«مودة» مبادرة مصرية لمحاصرة تفشي الانفصال الزوجي

أطلقتها في الجامعات وزارة التضامن الاجتماعي

فعاليات برنامج «مودة» في الجامعات المصرية
فعاليات برنامج «مودة» في الجامعات المصرية
TT

«مودة» مبادرة مصرية لمحاصرة تفشي الانفصال الزوجي

فعاليات برنامج «مودة» في الجامعات المصرية
فعاليات برنامج «مودة» في الجامعات المصرية

تستهدف وزارة التضامن الاجتماعي المصرية شبان وشابات محافظات القاهرة والإسكندرية وبورسعيد، ببرامج توعية أسرية للحدّ من نسب الطلاق المرتفعة بتلك المحافظات، كمرحلة أولى من البرنامج الذي كلّف به الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وزارة التضامن الاجتماعي خلال مؤتمر الشباب بجامعة القاهرة العام الماضي.
وزارة التضامن الاجتماعي بدورها قامت بعمل دراسة ميدانية قبل الشروع في تنفيذ المبادرة، للوقوف على أسباب نسب الطلاق المرتفعة وسبل مواجهتها. واستناداً إلى أرقام الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الرسمي، خططت الوزارة لاستهداف شباب الجامعات المتزوجين والمقبلين على الزواج، ومكاتب توثيق عقود الزواج «المأذون»، ومكاتب تسوية المنازعات بمحكمة الأسرة، بالإضافة إلى وحدات التجنيد المصرية والخدمة العامة بوزارة التضامن.
الدكتور أيمن عبد العزيز، منسق مشروع «مودة» بوزارة التضامن الاجتماعي، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «من واقع إحصائيات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، في عام 2017 وجدنا أن هناك 198 ألف حالة طلاق سنوياً في مصر، بمعدل 542 حالة طلاق يومياً، وهذا معدل كبير وفق المجتمع المصري المعروف بتقاليده الأسرية المحافظة».
وأضاف: «برامجنا التوعوية تستهدف 800 ألف شاب مصري بالمرحلة الأولى، وبدأت تلك الفعاليات بـ5 جامعات مصرية، في 3 مدن كبيرة ترتفع بها حالات الطلاق، ولاقت تلك الفعاليات إقبالاً كبيراً من الشباب والشابات، ونقوم بتدريب مدربين من أعضاء هيئة التدريس للمشاركة في البرنامج، الذين يقومون بدورهم بتدريب آخرين، لتتسع الدائرة، وتضم عدداً كبيراً من المدربين والمشاركين عبر ورش عمل مكثفة».
ولفت إلى أن «بعض المشاركين في ورش العمل بجامعة القاهرة ابتكروا نموذجاً توعوياً على شكل مسرحية هزلية تحاكي حياة الأسر المصرية، عبارة عن زوجين، يعود فيها الزوج من عمله ويسأل زوجته التي تكنس الأرض؛ لماذا لم تحضر الطعام. وتقول الزوجة: (باخد العيال وبجيب العيال وبروح الشغل وأروق وأرتب البيت)».
والمسرحية جزء من مشروع يقدم دروساً لطلاب الجامعات عن كيفية اختيار شريك الحياة وإدارة الخلافات الزوجية. ودروس برنامج «مودة» ترافقها تسجيلات فيديو متاحة على تطبيق يوتيوب وبرامج إذاعية ومسرحيات تعليمية. وتشارك فيها الكنيسة والأزهر.
وقال الرئيس عبد الفتاح السيسي في مؤتمر للشباب في يوليو (تموز) الماضي: «إن الطلاق والانفصال يعني أن ملايين الأطفال المصريين يعيشون من دون أحد أبويهم». وأضاف السيسي أنه يريد أن يُنهي ظاهرة الطلاق الشفهي، أي إلقاء يمين الطلاق دون توثيقه رسمياً، في مصر، لأن معدلات الطلاق مرتفعة للغاية.
ويقول باراك بارفي، الباحث الزميل في مركز دراسات «نيو أميركا» في واشنطن لـ«رويترز»: «إن أسلوب الرئيس المصري أبويّ، ويتكلم عن المصريين باعتباره أباً لهم... (مشروع مودة) يعكس قناعته بأن التغيير يمكن إحداثه من أعلى، وليس من أسفل على مستوى القواعد الشعبية». وقال عبد الله الحسيني (26 عاماً) الذي قام بدور الزوج في المسرحية لـ«رويترز»: «إنه يأمل أن يتزوج في المستقبل القريب». وأضاف أن «الضغوط الخارجية والنفسية والمادية هي ما يمكن أن يتسبب في مشكلات بعد الزواج».
وأوضح الدكتور أيمن عبد العزيز أن برنامج «مودة» بدأ بحملات توعوية بالجامعات المصرية، وستقوم الوزارة في الفترة المقبلة بعمل حملات ترويجية في وسائل الإعلام على غرار حملة «2 كفاية». لافتاً إلى أن «البرنامج يتضمن 3 محاور رئيسية، هي المحور الاجتماعي، والمحور الصحي، والمحور التشريعي أو الديني».
وتابع أن الحياة الأسرية ليست مجالاً لسيطرة الزوج أو الزوجة على الأسرة، بل هي مجرد شركة بين الاثنين، لذلك تعمل المبادرة على تصحيح بعض المفاهيم الشعبية المغلوطة عن الزواج، وهو ما ساهم في الإشادة بالمبادرة بالجامعات المصرية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».