تستعد المسارح الروسية لاستقبال عشرات الفرق المسرحية الأجنبية، التي ستقدم عروضاً حازت على شهرة عالمية، ينتظرها الآلاف من عشاق المسرح، في إطار ظاهرة باتت بمثابة «عيد مسرحي» يقدمه سنوياً منظمو «مهرجان تشيخوف للفنون المسرحية». وتعود فكرة تنظيم المهرجان إلى عهد الانفتاح السوفياتي على العالم، حين وجد عدد من كبار المسرحيين الروس أن الظروف ملائمة لإطلاق فعاليات تتناسب مع روح المرحلة، وتساعد أخيراً على تفعيل التبادل الثقافي، بين فرق المسرح الروسية العريقة، التي وإن قدم بعضها عروضاً خارج حدود الدولة السوفياتية، إلا أنها كانت مع ذلك غير معروفة على مستوى عالمي. وبالمقابل أتاح المهرجان فرصة للمسرحيين الروس وعشاق المسرح على حد سواء للتعرف مباشرة على أهم الأعمال المسرحية، بأداء فرق من مختلف دول العالم. ومنذ انطلاقه عام 1992، يستضيف مهرجان تشيخوف عشرات الفرق المسرحية الأجنبية، التي تحمل معها عروضاً رائعة، تبهر الحضور وتساهم في تبادل الأفكار بين المسرحيين بشكل عام.
ومن المشاركين في مهرجان تشيخوف المسرحي هذا العام، المخرجة الألمانية إيتي شتيكل من مسرح مدينة هامبورغ، والتي يصفها النقاد «أعجوبة» المسرح الألماني، حصلت على جائزة «أفضل أول إخراج لعمل مسرحي» عام 2007. ولم تكن قد تجاوزت حينها 25 عاماً من العمر. وتحمل معها هذا العام مسرحية «العاصفة»، وتروي قصة السيدة بوسبيرو، التي تستخدم كل «سحرها» لتُظهر لفتاة اسمها ميرندا مدى سوء الإنسان المعاصر، وقدرته على تحويل كل شيء في حياته إلى «قمامة» خلال أيام معدودة. ورغم الفكرة التشاؤمية التي يطرحها العمل، فإن إيقاعات الأداء النشطة، والتي تترافق مع أجواء تبدو مثل حفل موسيقى الروك الحديثة، مع سحر المؤثرات الخاصة، تجعل نهاية العالم تبدو، إن لم تكن لطيفة، فليست مملة على الإطلاق. واختارت المخرجة الممثلة الألمانية باربرا نوسي، وهي واحدة من أفضل الممثلات الألمانيات، عمرها 75 عاماً، لأداء دور «بروسبيرو».
كما يشارك في مهرجان تشيخوف هذا العام المخرج، والكاتب والكريوغراف والمهرج الإيطالي الشهير دانييل فيبتسي باسكا، الحائز على عدد كبير من جوائز المهرجانات الدولية، منها جائزة عن إخراجه حفل ختام الألعاب الأولمبية الشتوية في إيطاليا، تورينو عام 2006. وسيقدم باسكا لعشاق عروض «مهرجان تشيخوف» هذا العام مسرحية «دونكا» التي سبق وأن شارك فيها بدورة المهرجان عام 2010. ولاقت إعجاباً كبيراً من الحضور. ويقول نقاد إن هذا العرض المسرحي خارج تأثير الزمن، ولا يمكن أن يفقد بريقه مهما مضى عليه، فهو مكتظ عملياً بالمشاهد «الفنتازية» المتوهمة، وأشكال غريبة كأنها «أسطورية»، وكل هذا ينصهر في لوحة خيالية، ضمن أداء أقرب إلى «السيرك المسرحي»، تتنقل المشاهد فيه ما بين الحزين والمضحك واللطيف، بأسلوب قريب من روح أعمال وأسلوب أنطون تشيخوف.
ولا يخلو الأمر من عروض بالية، حيث ستقدم فرقة «الباليه الوطنية الإنجليزية» من لندن «باليه جيزيل»، من تصميم الكريوغراف أكرم خان. وباليه جيزيل، يبقى أحد أشهر العروض الكلاسيكية الدرامية، يحكي قصة حب رومانسية تجمع بين الواقع والخيال وتتعرض لقضية الصراع الطبقي بين النبلاء والبسطاء في المجتمع الأوروبي، من خلال عرض قصة حب تنشأ بين (ألبرت) الدوق الشاب الذي تنكر في هيئة فلاح يعيش في كوخ في الغابة، و(جيزيل) الخياطة البسيطة التي تعيش في كوخ مقابل له. وبشكل عام يتضح من برنامج المهرجان الذي ستبدأ عروضه بعد أيام، أن المنظمين كانوا حريصين على تقديم تنوع مسرحي، ويستضيفون هذا العام فرقاً كبرى بعضها قادم من دول أوروبية، يعرض أحدث ما أبدعه صناع المسرح في الغرب، والبعض الآخر قادم من الشرق، من الصين على سبيل المثال، التي تشارك هذا العام في عروض رقص فولكلوري، مع مزيج من الرقص الحديث، بأسلوب يكشف عن قدرات الجسد البشري، هذا فضلاً عن عروض مسرحية شيقة.
مهرجان «تشيخوف المسرحي» نافذة على الإبداع العالمي
شكل منصة للتواصل الثقافي بين الاتحاد السوفياتي والعالم
مهرجان «تشيخوف المسرحي» نافذة على الإبداع العالمي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة