح والشهرة، اختيار الطاهي مهم، وما يساويه أهمية هو اختيار مدير المطعم الذي يعتبر الواجهة الرئيسية ووجوده يجذب الزبائن ويجعلهم يشعرون بالألفة، وأعطى مثالاً على ذلك في مطعم «سامر سولت» المميز بأكله وفريق العمل فيه الذي يترأسه مدير فرنسي نشيط يتقن فن الضيافة ولديه القدرة على مساعدة الزبائن في اختيار الأطباق، لأنه على دراية تامة بكل الأطباق وغالبية الزبائن تواظب على المجيء، وهذه العلاقة التي تجمع الزبون بمدير المطعم هي من أسرار النجاح في عالم الطعام والمطاعم والأجواء الجيدة في أي مكان مهمة جداً، تماماً مثل الطعام وجودة الأطباق.



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)
ديكور أنيق ومريح (الشرق الاوسط)

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.