جلد إلكتروني يتمدد ويتعافى مثل الجلد البشري

يمكن استخدامه في تطبيقات الاستشعار الحيوي وعلاج الجروح

يمكن للإشارات الصادرة من الهلام المائي المُوصِّل للكهرباء التمييز بوضوح بين تعبيرات الوجه المختلفة... عُبوس ثم ابتسام...
يمكن للإشارات الصادرة من الهلام المائي المُوصِّل للكهرباء التمييز بوضوح بين تعبيرات الوجه المختلفة... عُبوس ثم ابتسام...
TT

جلد إلكتروني يتمدد ويتعافى مثل الجلد البشري

يمكن للإشارات الصادرة من الهلام المائي المُوصِّل للكهرباء التمييز بوضوح بين تعبيرات الوجه المختلفة... عُبوس ثم ابتسام...
يمكن للإشارات الصادرة من الهلام المائي المُوصِّل للكهرباء التمييز بوضوح بين تعبيرات الوجه المختلفة... عُبوس ثم ابتسام...

عادة ما تُستخدم المواد الذكية التي تنثني، وتستشعر، وتتمدَّد، مثل الجلد البشري، في كثير من التطبيقات التي تتفاعل مع الجسم. وتتراوح التطبيقات الممكنة بين الرُّقع القابلة للتحلل بيولوجياً والتي تساعد على التئام الجروح، والإلكترونيات القابلة للارتداء، والأجهزة الروبوتية الحسّاسة للمَسّ.
- جلد إلكتروني
وفي هذا الاتجاه طوَّر علماء من جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) هلاماً مائياً مُوصّلاً للكهرباء يأخذ مواصفات التمدد والتعافي الذاتي والحساسية للإجهاد إلى آفاقٍ جديدة. وبحسب حسام الشريف، أستاذ علم المواد والهندسة في الجامعة، فإن هذه المادة تتفوق على كل الهلاميات المائية المنشورة سابقاً وتقدم وظائف جديدة.
وتتألّف المادة المُطوَرة من مركّب هلام مائي، عبارة عن سلاسل من البوليمر تحتوي على الماء، ومركّب كربيد معدني يُعرف باسم «MXene». والكربيد مركب يتكون من الكربون وعنصر أقل كهربية. وبالإضافة إلى قدرتها على التمدّد بنسبة تزيد على 3400 في المائة، يمكن للمادة العودة بسرعة إلى شكلها الأصلي، كما تلتصق بكثير من الأسطح، بما في ذلك الجلد البشري. وإذا قُطِّعَت المادة إلى أجزاء، فيمكنها إصلاح نفسها بسرعة عند إعادة وصلها.
ولفت المؤلف الأول وباحث ما بعد الدكتوراه في «مختبر حسام الشريف»، ييزو تشانج إلى أن الاختلاف في حساسية المادة للتمدّد والانضغاط يُعد اكتشافاً هائلاً؛ إذ يُضيف بُعداً جديداً لقدرة الهلاميات المائية على الاستشعار.
- تطبيقات حيوية
قد يكون هذا البُعد الجديد حاسماً في التطبيقات التي تستشعر التغيّرات في الجلد وتُحوِّلها إلى إشارات إلكترونية. وعلى سبيل المثال، يُمكن للوح رقيق من المادة يتم تعليقه على جبين المستخدِم التمييز بين تعبيرات الوجه المختلفة، مثل الابتسام أو العبوس، وقد تسمح هذه القدرة للمرضى الذين يعانون من حالات الشلل الشديد بالتحكم في المعدّات الإلكترونية والتواصل.
كما أظهرت شرائط من المادة ثُبِّتَت على الحلق، قدرة رائعة على تحويل الكلام إلى إشارات إلكترونية. وهو ما قد يساعد الأشخاص الذين يعانون من صعوبات في النطق على توصيل أصواتهم بوضوح.
ويشير المؤلف المشارك في البحث، كانجيوك لي، إلى أن هناك إمكانية حقيقية لاستخدام هذه المادة في تطبيقات الاستشعار الحيوي والتطبيقات الطبية الحيوية.
ومن ضمن التطبيقات الطبية المباشرة والمفيدة للغاية لهذه المادة، الأغطية المرنة للجروح، والتي يمكنها إطلاق جرعات من الأدوية لتعزيز الشفاء، ويمكن لصقها داخلياً على الأعضاء المريضة بالإضافة إلى لصقها خارجياً على الجلد. كما يتصور الفريق أيضاً تطوير مادة ذكية يمكنها مراقبة حجم وشكل العضو المصاب، وتعديل جرعات الأدوية التي تُطلق وفقاً للإشارات الناتجة منه.
كما يمكن لهذه المادة أن تفتح آفاقاً جديدة لتطبيقات كثيرة، خصوصاً في المجال الذي يجمع بين الاستشعار الطبي والعلاج، إضافة إلى تطبيقات مثيرة أخرى في الروبوتات. وعلى سبيل المثال يمكن استخدام المادة كي تقوم بعمل الأصابع الحساسة للَّمس في ملحقات للأجهزة الطبية.
من جهة أخرى، توجد تطبيقات محتملة للمادة في مجال مكافحة التزوير؛ إذ أثبتت ألواح من المادة، مزوَّدة بإلكترونيات مدمجة، حساسية عالية في الكشف على التوقيعات أثناء كتابتها.

- خدمة «جامعة كاوست»


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
TT

«إعادة التحريج»... عوائد إيجابية للمجتمعات الأفريقية

دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)
دراسة تؤكد زيادة النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار بأفريقيا (رويترز)

شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً ملحوظاً في الاهتمام بمبادرات «إعادة التحريج» بصفتها استراتيجية فعّالة لمواجهة آثار تغيّر المناخ وتحسين سبل معيشة السكان المحليين.

«إعادة التحريج»

تعني «إعادة التحريج»، وفق الأمم المتحدة، استعادة الأراضي التي كانت مغطاة بالغابات من خلال زراعة أشجار جديدة لتعويض الغطاء الحرجي المفقود، بخلاف التشجير الذي يركّز على زراعة أشجار في مناطق لم تكن غابات أصلاً.

وتهدف هذه العملية إلى معالجة تحديات بيئية كبيرة، مثل: التغير المناخي وتآكل التربة، كما تعزّز التنوع البيولوجي، فضلاً عن فوائدها البيئية، مثل تحسين جودة الهواء. وتُسهم «إعادة التحريج» في خلق فرص عمل وتحسين الأمن الغذائي.

ومن أبرز هذه المبادرات «تحدي بون» (Bonn Challenge)، الذي أُطلق عام 2011 بوصفه حملة عالمية، تهدف إلى إعادة تأهيل 350 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة والغابات بحلول عام 2030.

وتشمل هذه المبادرة أساليب متعددة؛ مثل: الزراعة المكثفة لتكوين غابات جديدة لأغراض بيئية أو إنتاجية، والزراعة المختلطة التي تدمج الأشجار مع المحاصيل، أو تربية الحيوانات لزيادة الإنتاجية، بالإضافة إلى التجدد الطبيعي حيث تترك الطبيعة لاستعادة الغابات ذاتياً دون تدخل بشري.

وفي دراسة أُجريت من قِبل فريق بحث دولي من الدنمارك وكندا والولايات المتحدة، تم تحليل تأثير «إعادة التحريج» في تحسين مستويات المعيشة لدى 18 دولة أفريقية، ونُشرت النتائج في عدد 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، من دورية «Communications Earth & Environment».

واعتمدت الدراسة على بيانات أكثر من 200 ألف أسرة بين عامي 2000 و2015. واستخدم الباحثون أساليب إحصائية دقيقة لتحديد العلاقة الإيجابية بين إعادة التحريج وتحسّن مستويات المعيشة.

واستندوا إلى مؤشرات متنوعة لقياس الفقر تشمل التعليم والصحة ومستويات المعيشة؛ حيث أظهرت النتائج أن زراعة الأشجار أسهمت بشكل مباشر في تحسين الدخل وتوفير فرص عمل، بالإضافة إلى آثار اقتصادية غير مباشرة. كما أظهرت أن مناطق زراعة الأشجار كان لها تأثير أكبر من مناطق استعادة الغابات الطبيعية في تخفيف حدة الفقر.

يقول الباحث الرئيس للدراسة في قسم علوم الأرض وإدارة الموارد الطبيعية بجامعة كوبنهاغن، الدكتور باوي دن برابر، إن الدراسة تطرح ثلاث آليات رئيسة قد تُسهم في تقليص الفقر، نتيجة لتوسع مزارع الأشجار أو استعادة الغابات.

وأضاف، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن الآليات تتمثّل في توفير الدخل من خلال بيع منتجات الغابات، مثل: المطاط أو زيت النخيل، ما يسمح للأسرة بزيادة مواردها المادية. كما أن زراعة الأشجار قد تؤدي إلى خلق فرص عمل للسكان المحليين، في حين يمكن أن تُسهم مناطق التجديد البيئي في تحسين الظروف البيئية، ما يفيد الأسر المحلية من خلال النباتات والحيوانات التي يمكن بيعها وتوفير دخل إضافي للسكان.

ووفقاً لنتائج الدراسة، هناك مؤشرات من بعض البلدان؛ مثل: أوغندا، وبنين، أظهرت زيادة في النشاط الاقتصادي في المناطق القريبة من مزارع الأشجار مقارنة بتلك التي لا تحتوي عليها.

تأثيرات الاستدامة

كما أشارت الدراسة إلى أن برامج التشجير في أفريقيا التي تهدف إلى استعادة أكثر من 120 مليون هكتار من الأراضي عبر مبادرات، مثل: «السور الأخضر العظيم»، و«الأجندة الأفريقية لاستعادة النظم البيئية»، تمثّل جهداً كبيراً لمكافحة الفقر وتدهور البيئة.

وتُسهم نتائج الدراسة، وفق برابر، في النقاش المستمر حول استدامة تأثيرات زراعة الأشجار في التنوع البيولوجي والمجتمعات المحلية، من خلال تسليط الضوء على الفوائد المحتملة لهذه المبادرات عندما يتمّ تنفيذها بشكل مدروس ومتوازن. كما أظهرت أن مبادرات زراعة الأشجار، مثل «تحدي بون»، يمكن أن تؤدي إلى نتائج إيجابية للمجتمعات المحلية، سواء من حيث تحسين مستوى المعيشة أو تعزيز التنوع البيولوجي.

وتوصي الدراسة بأهمية مشاركة المجتمعات المحلية في هذه المبادرات بصفتها شرطاً أساسياً لضمان استدامتها ونجاحها، فالتفاعل المباشر للمجتمعات مع المشروعات البيئية يزيد من تقبلها وفاعليتها، مما يعزّز فرص نجاحها على المدى الطويل.