موسكو تسعى لتضييق مساحة الخلاف خلال زيارة بومبيو ولا تتوقع اختراقات

آمال روسية بإطلاق قنوات حوار «على أساس متكافئ»

TT

موسكو تسعى لتضييق مساحة الخلاف خلال زيارة بومبيو ولا تتوقع اختراقات

يجري وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، اليوم، جولة محادثات شاملة مع نظيره الأميركي مايك بومبيو الذي يقوم بأول زيارة إلى روسيا منذ توليه منصبه، في تطور عزز آمال موسكو بفتح قنوات حوار بين البلدين ظلت معلّقة خلال السنوات الأخيرة، ومحاولة تضييق مساحة الخلاف حول عدد واسع من الملفات.
وغدت الزيارة ممكنة بعد قيام الطرفين بعدة خطوات خلال الأسابيع الأخيرة، أظهرت رغبة مشتركة في استئناف الحوار المقطوع على كل المستويات تقريباً. إذ منح صدور تقرير المحقق الأميركي روبرت مولر دفعة قوية إلى الطرفين في هذا الاتجاه، خصوصاً أنه برّأ ترمب وحملته من تهم الارتباط بموسكو التي لاحقته طويلاً. وسارع الرئيس الأميركي بعد صدور التقرير للاتصال بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، واتفق الجانبان على إطلاق حوار موسع، وأعقب ذلك مباشرة لقاء جمع لافروف وبومبيو في فنلندا، حيث اتفق الطرفان على ترتيب أول زيارة لبومبيو إلى روسيا.
وأفادت الخارجية الروسية بأن المحادثات مع بومبيو سوف تركز على تطورات الأوضاع في سوريا وفنزويلا وأوكرانيا. لكن مروحة الملفات المطروحة تبدو أوسع من ذلك بكثير، إذ قال دبلوماسيون إن الملف النووي الإيراني وتحركات واشنطن في الخليج أخيراً، وملف كوريا الشمالية، ومسائل التسلح والأمن الاستراتيجي في أوروبا ومصير المعاهدات الخاصة بخفض التسلح، كلها موضوعات ستكون حاضرة على طاولة البحث خلال لقاء الوزيرين.
ورغم أن مصادر دبلوماسية ومحللين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» تجنبوا الإعراب عن تفاؤل كبير في شأن احتمال تحقيق اختراقات سريعة في الملفات الخلافية المطروحة، فإن التركيز انصب على «تطلع روسيا لإعادة إحياء قنوات الحوار المقطوعة، ولأن يكون الحوار موضوعياً وشاملاً وليس على طريقة الاتهامات ومحاولة فرض إملاءات على السياسة الروسية». وهو أمر عكسته بوضوح الخارجية الروسية، عندما أكّدت في بيان أن «تحسين العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة ممكن فقط على أساس التكافؤ والاحترام المتبادل لمصالح الآخر».
ولفتت الوزارة إلى أن الرئيس ترمب «أعلن مراراً سعيه لإيجاد نقاط التقاء مع روسيا في محاور التعاون المختلفة. وأكد نظيره الروسي، فلاديمير بوتين، استعداد موسكو للتجاوب مع الخطوات الأميركية في هذا الاتجاه».
ويجري اللقاء اليوم، في منتجع سوتشي الروسي على البحر الأسود، وهو مقر إقامة الرئيس الروسي في هذا الوقت من العام. وأعلن الكرملين أن بوتين قد يستقبل بومبيو ولافروف بعد محادثاتهما. ورغم أن البروتوكول الرئاسي لا يحدّد آليات لاستقبال الرئيس زواراً على مستوى وزراء الخارجية، لكن بوتين اعتاد على استقبال بعض الوزراء في حال تم إنجاز تقدم في ملفات خلافية خلال المحادثات على المستوى الوزاري. أو إذا رغب في إبلاغ الطرف الآخر رسائل مباشرة، وهذا جرى في مناسبات عدة مع وزيري الخارجية الأميركي السابقين جون كيري وريكس تيلرسون.
وكان من المخطط أن يبدأ بومبيو زيارته اليوم، بالمرور على العاصمة الروسية وعقد لقاءات في موسكو مع موظفي السفارة الأميركية ورجال الأعمال والطلاب الأميركيين، إضافة إلى وضع إكليل من الزهور على ضريح الجندي المجهول، قبل أن يتوجه إلى سوتشي لعقد المحادثات الرسمية غداً. لكن الخارجية الروسية أعلنت إلغاء الشق الأول من الزيارة، وبررت موسكو ذلك بأن أجندة جدول الأعمال المقترحة لم تسمح به نظراً لضيق الوقت. وأكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف أن إلغاء محطة من زيارة بومبيو إلى روسيا لا يحمل بعداً سياسياً، وجاء بسبب كثافة جدول أعماله، مشدداً على أن اللقاءات المخطط لها في سوتشي سوف «تجري كاملة من دون أي تعديل». ووصل بومبيو إلى بروكسل منتصف يوم أمس، لبحث التطورات الطارئة في الملف الإيراني مع نظرائه الأوروبيين.
وكان مصدر رسمي في الخارجية الأميركية أكد أن جدول مباحثات بومبيو مع بوتين ولافروف سيشمل «طائفة كاملة من القضايا الثنائية والمتعددة ذات الاهتمام المشترك»، بينها ملفات سوريا وإيران وأوكرانيا وكوريا الشمالية وفنزويلا، إضافة إلى الرقابة على انتشار الأسلحة التي سيطرحها الجانبان كمسألة ذات أولوية».
وأكد المصدر أن الولايات المتحدة مهتمة بتحسين العلاقات مع روسيا، مشيراً إلى أن الوفد الأميركي «ينوي الإعراب للطرف الروسي عن مباعث القلق الموجودة لدى واشنطن بكل صراحة». وفي حين رأت أوساط روسية أن تسارع التطورات خلال الأيام الأخيرة حول الملف النووي الإيراني سوف تسفر عن تركيز كبير من جانب موسكو على هذا الملف، خصوصاً أن «لدى موسكو أسئلة كثيرة حول أسباب التحركات العسكرية الأميركية في منطقة الخليج، فضلاً عن الخلاف حول مصير الاتفاق النووي وآليات التعامل مع الخطوات المتسارعة من جانب طهران وواشنطن».
وفي الشأن السوري، تأمل موسكو في الحصول على توضيحات من واشنطن للموقف حول خطط الانسحاب من سوريا ورؤية واشنطن لآفاق إطلاق العملية السياسية، فضلاً عن مناقشة مسألة الوجود الإيراني في سوريا.
ومع هذا الملف، يشكل الوضع في كل من فنزويلا وأوكرانيا مادة مهمة للنقاش، خصوصاً أن هذين الملفين «يتبادل فيهما الطرفان اتهامات بالتدخل في منطقة تعد من مناطق النفوذ الحيوي للطرف الآخر، ما يفتح الباب لاحتمال أن تكون الملفات محور مقايضات في مرحلة لاحقة»، وفقاً لتعليق في صحيفة فيدرالية روسية.
بينما يبدو الملف الأكثر تعقيداً وتشابكاً هو ملف الأمن في أوروبا، ومسائل التسلح والتملص من المعاهدات الدولية المتعلقة بخفض الترسانات من الصواريخ النووية، وهو أمر يتبادل فيه الطرفان تحميل المسؤولية والاتهامات.



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.