انتقد الرئيس دونالد ترمب وسائل الإعلام الأميركية في تغطيتها التي وصفها بـ«الاحتيالية» و«غير الدقيقة» للأزمة مع إيران، في ظل تصاعد كبير للتوتر في منطقة الخليج.
وقال ترمب صباح الجمعة عبر حسابه على «تويتر» إن «الأخبار المزيفة تضر بلادنا من خلال تغطيتها الاحتيالية وغير الدقيقة لإيران»، مشيراً إلى أن التقارير المنشورة عن الخطوات الأميركية ضد إيران لم تستند إلى مصادر واعتبرها ملفقة وخطيرة. لكنه رأى أن الجانب الإيجابي في ذلك هو أن إيران لا تعرف بما تفكر فيه الولايات المتحدة. وقال: «في هذه النقطة ربما يعدّ ذلك شيئاً جيداً للغاية». وسبق أن غرّد ترمب يوم الأربعاء مشيراً إلى رغبة إيران في التحدث إليه في وقت قريب.
وجاء كلام ترمب في وقت نقلت فيه «رويترز» عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أن الولايات المتحدة في انتظار تواصل إيران، لكنها لم يصل إليها أي رسائل منها بعد تشير إلى استعدادها قبول مقترحات الرئيس الأميركي بعقد محادثات مباشرة. وأضاف المسؤول لمجموعة صغيرة من الصحافيين: «نعتقد أن علينا تخفيض التصعيد والدخول في مفاوضات».
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، أمس، إن الولايات المتحدة تأخذ على محمل الجد الانتهاكات المزعومة للعقوبات الإيرانية وستتخذ إجراء إذا لزم الأمر. وجاء ذلك رداً على سؤال بشأن ناقلة تقوم بتفريغ زيت وقود إيراني في ميناء صيني. وكانت «رويترز» ذكرت الخميس، أن ناقلة تحمل نحو 130 ألف طن من زيت الوقود الإيراني أفرغت شحنتها في صهاريج للتخزين بالقرب من مدينة تشوشان الصينية.
وقال المتحدث في رد عبر البريد الإلكتروني: «الولايات المتحدة تأخذ كل الأنشطة التي تستوجب العقوبات بجدية وستتخذ إجراءات مناسبة. نحن ملتزمون بفرض عقوباتنا خصوصاً تلك المرتبطة بقطاعي النفط والبتروكيماويات الإيراني». وقال إن الوزارة على علم بتقرير محدد عن ناقلة لكنه رفض التعليق عليه.
في غضون ذلك، أعلن مسؤولون عسكريون في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أمس، أن المدمرتين «يو أي أي ماكفول» و«كونزاليز» وصلتا إلى مضيق هرمز. وأوضحوا أن نشر المدمرتين مع سفن شحن وذخيرة في منطقة عمليات الأسطول الخامس الأميركي، مساء الخميس، تم دون أي «مضايقات»، في إشارة إلى زوارق «فيلق القدس» و«الحرس الثوري» الإيراني في مياه الخليج.
وتنضم هذه السفن إلى قطع عسكرية أخرى أبرزها حاملة الطائرات «أبراهام لينكولن». وأشار مسؤولو «البنتاغون» إلى نقل سفينة الشحن البرمائية «يو أي أي ارلينغتون» وبطارية صواريخ أرض - جو من طراز «باتريوت» إلى منطقة الشرق الأوسط أيضاً.
وقال مسؤول بوزارة الدفاع للصحافيين صباح أمس (الجمعة)، إن عبور المدمرتين مضيق هرمز يُعد أهدأ عبور شهدته المعدات العسكرية الأميركية منذ وقت طويل، في إشارة إلى خطوات مستمرة للجانب الأميركي لتعزيز الوجود العسكري في المنطقة رغم التصريحات العلنية من واشنطن وطهران برغبتهما في تجنب شن صدام عسكري. وتتزايد مستويات التوتر في الخليج بسبب التحركات العسكرية الأميركية والتصريحات الإيرانية التي هددت بضرب السفن الأميركية في الخليج العربي بصواريخ قصيرة المدى.
وأفاد مسؤولون بوزارة الدفاع بأن «البنتاغون» سيفرج عن صور استخباراتية تؤكد أن الإيرانيين نشروا زوارق تحمل الصواريخ في مياه الخليج العربي. وقال مسؤول عسكري إن التهديدات الإيرانية تشمل نقل الصواريخ البرية إلى مواقع لإطلاق النار على القوات الأميركية في العراق مع وجود طائرات من دون طيار قد تستهدف أو تهاجم مواقع لقوات أميركية أو أصول أميركية في المنطقة.
وأشار محللون إلى تقارير متضاربة حول الموقف الأميركي من إيران ومؤشرات إلى وجود خلافات داخل إدارة ترمب. وأشارت تلك التقارير إلى أن مستشار الأمن القومي جون بولتون يضغط بقوة لضرب إيران لكن آخرين في الإدارة يقاومون هذا التوجه. كما تسربت أنباء عن توجه إدارة ترمب إلى فرض مزيد من الضغوط الاقتصادية لإجبار طهران على قبول قيود أكثر صرامة على برامجها النووية والصاروخية وتقييد دعمها للوكلاء والميليشيات العسكرية في كل من العراق ولبنان واليمن.
وقال مارك دوبويتز الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» في واشنطن، «إن الرئيس ترمب يتبع سياسة ذكية في السماح للمستشارين بلعب الأدوار التي يلعبونها بما يساعده في وضع جدول للمفاوضات، ولكن في النهاية يعود الأمر إلى قدرته في الإشراف على التفاوض والقيام بذلك بحكمة».
وتشكل إيران تحدياً لإدارة ترمب لأن المواجهة العسكرية مع إيران تعني تراجعه عن تعهداته السابقة بإبعاد الولايات المتحدة عن الصراعات العسكرية الأجنبية وتعهداته بإعادة الجنود الأميركيين إلى الوطن.
وفي الكونغرس، عُقد اجتماع مغلق مساء الخميس بين قادة الحزبين الجمهوري والديمقراطي ورؤساء اللجان بالكونغرس مع مسؤولي إدارة الرئيس ترمب حول الوضع الملتهب في الشرق الأوسط والتهديدات الإيرانية والتحركات العسكرية الأميركية. وأوضح كل من دانيال كوتس مدير الاستخبارات الوطنية، والجنرال بول ناكاسوني الذي يرأس وكالة الأمن القومي والقيادة الإلكترونية الأميركية، تفاصيل استخباراتية خاصة لمجموعة الثمانية - أو ما يطلق عليه «عصابة الثمانية» التي تضم كبار الجمهوريين والديمقراطيين في مجلسي الشيوخ والنواب ورؤساء لجنة الاستخبارات في المجلسين.
وبعد الإفادة المغلقة أبدى كثير من المشرّعين من أعضاء الحزبين قلقاً متزايداً بشأن التطورات في الخليج، متخوفين من أن الرئيس ترمب قد يندفع إلى حرب مع إيران. وشدد مشرعون على رغبتهم في الحصول على مزيد من المعلومات.
واتفق المسؤولون بإدارة ترمب على عقد جلسات إحاطة مغلقة متعددة تشارك فيها جينا هاسبل رئيسة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، والجنرال جوزيف دانفورد رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، إضافة إلى عقد جلسة أمام كامل أعضاء مجلس الشيوخ يوم الثلاثاء المقبل، يفترض أن يقدم فيها كل من وزير الخارجية مايك بومبيو والقائم بأعمال وزير الدفاع بالوكالة باتريك شاناهان وأيضاً رئيس هيئة الأركان جوزيف دانفورد إفادات حول التوجهات الأميركية تجاه التهديدات الإيرانية.
وفي أعقاب الإحاطة في الجلسة المغلقة السرية مساء الخميس، شدد السيناتور الديمقراطي مارك وارنر على ضرورة حصول المشرعين الأميركيين على مزيد من المعلومات، فيما قال النائب الجمهوري ماك ثونبيري بلجنة القوات المسلحة بمجلس النواب إنه مقتنع أن المعلومات الاستخباراتية والتحذيرات التي أطلقتها أجهزة الاستخبارات الأميركية المختلفة تثير قلقاً أكبر من أن ما يحدث من نشاط يتجاوز المضايقات الإيرانية المعتادة في منطقة الخليج العربي والمنطقة المحيطة به. وأضاف: «لا أعتقد أن ما تقوم به إيران يعد أنشطة معتادة. إن ما يحدث يسبب قلقاً أكبر ويطرح سؤالاً: لماذا تفعل إيران ذلك؟».
وقال النائب الجمهوري آدم شيف إنه رغم أهمية الإحاطات التي تقدمها الإدارة فإنها في بعض الأحيان تكون أقل إفادة، حيث يتم عقد الإحاطات لـ«عصابة الثمانية» فقط في جلسات سرية، وبالتالي يُمنع على أعضائها تبادل هذه المعلومات السرية التي يتلقونها من المسؤولين مع المشرعين الآخرين. ورفضت نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الرد على أسئلة الصحافيين عما إذا كانت راضية عما قُدّم في تلك الإحاطة السرية. واكتفت بيلوسي بالقول إن إحاطة قادة الكونغرس ليست بديلة لتقديم إحاطة لكل أعضاء الكونغرس. وتابعت أن فشل إدارة ترمب في إبلاغ المشرعين هو جزء من النمط الذي تتبعه إدارة ترمب وهو ليس صحيحاً لأن سلطة إعلان الحرب في يد الكونغرس.
وكانت بيلوسي قد قالت في تصريحات سابقة إن الكونغرس هو الجهة الوحيدة التي بإمكانها إعطاء التصريح بالحرب. وتابعت: «آمل أن يدرك مستشارو الرئيس أنهم لا يملكون إذناً للمضي قدماً بأي طريقة» يختارونها في التعامل مع إيران.
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد أشارت إلى أن المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها الحكومة الأميركية تظهر أن قادة إيران يعتقدون أن الولايات المتحدة تخطط لمهاجمتهم، ما دفع طهران إلى الاستعداد للقيام بضربات مضادة محتملة. وصرّح الرئيس دونالد ترمب خلال لقائه مع الرئيس السويسري ظهر الخميس بالبيت الأبيض بأنه لا يتمنى نشوب حرب مع إيران، رداً على سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة ستخوض حرباً مع طهران، أم لا.
ترمب: أمر جيد للغاية أن إيران لا تعرف بما تفكر فيه واشنطن
مدمرتان أميركيتان عبرتا مضيق هرمز من دون مضايقات من «الحرس الثوري»... ووزيرا الخارجية والدفاع يقدمان إحاطة لمجلس الشيوخ الثلاثاء
ترمب: أمر جيد للغاية أن إيران لا تعرف بما تفكر فيه واشنطن
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة