التصوير المتأخر لدراما رمضان ظاهرة متكررة تهدد الجودة

لقطة من مسلسل «قمر هادي» للنجم هاني سلامة
لقطة من مسلسل «قمر هادي» للنجم هاني سلامة
TT

التصوير المتأخر لدراما رمضان ظاهرة متكررة تهدد الجودة

لقطة من مسلسل «قمر هادي» للنجم هاني سلامة
لقطة من مسلسل «قمر هادي» للنجم هاني سلامة

بات تصوير حلقات مسلسلات رمضان في أوقات متأخرة وضيقة بعد انطلاق الماراثون، ظاهرة موسمية في مصر، فبينما يتم عرض الحلقات الأولى من المسلسلات على الشاشات العربية، فإن صناع العمل يكثفون جهودهم ويضغطون أوقاتهم من أجل استكمال بقية الحلقات، لدرجة دفعت بعض شركات الإنتاج إلى الاستعانة بأكثر من مخرج، ووحدتي تصوير، لسرعة الانتهاء من الحلقات قبل تسليمها للقنوات. وهو ما عدّه النقاد ظاهرة سلبية تؤثر على جودة الأعمال المعروضة.
من جهته، يقول الناقد الفني حسن أبو العلا لـ«الشرق الأوسط»: «الاستعجال في تصوير حلقات مسلسلات رمضان يؤثر بكل تأكيد على جودة العمل، إذ يستطيع المشاهد العادي ملاحظة بعض الأخطاء الفنية نتيجة التسرع».
وأضاف: «ظاهرة تصوير دراما رمضان في أوقات متأخرة بدأت منذ أكثر من 10 سنوات». وأرجع أبو العلا هذا التأخير إلى أزمة تسويق المسلسلات، وأوضح أن «منتجي المسلسلات لا يبدأون تصوير أعمالهم إلا بعد ضمان بيعها للقنوات الفضائية، حتى لا يغامروا بإنفاق مبالغ كبيرة دون مقابل».
وتابع: «طريقة بيع المسلسل تختلف عن طريقة تسويق الأفلام السينمائية، إذ يحقق المنتج أرباحه ويغطي تكلفة الإنتاج بعد عرض الفيلم بدور العرض، عكس المسلسلات».
ولفت أبو العلا إلى «استعانة شركات الإنتاج بوحدتي تصوير ومخرجين مختلفين، وهو ما عدّه أمراً سلبياً وليس في صالح العمل؛ لأن كل مخرج له رؤية مختلفة، ويريد إثباتها في العمل، وبالتالي لن يكون نسق الحلقات موحداً».
جدير بالذكر أن المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام المصري، أصدر قراراً العام الماضي لإجبار شركات الإنتاج على تسليم حلقات المسلسلات، قبل بداية عرضها في رمضان بوقت كافٍ، حتى تتمكن المصنفات الفنية من مراجعتها قبل العرض. وقال مكرم محمد أحمد، رئيس المجلس في تصريحات صحافية سابقة، إنه «لا يصح تسليم المسلسل حلقة حلقة، وأشار إلى وجود تعمد من صناع الأعمال الدرامية لتصوير المسلسلات في أوقات متأخرة، حتى يعفوا أنفسهم من المصنفات بحجة عدم وجود وقت».
وشدد مكرم محمد أحمد على ضرورة توفير الوقت الكافي قبل موعد التصوير أو العرض، لإمكان قيام الجهات المختصة قانوناً بالفحص الرقابي؛ بحيث يجب تسليم العمل الدرامي للرقابة قبل موعد العرض بأسبوعين على الأقل، موضحاً أنه لا بد أن تنتهي جميع المسلسلات قبل رمضان بنصف شهر، وأنه لا بد أن تسلم آخر حلقة قبل 10 أيام من بدء عرضها.
الناقد الفني خالد محمود، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «التصوير المتأخر قد يتسبب في غياب الجودة عن بعض المشاهد، فقد يحتاج المخرج إلى تصوير بعض المشاهد وفق السيناريو المكتوب في مواقع خارجية معينة؛ لكن بسبب ضيق الوقت يضطر إلى تصويرها في الأماكن المتاحة، أو إلغائها تماماً». مضيفاً: «في النهاية سيؤثر ذلك على الإيقاع الدرامي للشخصيات، في وقت تتعامل فيه شركات الإنتاج في التصوير بالقطعة أو بالحلقة»، مشيراً إلى «ظهور هذا التأثير بشكل خاص في نهاية شهر رمضان؛ حيث يصاب الممثلون بإرهاق شديد وعدم تركيز».
ورغم شكاوى الممثلين المتكررة من ضغط أيام التصوير، وتعرضهم للإرهاق نتيجة تكثيف المشاهد، فإن أزمات التسويق قبل بداية الموسم تفرض نفسها، وتضطر المنتجين إلى بدء التصوير متأخراً، وتصبح المسلسلات التي تبدأ مبكراً وتنتهي قبل شهر رمضان استثناءً نادراً وليس أمراً طبيعياً، وفق ما يؤكده النقاد.
ويعد مسلسل «قمر هادي» أحد الأعمال المصرية التي يجري تصويرها حالياً بشكل مكثف، بعدما استأنف المخرج رؤوف عبد العزيز تصوير مشاهد المسلسل المتبقية بعد إجازة قصيرة حصل عليها فريق العمل، لتغيير الديكورات، نظراً لأن نحو أكثر من 60 في المائة من مشاهد العمل يتطلب تصويرها في ديكورات خارجية.
ويكثف رؤوف عبد العزيز ساعات تصوير مشاهد المسلسل، التي من المقرر أن تمتد حتى أواخر شهر رمضان الجاري، في ديكورات مختلفة بمناطق متفرقة بالقاهرة، بعد أن انتهى من 75 في المائة من مشاهد العمل في مناطق عدة بالتجمع الخامس، والسادس من أكتوبر، والشيخ زايد، ومدينة الإنتاج الإعلامي، ومدينة العين السخنة.
ويقوم عبد العزيز بالتزامن مع التصوير بعمليات مونتاج ومكساج حلقات المسلسل، الذي يخوض به النجم هاني سلامة الماراثون الرمضاني لهذا العام.


مقالات ذات صلة

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى شعبان (حسابه على فيسبوك)

مصطفى شعبان يخطف الاهتمام بالحديث عن كواليس زواجه

خطف الفنان المصري مصطفى شعبان الأنظار بعد حديثه للمرة الأولى عن كواليس حياته الشخصية وزواجه قبل أشهر عدّة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق انطلق عرض الموسم الثاني من «Squid Game» قبل أيام (نتفليكس)

«الحبّار 2» يقع ضحيّة لعبته... المسلسل العائد بعد 3 سنوات يخسر عنصر الدهشة

بعض المسلسلات لم يُكتب لها أن تفرز مواسم جديدة، إنما عليها الاكتفاء بمجد الموسم الواحد. لكن يبدو أن فريق «لعبة الحبّار» لم يستوعب هذا الأمر.

كريستين حبيب (بيروت)

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
TT

سمية بعلبكي: خسرت صوتي لأسابيع بعد تفجير منزلنا في الجنوب

تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)
تفجير منزلها العائلي في الجنوب أفقدها صوتها لأسابيع (سمية بعلبكي)

بعد نحو 30 عاماً من مسيرة غنائية رصّعتها الفنانة سمية بعلبكي بالطرب الأصيل، جرى تكريمها أخيراً، في حفل جائزة الـ«موركس دور»، ولكنها تلقّتها بغصّة في القلب. فهي جاءت مباشرة بعد حرب دامية شهدها لبنان، وإثر تفجير منزل بعلبكي العائلي في قريتها العديسة الجنوبية. اختلط طعم فرح النجاح بمرارة خسارة ذكريات الطفولة، فتمنت لو أن هذه المناسبة جاءت في وقت ثانٍ كي تشعر بسعادة التقدير الحقيقية. وتقول بعلبكي لـ«الشرق الأوسط»: «أنبذ الحروب بكل أوجهها حتى المقدّسة منها. فهي مبنية على صراعات تبحث عنها البشرية عبر التاريخ، ولكنها لم تحمل يوماً إلا النتائج السلبية في طيّاتها».

تصف سمية بعلبكي خسارة منزل العائلة كمن فقد قطعة من وجدانه. «إنه يمثّل الذكريات والهوية ومسافة أمان في الوطن. عندما تلقيت الخبر أحسست بالفراغ وكأن سقفاً اقتلع من فوق رأسي، صارت السماء مكشوفة. داهمني الشعور بالغربة، لأن لكل منّا بيتين، أحدهما منزل نقيم فيه، والثاني هو الوطن. وعندما نفقد بيتنا الصغير يتزعزع شعور الأمان بمنزلك الكبير».

أثناء تسلّمها جائزة {موركس دور} (سمية بعلبكي)

في تكريمها بجائزة «موركس دور» تقديراً لمسيرتها وعطاءاتها الفنية، خلعت بعلبكي لبس الحداد على بيتها للحظات. وتعلّق لـ«الشرق الأوسط»: «كنت بحاجة إلى الأمل وإلى غد أفضل. رحلتي هي كناية عن جهد وتعب وتحديات جمّة. فرحت بالجائزة لأنها تكرّم مسيرة صعبة. فالموسيقى بالفعل تشفي من الجراح، لا سيما أن قلبي كان مكسوراً على وطني وأرضي. يا ليت هذا التكريم جاء في توقيت مغاير لكان وقعه أفضل عليّ».

تألقت سمية بعلبكي وهي تتسلّم جائزتها وفرحة ملامح وجهها كانت بادية على وجهها. وتوضح: «لقد سألت نفسي عند مصابي كيف أستطيع تجاوزه ولو للحظات. كانت الموسيقى هي الجواب الشافي. خرجت بعبارة (سنغني قريباً) لعلّ الجرح يطيب. تأثري بفقدان منزلنا العائلي ترك بصماته عليّ. ولا أعتقد أنني أستطيع تجاوز هذا الحزن ولو بعد حين. فإثر إعلامنا بخبر تفجير البيت بقيت لأسابيع طويلة فاقدة القدرة على الغناء. صمت صوتي وما عدت أستطيع ممارسة أي تمارين غنائية لصقله. الألم كان كبيراً، لا سيما أننا لم نتمكن بعد من لمس المصاب عن قرب. لم نر ما حصل إلا بالصور. أرضنا لا تزال محتلة ولا نستطيع الوصول إليها كي نلملم ما تبقى من ذكرياتنا، فنبحث عنها بين الردم علّها تبلسم جراحنا».

الانسلاخ عن الفن طيلة هذه الفترة، لم تستطع سمية بعلبكي تحمّل وزره. «إننا شعب يحب الحياة ويكره الحروب. وأنا بطبعي لا أنكسر أو أستسلم للكآبة والإحباط. نفضت غبار الحرب عني، وقررت إكمال الطريق رغم كل شيء».

تقول بعلبكي إن أحلاماً كثيرة تراودها ولم تستطع تحقيقها بعد. «أحياناً يقف الزمن حاجزاً بيني وبينها. مرات أخرى لا تأتي الفرصة المناسبة لاقتناصها. هناك العديد من أبناء جيلي أقفلوا باب الغناء وراءهم وغادروا الساحة بسبب مصاعب واجهوها. ولكن من ناحيتي، حبّ الناس كان عزائي الوحيد. لقد أحياني وأسهم في إكمالي المشوار».

تمسّكت سمية بعلبكي بالأغنية الأصيلة فاتخذتها هوية لا تتنازل عنها. جميع أعمالها الفنية تتسّم بالرقي والطرب الأصيل. يحلّق معها سامعها في سماء يكمن ازرقاقها بصوتها الشجي. هل شكّلت هويتها هذه عائقاً لانتشار أوسع؟ ترد: «لقد تربيت في منزل فني بامتياز يقوم على الأصالة. والدي ووالدتي الراحلان زرعا في داخلي حب الفن الحقيقي غير المستهلك، فكانا أول من شجعني على دخول الفن. تمحور حلم والدي على رؤيتي فنانة تعتلي المسرح وتغني الأصالة. وما أقوم به ينبع من داخلي ومن شغفي للفن، ولا أستطيع يوماً تغيير هويتي هذه».

تحضّر أغنية جديدة من ألحان الراحل إحسان المنذر (سمية بعلبكي)

وما تلاحظه اليوم على الساحة هو توارث هذا الفن عند مواهب الغد. «يلفتني غناء مواهب صغيرة في برامج الهواة للأغنية الطربية. هم يؤدونها بأسلوب رائع يستوقفني. فهو أمر يفرّحني بحد ذاته؛ كون الأغنية الطربية لها مكانتها في هذا النوع من البرامج، ويتربى الجيل الجديد عليها. أصوات رائعة سمعناها في السنوات الأخيرة. وأتمنى أن تلاقي الفرص المناسبة كي تبدع وتتألّق».

ولكن هل شعرت بالإحباط أو الخيبة في لحظات معينة؟ «لكل منا لحظات من هذا النوع. أصبت بخيبات كثيرة وواجهت معاكسات مختلفة وفقدان فرص مؤاتية، وأصعب هذه اللحظات هي تلك التي يغيب فيها التقدير. ولكنني أعود وأنتصب دائماً وأبذل الجهد من جديد. لم أعرف يوماً (البزنس) في الفن لأني مسكونة بالموسيقى الأصيلة. فهي جزء لا يتجزأ من كياني ووجودي».

سبق وتم تكريم سمية بعلبكي بجوائز عدة، ولكن لجائزة الـ«موركس دور» نكهتها الخاصة لا سيما أنها جاءت بعد حرب منهكة. في بداية مسارها حازت على جائزة «الميكروفون الذهبي» في المهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون. كان ذلك في عام 1994 في تونس. جرى تكريمها إلى جانب مجموعة من المغنين مثل أنغام وصابر الرباعي وأمل عرفة وغيرهم.

وتختم: «كانت روح المنافسة الحلوة تحضر في تلك الحقبة، وكانت الجوائز التكريمية قليلة وتحمل معاني كثيرة. ولكن اليوم مع جائزة (موركس دور) وفي حفل لبناني بامتياز النكهة تختلف. أهديتها لوالدي الراحلين تكريماً لعطائهما الفني، فانطبع الحدث بالأمل والشعور بغدٍ أفضل نترقبه رغم كل شيء».

تستعد سمية بعلبكي لإصدار مجموعة أغنيات جديدة. وتخبر «الشرق الأوسط» عنها: «قبل الحرب كنت أحضّر لأغنية بعنوان (يعني ارتحت)، من كلمات منير بو عساف وألحان بلال الزين. وعندما انتهينا من تصويرها اندلعت الحرب، فامتنعت عن إصدارها في ظروف مماثلة. وهي تتناول قصة المرأة المعنّفة. وأفكّر بإطلاقها قريباً في الأشهر القليلة المقبلة. كما أن هناك قصيدة للراحل نزار قباني أنوي غناءها. وهي من ألحان المبدع الراحل إحسان المنذر. كما ندرس وأخي المايسترو لبنان بعلبكي إمكانية إقامة حفل موسيقي في بيروت احتفالاً بلبنان الصلابة».