تحولت الحروب الضريبية بين الولايات الأميركية المتحدة من جهة، والصين والاتحاد الأوروبي من جهة أخرى، إلى مأزق لا نهاية له، تتوسع رقعته شيئاً فشيئاً، حتى قبل البدء في المحادثات الثنائية بين الدول المعنية التي لم يُحدد موعدها بعد لحل الخلافات. فالحديث عن تهدئة ضريبية يبقى وهماً بعيداً. وعلى الصعيد الأوروبي يشير خبراء ألمان مطلعون إلى أن التهديدات الأميركية الرامية إلى فرض ضرائب على الاتحاد الأوروبي، لما إجماليه 11 مليار دولار لن تمر مرور الكرام، ما ينذر بمرور العلاقات بحالة توتر شديد.
في هذا السياق، يقول الخبير الألماني فيرنر شميت، في وزارة الاقتصاد الألمانية، إن المفوضية الأوروبية في بروكسل تهُم بمواجهة الضرائب الأميركية، بإعداد لائحة بالمنتجات الأميركية التي ستستهدفها ضرائب أوروبية إضافية، لما إجماليه 12 إلى 20 مليار يورو. هكذا ستصبح الحرب الضريبية بين أميركا والاتحاد الأوروبي علنية، ولن تستثني أحداً. وهذا من شأنه إعادة رسم خريطة النمو الاقتصادي العالمي؛ لأن الأسواق المالية العالمية ستكون الأكثر تحسساً بتداعيات هذه الحرب.
وفي ظل مرور هذه الأسواق بتقلبات شديدة الخطورة، ونظراً لاحتمال مرور الاقتصاد الأوروبي بمرحلة من الشلل التي قد تدوم عامين على الأقل، لن يتجرأ المستثمرون على ضخّ أموالهم، وستعاني الأسواق من شحّ حاد في السيولة المالية.
ويضيف شميت أن للرئيس الأميركي دونالد ترمب دوراً أساسياً في إعادة تأجيج التوترات مع المفوضية الأوروبية، بسبب ملف المساعدات الحكومية التي تلقتها شركتا «بوينغ» الأميركية و«إيرباص» الأوروبية، والتي تحولت إلى نزاعات شرسة تدور في أروقة غرف منظمة التجارة الدولية منذ أعوام عدة.
وسيستهدف ترمب وإدارته فرض ضرائب إضافية على الصادرات الأوروبية من الدرجة الممتازة، كما الدراجات النارية والطائرات والمروحيات، إضافة إلى المنتجات الزراعية، وصولاً إلى أنواع كثيرة من الأجبان.
ولا شك في أن السيارات الألمانية سيلحقها جزء من العقوبات الضريبية الأميركية. علماً بأن مبيعاتها في الأسواق الأميركية نمت 2 في المائة في الشهور الأربعة الأولى من عام 2019. إذن سيضرب الأميركيون على الوتر الصناعي الحساس في ألمانيا، أي صناعة العربات على كافة أنواعها.
ويختم: «تعود أسس الحرب الضريبية المستعرة اليوم بين أميركا وأوروبا، إلى قضية نشأت منذ 14 عاماً، وضعت عملاقا الصناعات الجوية (بوينغ) و(إيرباص) في حلبة المواجهة، التي تتمثل في حجم المساعدات الحكومية التي تلقتها كلتيهما. صحيح أن منظمة التجارة الدولية أصدرت قرارها بمعاقبة هاتين الشركتين العملاقتين؛ لكن الولايات المتحدة الأميركية تؤمن بأن المساعدات الحكومية التي حصلت عليها (إيرباص) الأوروبية، أضخم بكثير من الأموال التي ذهبت لصالح (بوينغ) الأميركية، لذا انفجر اللّوم الأميركي المنوط بالصراع التجاري والقضائي الدائر بين (بوينغ) و(إيرباص)، وتحول إلى موجة انتقامية أميركية، تجسّدت على شكل فرض ضرائب إضافية، تستهدف كل من أضر بالمصالح الأميركية سابقاً».
من جانبها، تقول الخبيرة في الشؤون الضريبية الدولية ستيفاني شفارتس، إن الرد الأوروبي على الموقف الأميركي التجاري العدائي، سيأتي على شكل زيادة الضرائب على قائمة من المنتجات الأميركية. وسيكون لمنظمة التجارة الدولية الكلمة الحاسمة في تحديد رفع السقف الضريبي الأوروبي على هذه المنتجات.
وتضيف القول بأن ما يحصل مؤخراً من حرب تجارية بين الدول، لن يخدم أبداً مجرى المحادثات الثنائية الأميركية – الأوروبية، الرامية إلى التوصل إلى اتفاقية تبادل تجاري حرّ بينهما، أي خالٍ من الضرائب على المنتجات الصناعية.
وعلى عكس ألمانيا، بدأت فرنسا تقف في وجه هذه الاتفاقية. مع ذلك نجحت دول الاتحاد الأوروبي في تخطي المعارضة الفرنسية لتفادي حرب تجارية واسعة النطاق. وفي حال تحوّلت هذه الحرب إلى حقيقة، فإن الإدارة الأميركية لن تتأخر ثانية واحدة عن فرض ضرائب إضافية، تقدر بنحو 25 في المائة على صادرات السيارات الأوروبية. وهذه كارثة على الاقتصاد الأوروبي بكل معنى الكلمة.
الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض 20 مليار دولار ضرائب على الصادرات الأميركية
الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض 20 مليار دولار ضرائب على الصادرات الأميركية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة