«عصفور» يوسف شاهين و«الكيت كات» يزوران لندن هذا الشهر

ضمن مهرجان «سفر» السينمائي الذي يقيمه المركز العربي البريطاني

مشهد من فيلم {العصفور}
مشهد من فيلم {العصفور}
TT

«عصفور» يوسف شاهين و«الكيت كات» يزوران لندن هذا الشهر

مشهد من فيلم {العصفور}
مشهد من فيلم {العصفور}

في جدول فعالياته الممتدة على مدار العام يطلق المركز العربي البريطاني الدورة الثانية لمهرجان «سفر» للسينما العربية. المهرجان الذي انطلق في عام 2012 لاقى نجاحا كبيرا بين الجمهور العربي والأجنبي في لندن وخط لنفسه طريقا مختلفا عن مهرجانات السينما المتخصصة، التي قد تقدم أفلاما قد تعجب شريحة معينة من المثقفين والمهتمين، إذ اعتمد «سفر» على تقديم أفلام «شعبية» محبوبة بين الجماهير، وهي أفلام لا تنتمي لحقبة زمنية محددة، ولكن لها ذكريات في أذهان الكثيرين. في الدورة الأولى قدم المهرجان أفلاما نجحت في أوقاتها بين الجماهير ولاحقا عندما عرضتها القنوات التلفزيونية، مثل أفلام «الإرهاب والكباب» و«خلي بالك من زوزو».
وهذا الشهر، وتحديدا يوم 19 سبتمبر (أيلول) ينطلق المهرجان مقدما على مدى أسبوع كامل برنامجا حافلا من أشهر الأفلام التي قدمتها السينما العربية. ويسبق المهرجان معرض خاص بعنوان «من الذي يحدق على أي حال؟»، حول عالم الملصقات السينمائية العربية.
ربا أصفهاني، مدير العلاقات العامة في المركز العربي البريطاني علقت في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «سفر» لا يعنى بتقديم السينما العربية للمشاهد الغربي، ولكنه يعنى في المقام الأول بـ«تقديم شيء مختلف عن الذي يقدم حولنا. فكرنا في تقديم أفلام محبوبة ولها مكانة خاصة لدى الجمهور العربي، ولكنها أيضا أفلام لم تعرض في بريطانيا، وحققت نجاحا جماهيريا وقت عرضها وتحولت إلى كلاسيكيات تعرض على شاشات التلفزيون العربية ولها عشاقها».
الأفلام المختارة لا تنتمي لحقبة معينة، بل نجد أفلاما من فترة الخمسينات والستينات أو السبعينات حتى الوقت الحالي، فأقدم فيلم في مهرجان هذا العام هو فيلم «العصفور» للمخرج العملاق يوسف شاهين، وأحدث فيلم أنتج العام الماضي. من بين الأفلام (13 فيلما) كما تذكر لنا أصفهاني هناك 6 أفلام تُعرض للمرة الأولى في لندن.
اختيار الأفلام مهمة تولاها الخبير السينمائي عمر خليف الذي أشرف على الدورة الأولى عام 2012. ولكن فريق العمل في المركز أيضا تعاون في الاختيار، حسبما علق أصفهاني: «نعمل كفريق متكامل في المركز، ولدى كل منا فكرة حول الأفلام الناجحة والمحبوبة وحول ما نريد أن نشاهد كأفراد جمهور. ولكن عمر تولى الموضوع من الناحية الأكاديمية أيضا، ولهذا فاختياراته تمتد إلى الفترات الذهبية للسينما العربية وترصد الأفلام الناجحة، ومنها اختار هذا العام أفلاما مثل «العصفور»، و«الكيت كات» و«بحب السيما» وغيرها.
وبسؤال «ربا» عما إذا كان للجمهور دور في ترشيح بعض الأفلام، تقول: «ليس مباشرة، ولكننا طرحنا السؤال على عدد منهم ممن شارك في إحدى المسابقات الأدبية للمركز، وجاءت إجابات تعكس الأفلام التي يشاهدها الجمهور هنا، يجب أن نتذكر أننا في لندن وجمهورنا يعيش هنا، ولهذا فالاختيارات عكست الأفلام المتاحة لهذا الجمهور هنا.
اللافت أن الكثيرين اختاروا فيلم (سكر بنات) لنادين لبكي، وهو فيلم تمتع بدعم غربي كبير وعرض في مهرجانات دولية وعرضته السينمات في لندن، وصدر على (دي في دي) أيضا. ذلك في مقابل الأفلام التي نعرضها التي لم تتمتع بالدعم نفسه، ولم تجد طريقها لدور السينما في لندن».
المهرجان يتخذ من مركز «آي سي إيه» مقرا يقدم من خلاله برنامج الأفلام وأيضا المعرض الفني «من الذي يحدق على أي حال؟».
تشير ربا إلى أن المعرض، وهو بإشراف عمر خليف أيضا، يعتمد على مجموعة مقتنيات سينمائية للمقتني اللبناني عبودي أبو جودة، وهي مجموعة «رائعة»، على حد تعبيرها، من ملصقات الأفلام وصور لدور السينما في مختلف المدن العربية. المعرض يدور حول الأفلام التي تعرض لها مقص الرقابة أو مُنعت من العرض: «الفكرة هنا هو التطرق إلى جانب جديد للمجتمعات العربية».
المعرض أيضا يقدم أعمالا لثلاثة فنانين عرب استمدوا من السينما العربية موضوعات لأعمالهم، مثل الفنان رائد ياسين، من لبنان، ومها مأمون التي تقدم فيلما تسجيليا حول «ظهور الأهرامات في الأفلام العربية عبر السنوات منذ الخمسينات من القرن الماضي».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».