تنامي استخدام الواقع الافتراضي للتعامل مع الألم

يمكن أن يصبح بديلاً للمسكنات المشتقة من المورفين

يساهم الواقع الافتراضي في تشتيت الشعور بالألم (نيويورك تايمز)
يساهم الواقع الافتراضي في تشتيت الشعور بالألم (نيويورك تايمز)
TT

تنامي استخدام الواقع الافتراضي للتعامل مع الألم

يساهم الواقع الافتراضي في تشتيت الشعور بالألم (نيويورك تايمز)
يساهم الواقع الافتراضي في تشتيت الشعور بالألم (نيويورك تايمز)

كنت أحزم حقائبي في نهاية إجازة عائلية في فلوريدا عندما شعرت بتشنجات شديدة في ظهري لم تفلح مسكنات الألم في القضاء عليها. وأثناء اقتيادي إلى المطار على الكرسي المتحرك، قال لي أحد أبنائي التوأم، ويبلغ من عمره 8 أعوام: «إذا فكرتي في أمر آخر فلن يكون الألم بهذا السوء».
وفي ذلك الوقت، استخففت كثيراً بالحكمة الكامنة في نصيحة صغيري. أما الآن، وبعد مرور 40 عاماً على الحادثة، هناك تقنية متطورة لصرف الانتباه تستخدم لمساعدة المرضى من كافة الأعمار للتعامل مع الآلام الحادة والمزمنة. وتلك الوسيلة، المعروفة باسم «العلاج بالواقع الافتراضي»، تنطلق لما وراء الصرف المبسط للانتباه، كما يحدث عند مشاهدة التلفاز. بل على العكس، إنها تغمر المريض تماماً في عالم من الترفيه، والاسترخاء، والبيئة التفاعلية التي تخيم على الدماغ تماماً لدرجة لا تسمح له بالشعور بالألم في ذات الوقت.
يقول جيفري غولد، مدير عيادة علاج آلام الأطفال في مستشفى لوس أنجليس للأطفال: «إنه ليس مجرد صرف للانتباه - إنه مثل المخدرات الذاتية التي تقدم وفرة نفسية وكيميائية تسبب للشخص الشعور بالارتياح. وهي تختلف عن قراءة أحد الكتب أو اللعب بلعبة معينة. بل إنها تجرية شعورية متعددة النطاقات تلك التي تتفاعل مع انتباه الشخص على مستوى عميق للغاية».
ويعد العلاج بالواقع الافتراضي هو اللبنة الجديدة في بنية علاج الآلام، ويتنامى استخدامه تدريجياً الآن مع استمرار وباء الاستعانة بمشتقات المورفين المتنوعة في الارتفاع وانخفاض أسعار أجهزة الواقع الافتراضي بصفة عامة. واستخدم الواقع الافتراضي على نطاق كبير وناجح حتى الآن في مساعدة الأطفال والبالغين في التخلص من الآلام الحادة، كما يمكن للواقع الافتراضي أن يرافق الوخز الوريدي، أو تنضير الحروق. كما من شأنه أيضاً تحسين فعالية الأساليب الأخرى المعمول بها مثل العلاج الطبيعي، والتنويم المغناطيسي، والعلاج السلوكي المعرفي لعلاج الآلام المزمنة الموهنة.
تدين هولي ديفيز (41 عاماً)، من ولاية نورث كارولينا، بقدرتها الكاملة على التحرك إلى الطبيب المعالج لدى مركز (بريك ثروه فيزيكال ثيرابي) في الولاية، وهو جزء من شبكة من عيادات العلاج الطبيعي الخارجية التي تديرها مؤسسة (كونفلوينت هيلث). وقد أشار المعالج عليها بتجربة العلاج بالواقع الافتراضي كجزء من برنامج علاج الآلام المستمرة والمثبطة لمختلف أوجه الحياة لديها بعد تعرضها لحادث اصطدام بدراجة نارية. وبعد شهور من المعاناة من ارتجاج في المخ وكدمات مؤلمة للغاية إثر الحادثة، تقول هولي ديفيز: «كانت التوقعات بأنني سوف تتحسن حالتي مع مرور الوقت غير حقيقية. ووجدت ضالتي في جهاز الواقع الافتراضي. كنت أقضي 10 إلى 20 دقيقة في غرفة مظلمة وأن أرتدي نظارة ثلاثية الأبعاد على رأسي تلك التي نقلتني إلى عالم مفعم بالراحة الغامرة، وتعلمت منها الكثير عن طبيعة الألم، ورحلة الأكسجين في الجسم، وكيفية التنفس السليم، والتركيز على المشاعر المتعددة، واسترخاء الجسم وعدم التفكير في أي شيء آخر».
يتفاعل الجهاز مع العديد من الحواس في آن واحد، وهو يغمر الدماغ بالكثير من المدخلات التي تحول تماماً دون تسجيل إشارات الألم. وعندما تحاول رسائل الألم المرور، يصدر المخ إشارة الانشغال بأمر آخر، فيتوقف الإحساس بالألم جراء ذلك، كما أوضح الدكتور هنتر هوفمانن مدير مركز أبحاث الواقع الافتراضي لدى جامعة واشنطن في سياتل.
وعلى اعتبارها أداة من أدوات التغلب على الألم والخوف من الوخز بالإبر، على سبيل المثال، يمكن للأطفال الاستمتاع باللعب على إحدى برامج الواقع الافتراضي المحببة لديهم، كما يقول الدكتور جيفري غولد، الذي أضاف: «قد يقول الأطفال، متى سوف تفعلون ذلك (أي الوخز بالإبرة)؟ وقد فعلناه حقيقة قبل خمس دقائق من بدء تشغيل جهاز الواقع الافتراضي!»
وأولى برامج الواقع الافتراضي واسمه «سنو وورلد»، كان مصمماً بواسطة الدكتور هوفمان لعلاج مرضى الحروق، الذين يقولون إن محاولة تنظيف الجروح مثل التعرض للحرق مرة أخرى من شدة الآلام. ويعتبر برنامج «سنو وورلد» في هذه الحالة من التناقضات الصارخة مع مسببات الحروق في المقام الأول.
وبطبيعة الحال، إذا كان العلاج من الآلام المستمرة يتضمن التفاعل مع برامج الواقع الافتراضي، فمجرد رفع النظارة وتوقف الاستخدام سوف تعود الآلام المبرحة للهجوم مرة أخرى. ويوضح لاري بينز، أخصائي العلاج الطبيعي والمدير التنفيذي لمؤسسة «كونفلوينت هيلث» الأمر بقوله: «الواقع الافتراضي ليس علاجاً شافياً للأمراض - بل إنه وسيلة مساعدة بجانب وسائل أخرى ذات فاعلية ونجاح». ولكن ذلك غالباً ما ينطوي على العديد من شهور العلاج المكلفة التي ربما لا تحقق النتيجة المرجوة منها في نهاية المطاف.
يقول الدكتور هوفمان: «باستخدام الواقع الافتراضي كوسيلة مساعدة يمكننا تعليم الناس مهارات التكيف، والأساليب التي يمكن للمرضى استخدامها من تلقاء أنفسهم لمساعدتهم على تقليل الإحساس بالآلام المزمنة. والتعلم يغير المخ ويمنح المريض شيئاً يستمر بالعمل حتى مع خلع النظارة عن رؤوسهم. وعندما يدرك المرضى أن الألم ليس حتمياً، فإنهم يكونون أكثر قبولاً للقيام بتمارين العلاج الطبيعي، ويصيرون أكثر احتمالاً لمواصلة الأمر من تلقاء أنفسهم».
يقول الدكتور ديفيد باترسون، الباحث في جامعة واشنطن والذي كان رائداً في الجمع بين الواقع الافتراضي والتنويم المغناطيسي، إن الأساليب المتطورة يمكنها تعزيز الذهن، وتحسين قدرة المرضى على الاستغراق في اللحظة الآنية عوضاً عن الالتفات إلى الألم المبرح. والذهن يمكنه تدريب الدماغ على عدم التفاعل مع الأفكار والمشاعر ذات الصلة بالمعاناة. قد يكون الألم حتمياً بدرجة ما، ولكن المعاناة ليست كذلك.
ويوضح الدكتور غولد الأمر بقوله: «الذهن يلقن العقل كيفية تهدئة الجسم والجهاز العصبي من خلال تنظيم والتركيز على التنفس. وربما تأتي الأفكار إلى الرأس، ثم تذهب بعيداً وتتلاشى. وبالتالي لا يكون المريض مهووساً بها، وهي ليست ذات آثار كارثية».
ومع ذلك، يقول الدكتور باترسون وآخرون، إن الواقع الافتراضي ليس مؤهلاً بدرجة كبيرة حتى الآن في علاج الآلام المزمنة، ولا ينبغي الاعتماد عليه تماماً واعتباره بديلاً جاهزاً عن العلاج الطبي.
ويستطرد الدكتور غولد قائلاً: «تشير الدراسات التجريبية الرائدة حالياً إلى استخدام أنواع مختلفة من محتويات الواقع الافتراضي لمساعدة المرضى على تعلم المهارات الجديدة لإدارة والتعامل مع الألم وتقليل الاندفاع إلى تناول مسكنات الألم الكيميائية». ومع نظارات الواقع الافتراضي التي يتراوح سعرها الآن بين 300 إلى 400 دولار يمكن للمرضى استخدامها في المنزل عدة مرات في اليوم الواحد. وتعمل عدد من الشركات على تطوير الكثير من البرمجيات ذات الطبيعة أو البيئة العلاجية الافتراضية، بهدف رئيسي يتمثل في استخدام العقل لتغيير حالة المخ - مثل تعلم العزف على البيانو أو ركوب الدراجات.
ويقول الدكتور غولد كذلك: «ليس الواقع الافتراضي دواءً شافياً أو هو عصا سحرية، ولكنه مجرد أداة لتعلم العديد من الأشياء الجديدة. وعلى العكس من المسكنات القوية، فإن المريض لا يتحول إلى إدمان الواقع الافتراضي. وإنما، يتعلم المهارات الجديدة التي يمكن تعميم استخدامها في الحياة الحقيقية بعيداً عن أجهزة الواقع الافتراضي. إنها مجرد أداة لكسر دورة الألم والإجهاد التي تدفع الجهاز العصبي إلى أقصى قدراته. ويمكن للمريض أن يتعلم التفكير الذاتي الإيجابي بصورة جيدة بدلاً من التفكير المستمر في المرض والألم والمعاناة».
- خدمة «نيويورك تايمز»



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.