أكدت ابتهال عبد اللطيف، عضو هيئة الحقيقة والكرامة، وهي الهيئة الدستورية المكلفة بمسار العدالة الانتقالية في تونس، وجود شبهات فساد وإهدار للمال العام وتبييض أموال من خلال تدخل هيئة الحقيقة والكرامة في ملف الأموال المصادَرة من رموز النظام السابق وتمتيع متهمين باستعمال السلطة والنفوذ في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي، بالمصالحة مع أجهزة الدولة من خلال دفع تعويضات بسيطة جداً.
وقالت ابتهال عبد اللطيف في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الرقم الذي قدمته سهام بن سدرين، رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، والمقدّر بنحو 745 مليون دينار تونسي (نحو 249 مليون دولار)، لا يمثّل إلا النزر القليل من الأموال التي نهبها رموز النظام السابق دون وجه حق، مضيفة أن المصالحة معهم يجب أن تُوكل إلى القضاء التونسي لا إلى هيئة الحقيقة والكرامة.
وأشارت إلى أن سليم شيبوب، صهر الرئيس التونسي السابق، وافق على دفع 307 ملايين دينار تونسي، فيما تعهد عماد الطرابلسي صهر الرئيس السابق وشقيق زوجته ليلى الطرابلسي، بدفع 235 مليون دينار، أما سليم زروق وهو كذلك من أصهار بن علي، فسيقدم 34 مليون دينار تونسي ضمن التعويضات المقررة من قبل لجنة التحكيم والمصالحة التابعة لهيئة الحقيقة والكرامة. واعتبرت أن هذه المبالغ المالية لا تساوي شيئاً مقابل الأموال الطائلة التي جناها رموز العهد السابق باستعمال السلطة والنفوذ والاستحواذ على أموال المجموعة الوطنية.
وأشارت إلى أن تقرير دائرة المحاسبات كشف عما اعتبرته «رأس جبل الجليد فقط»، قائلة إن فريق الرقابة لم يطلع على كل الوثائق المطلوبة بسبب تضييق الهيئة على أعوانها وأعضائها حتى لا يتواصلوا مع دائرة المحاسبات ولا يكتشفوا مزيداً من المخالفات. ودعت إلى إخضاع عمل هيئة الحقيقة والكرامة لرقابة أعمق وأشمل و«حينها سيتبيّن أنّ الخروقات أكبر بكثير ممّا ورد في تقرير دائرة المحاسبات».
وكانت ابتهال عبد اللطيف قد اتهمت بعض أعضاء لجنة التحكيم والمصالحة بتضارب المصالح الذي قد يصل إلى حدّ الفساد، وهذا الأمر هو الذي دفعها إلى الاستقالة من هذه اللجنة في 11 ديسمبر (كانون الأول) 2018، غير أن استقالتها لم تُقبل.
وبشأن اتهام هيئة الحقيقة والكرامة التي ترأستها الحقوقية التونسية سهام بن سدرين بالفشل الذريع في دعم مسار العدالة الانتقالية، قالت ابتهال إن مَن يدّعون الفشل الكامل لهذا المسار أغلبهم ممن يرفضون فكرة العدالة الانتقالية، و«الموضوعية تقتضي الاعتراف بما تحقق من مكاسب مهمة منها الكشف عن حقيقة بعض الانتهاكات وكذلك فتح ملف معالجتها بجبر ضرر لفائدة الضحايا ورد الاعتبار لهم».
وقالت إن رئاسة الهيئة دعت إلى جلسة عامة يوم الأحد 5 مايو (أيار) الحالي، وكان جدول أعمالها النظر والمصادقة على القوائم المالية للهيئة لسنة 2018 والنظر في الإشكاليات المستجدة المتعلقة بمعايير جبر الضرر لفائدة المتضررين من انتهاكات حقوق الإنسان بين العامين 1955 و2013، غير أنها لم تشارك في هذا الاجتماع «لأنني لم أقبل أن أكون شاهد زور».
مسؤولة في «هيئة الحقيقة» التونسية تتحدث عن شبهات فساد في المصالحة مع رموز العهد السابق
مسؤولة في «هيئة الحقيقة» التونسية تتحدث عن شبهات فساد في المصالحة مع رموز العهد السابق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة