اكتشاف بقايا قلعة عسكرية أثرية في سيناء

بقايا البوابة الشرقية للقلعة المكتشفة بتل الكدوة في سيناء
بقايا البوابة الشرقية للقلعة المكتشفة بتل الكدوة في سيناء
TT

اكتشاف بقايا قلعة عسكرية أثرية في سيناء

بقايا البوابة الشرقية للقلعة المكتشفة بتل الكدوة في سيناء
بقايا البوابة الشرقية للقلعة المكتشفة بتل الكدوة في سيناء

أعلنت وزارة الآثار المصرية عن اكتشاف بقايا الأبراج الشمالية الشرقية والجنوبية الشرقية لقلعة عسكرية من الطوب اللبن، بشمال سيناء، تعود إلى الأسرة السادسة والعشرين خلال العصر الصاوي، وذلك في أثناء أعمال الحفائر التي تقوم بها البعثة الأثرية المصرية العاملة في تل الكدوة في منطقة آثار شمال سيناء.
وقال الدكتور أيمن عشماوي، رئيس قطاع الآثار المصرية، في بيان صحافي أمس، إن «البعثة استطاعت خلال هذا الموسم الكشف عن بقايا قلعة أثرية تضم برج الركن الشمالي الشرقي، وبقايا برج الركن الجنوبي الشرقي، إضافة إلى امتداد السور الجنوبي للقلعة جهة الشرق لمسافة 85 متراً حتى الآن، وجارٍ استكمال أعمال الحفر لاكتشاف بقايا المنشآت المعمارية داخل القلعة».
من جانبه قال الدكتور الحسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»، إن «هذه المنطقة هي إحدى المناطق الأثرية المهمة التي حظيت باهتمام الحكومة المصرية منذ الثمانينات في عهد فاروق حسني، وزير الثقافة الأسبق، واستمرت فيها الحفائر على مدار سنوات طويلة بقيادة الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، والذي وثّق وسجّل القلاع العسكرية في المنطقة فيما يُعرف بطريق حورس الحربي»، مشيراً إلى أن «القلاع العسكرية بتلال سيناء بشكل عام وبخاصة القلاع الموجودة في تل حبوة كانت بمثابة وزارة الدفاع المصرية».
وأوضح أن «الهجوم على مصر عادةً ما كان يتم من الشرق، ولذلك حرصت الدولة المصرية في العصور القديمة على تأمين الجبهة الشرقية بالقلاع العسكرية»، مشيراً إلى أن «طريق حورس الحربي موجود في نقش سيتي الأول شمال معبد الكرنك، يوضح الحصون العسكرية الموجودة، وهو النص الذي اعتمد عليه الدكتور عبد المقصود في اكتشافاته خلال الحفائر بسيناء، والتي يتم استكمالها اليوم».
واكتُشفت القلعة العسكرية بتل الكدوة خلال حفائر بعثة جامعة بن جوريون الإسرائيلية بعد احتلال إسرائيل لسيناء عام 1967، واستكملت مصر الحفائر في الموقع عامي 1995 و1996، وتوالت البعثات فيما بعد، وفي عام 2008 تم الكشف للمرة الأولى عن جدار القلعة الشرقي. ووفقاً لعشماوي فإنه «على أنقاض هذه القلعة بُنيت قلعة أخرى أحدث تم الكشف عنها سابقاً بالموقع».
وقالت الدكتورة نادية خضر، رئيس الإدارة المركزية لآثار الوجه البحري، إن «أسوار القلعة القديمة شُيدت بطريقة مغايرة لأسوار القلعة الحديثة المشيدة على أنقاضها، حيث بلغ عرض أسوارها ما يقارب 7 أمتار، بينما بلغ عرض أسوار القلعة الحديثة 11 متراً تقريباً، تتزايد إلى 17 متراً في الأبراج الداعمة للأسوار، وتحتوي القلعة الحديثة على 16 برجاً، أما القلعة القديمة فيُعتقد أنها تحتوي على 4 أبراج في الأركان، وفقاً لما تم الكشف عنه حتى الآن».
وأضافت خضر أن «أسوار القلعة القديمة تختلف في تصميمها عن القلعة الحديثة، حيث شُيِّدت غرف مملوءة بالرمال وكسر الفخار والرديم داخل جسم الأسوار على مسافات منتظمة، ربما الهدف منها تخفيف الضغط على جسم سور القلعة البالغ عرضه 11 متراً، وربما تستخدم تلك الغرف أيضا كمصارف لمياه الأمطار، وهي سمة من سمات العمارة خلال العصر الصاوي، كما يرجّح أن القلعة القديمة كانت أكبر مساحة من القلعة المكتشفة سابقاً بالمكان».
وأوضح هشام حسين، مدير عام آثار شمال سيناء، أن «أعمال الحفائر في الجزء الشمالي الشرقي من بقايا سور القلعة المكتشفة أسفرت عن الكشف عن مدخل القلعة، والذي يمثل بوابة جانبية تقع في الجزء الشمالي الشرقي من جسم السور، حيث كان يتم الخروج من البوابة إلى طريق منحدر، وعلى يمين المدخل تم الكشف عن بقايا أساسات غرفة يعتقد أنها غرفة حراسة للجنود المصريين لحماية البوابة وتنظيم عملية الدخول والخروج من وإلى القلعة المصرية».
وقال حسين إن «أعمال الحفائر كشفت عن بقايا منازل شُيدت في الجانب الغربي داخل القلعة، حيث عُثر بداخل إحدى هذه الغرف على جزء من تميمة من الفاينس تحمل اسم الملك بسماتيك الأول».


مقالات ذات صلة

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

يوميات الشرق مجموعة من اللقى الأثرية المكتشفة في البهنسا بالمنيا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية من العصر البطلمي بالمنيا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف ألسنة وأظافر ذهبية وعدد من المقابر تعود للعصر البطلمي، مزينة بنقوش وكتابات ملونة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إحدى القطع الأثرية المصرية المُستردّة من آيرلندا (وزارة السياحة والآثار)

مصر تستعيد قطعاً أثرية ومومياء من آيرلندا

أعلنت مصر استعادة قطع أثرية من آيرلندا، تضمَّنت أواني فخارية ومومياء وقطعاً أخرى، عقب زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للدولة المذكورة.

محمد الكفراوي (القاهرة)
شمال افريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي (يمين) يصافح رئيس الحكومة الآيرلندية سيمون هاريس خلال زيارة إلى دبلن (أ.ف.ب)

مصر تستعيد مجموعة قطع أثرية من آيرلندا

أعلنت وزارة الخارجية المصرية استعادة مجموعة من القطع الأثرية من آيرلندا، وذلك عقب الزيارة التي قام بها الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى العاصمة الآيرلندية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».