عفو رئاسي عن 560 سجيناً مصرياً

بينهم عبد الحليم قنديل وفتيات اتهمن بالتظاهر

TT

عفو رئاسي عن 560 سجيناً مصرياً

أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، عفواً رئاسياً عن 560 من المحبوسين على ذمة قضايا. وقالت مصادر مطلعة إن «القرار الرئاسي يأتي في إطار الحرص المستمر من الدولة المصرية على لم شمل الأسر والأبناء»، مضيفة أن من بين المفرج عنهم شباباً جامعياً، وفتيات حكم عليهن في قضية تظاهر، وذلك «للحفاظ على مستقبلهن، وبدء حياة جديدة خارج السجون».
ووفقاً للقرار المنشور بالجريدة الرسمية أمس: «يعفى عن العقوبة الأصلية أو ما تبقى منها، وعن العقوبة التبعية المحكوم بها على 560 محكوماً عليهم، وذلك ما لم يكن أي منهم محكوماً عليه في قضايا أخرى».
وشكل الرئيس السيسي لجنة «العفو الرئاسي» في 27 أكتوبر (تشرين الأول) 2016، لبحث حالات المحبوسين على ذمة قضايا، وجاء تشكيلها ضمن مقررات المؤتمر الوطني الأول للشباب الذي عقد بشرم الشيخ. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إنه «تم الإفراج عن أربع قوائم سابقة بعدد 900 سجين، كان آخرها في مايو (أيار) الماضي، بالإفراج عن 332 محبوساً»، مضيفة: «فضلاً عن الإفراج عن العشرات من (الغارمين والغارمات) ضمن مبادرة الرئيس (مصر بلا غارمين وغارمات)».
وسبق أن طالب السيسي «لجنة العفو» بتوسيع نطاق عملها، ليشمل الحالات الصادرة بحقها أحكام قضائية نهائية، في قضايا التظاهر والنشر والرأي والتعبير.
وشملت قائمة العفو التي أصدرها الرئيس المصري، الكاتب الصحافي عبد الحليم قنديل، المحكوم عليه في القضية المعروفة إعلامياً بـ«إهانة القضاء»؛ حيث دُون بجوار اسمه في قائمة العفو المنشورة بالجريدة الرسمية: «حالة مرضية».
وكان قنديل قد حكم عليه في القضية بالسجن ثلاث سنوات، وأصيب قنديل بأزمة صحية، وتم نقله إلى مستشفى السجن لتلقي العلاج، حتى تضمن قرار العفو الأخير اسمه.
وكانت محكمة جنايات القاهرة قد قضت بحبس الرئيس الأسبق محمد مرسي، والقيادي بتنظيم «الإخوان» سعد الكتاتني، و18 آخرين بينهم قنديل، بالسجن 3 سنوات في قضية إهانة السلطة القضائية، والإساءة إلى رجالها، والتطاول عليهم بقصد بث الكراهية.
يذكر أن محكمة النقض (أعلى هيئة قضائية في مصر) كانت قد رفضت الطعون المقدمة من مرسي وآخرين في القضية، وأيدت الأحكام الصادرة ضدهم.
في غضون ذلك، واصلت مصلحة السجون في وزارة الداخلية، أمس، إجراءات الإفراج عمن شملهم القرار، وتوفير أوجه الرعاية المختلفة لهم، وتأهيلهم للانخراط في المجتمع.
وبحسب الجريدة الرسمية، شمل العفو الرئاسي فتيات حكم عليهن في القضية المعروفة إعلامياً باسم «بنات دمياط». حيث قضت محكمة جنايات دمياط في سبتمبر (أيلول) الماضي بالسجن 10 سنوات لـ3 فتيات، و3 سنوات لـ9 أخريات، وسنتين لـ4 رجال في القضية. وتعود تفاصيل القضية لعام 2015 عندما تم إلقاء القبض على هؤلاء في مظاهرة بشارع التحرير بمدينة دمياط، بالمخالفة لقانون التظاهر في البلاد.
وقالت المصادر المطلعة، إن «الرئيس السيسي مُهتم دائماً بملفات الطلاب تحديداً، حفاظاً على مستقبلهم، وإن الرئيس عقب تشكيل لجنة (العفو الرئاسي) أوصى بالعمل على الطلبة والحالات الصحية. وبالفعل عدد من أفرج عنهم من طلبة الجامعات يقترب من 30 إلى 50 في المائة بكل قائمة».
وتأتي قرارات العفو الرئاسي موافقة للمادة رقم 155 من دستور 2014، التي تنص على أن «لرئيس الجمهورية بعد أخذ رأي مجلس الوزراء، العفو عن العقوبة، أو تخفيفها، ولا يكون العفو الشامل إلا بقانون، يُقر بموافقة أغلبية أعضاء مجلس النواب (البرلمان)».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.