إحياء الذكرى الـ30 لاغتيال المفتي حسن خالد

المفتي دريان وصفه بـ«أكبر خصوم الانقسام الداخلي»

المفتي عبد اللطيف دريان والسفير السعودي وعدد من الشخصيات يقرأون الفاتحة عند ضريح الشيخ حسن خالد (الوكالة الوطنية)
المفتي عبد اللطيف دريان والسفير السعودي وعدد من الشخصيات يقرأون الفاتحة عند ضريح الشيخ حسن خالد (الوكالة الوطنية)
TT

إحياء الذكرى الـ30 لاغتيال المفتي حسن خالد

المفتي عبد اللطيف دريان والسفير السعودي وعدد من الشخصيات يقرأون الفاتحة عند ضريح الشيخ حسن خالد (الوكالة الوطنية)
المفتي عبد اللطيف دريان والسفير السعودي وعدد من الشخصيات يقرأون الفاتحة عند ضريح الشيخ حسن خالد (الوكالة الوطنية)

أحيا اللبنانيون أمس، الذكرى الثلاثين لاغتيال المفتي الشيخ حسن خالد، الذي وصفه مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أمس بأنه «أكبر خصوم الانقسام الداخلي»، فيما وصفه سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان وليد بخاري بأنه «شهيد رسالة لبنان وعروبته».
وزارت فعاليات سياسية ودينية ودبلوماسية ضريح المفتي حسن خالد الذي اغتيل في 16 مايو (أيار) 1989 في انفجار هز منطقة عائشة بكار في بيروت. وقال المفتي الشيخ عبد اللطيف دريان إن «استشهاده يرتبط بمحاولات إنهاء النزاع الداخلي، وإعادة الاستقرار إلى لبنان». وقال إن المفتي حسن خالد «كان يعرف المخاطر التي تتهدده نتيجة مساعيه للتواصل بالداخل اللبناني وللتواصل مع العرب، لكنه لم يتوقف عن المحاولة».
وأضاف دريان أن المفتي حسن خالد احتل موقعاً سامياً في عمق المشهد الديني والسياسي، طوال سنوات النزاع الداخلي، و«كان أكبر خصوم الانقسام الداخلي. وعمل كل ما بوسعه لإنهاء ذلك النزاع. فمن وجهة نظره، أن كل الأسباب التي كان يذكرها المتقاتلون لا تستدعي حمل السلاح، ولا الاستعانة بهذا الطرف أو ذاك، على الاستمرار في التقاتل».
وكان المفتي خالد يرى أن التدخلات الخارجية وإغراء الأطراف على تسعير النزاع، «يهدد الوجود الوطني والعيش الإسلامي - المسيحي في لبنان والمشرق العربي. فالحل يكون بعودة أطراف النزاع إلى رشدهم، ومعالجة كل المشكلات على طاولة التفاوض والتوافق»، بحسب ما قال دريان الذي أشار إلى أنه «في عام 1983 أصدر المفتي خالد مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين نائب رئيس المجلس الشيعي الأعلى، وثيقة الثوابت العشر، التي تنص على أن لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه، ولأن التواصل بين السياسيين كان معطلاً بسبب سيطرة أمراء الحرب».
واعتبر وزير العدل الأسبق أشرف ريفي أن الشيخ حسن خالد «اغتيل لأنه رفض وصاية النظام السوري على لبنان، ومدَ جسور التلاقي مع البطريرك صفير وما يمثله من اعتدالٍ وعيشٍ واحد. عرف الشهيد الكبير أنه مستهدف، واجه بصلابة ولم ينكسر. ذكرى شهادته ستلاحق القتلة ولو طال الزمن وسينتصر لبنان».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم