الجزائر: قيادة الجيش تعلن رفضها القاطع لـ«المرحلة الانتقالية»

هاجمت بحدة سياسيين انتقدوا مواقف الجنرال صالح

TT

الجزائر: قيادة الجيش تعلن رفضها القاطع لـ«المرحلة الانتقالية»

أعلنت قيادة الجيش الجزائري رفضها إطلاق مرحلة انتقالية، يطالب بها قطاع واسع من الحراك والمعارضة، وهاجمت بشدة نشطاء وسياسيين بارزين وزعماء أحزاب بسبب مواقفهم من خطابات رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح، التي حملت رفضه تلبية مطالب ملايين المتظاهرين بتنحية الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.
وتضمنت «مجلة الجيش»، لسان حال المؤسسة العسكرية، في عدد مايو (أيار) الحالي الصادر أمس، تهما خطيرة للغاية لشخصيات لمجرد أنها نشرت آراء وقراءات في الصحف بشأن تعاطي قايد صالح مع الأزمة السياسية، حيث تحدثت عن «مخطط خبيث، له عرابون ومن والاهم ومن يسير في فلكهم». وهؤلاء، حسب النشرية العسكرية، «اتخذوا من قنوات معينة في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وسيلة لتنفيذ أجندات مشبوهة، عبر شن حملات ممنهجة ومغرضة، بهدف تغليط الرأي العام، وبث هرطقات وأكاذيب ومغالطات».
ولم تذكر المجلة من تقصد، ولم تشرح ما هي هذه «الحملات» أو «المغالطات». لكن يفهم أن المستهدفين شخصيات سياسية، أبرزها رئيس الوزراء السابق مولود حمروش، وسعيد سعدي رئيس حزب لائيكي سابقا، الذي يتمتع بحضور لافت في الإعلام وله مشاركات بالمنصات الرقمية الاجتماعية، ومرشحة رئاسية 2014 لويزة حنون، وهي برلمانية ورئيسة حزب. بالإضافة إلى المحامي والناشط مقران آيت العربي.
وعلّق هؤلاء السياسيون بكثافة على تصريحات قائد الجيش حول محاربة الفساد، وعلى الحل الدستوري الذي يريد تنفيذه لتجاوز الأزمة السياسية. وطالب جلهم الجيش بتلبية مطالب الحراك، وقايد صالح بـ«التوقف عن التدخل في الشؤون السياسية»، وعابوا عليه «الضغط على القضاء لفتح ملفات فساد معينة، بغرض تصفية حساب مع رموز نظام بوتفليقة».
وليس خافيا على المتتبعين للشأن السياسي المحلي أن رئيس أركان الجيش يتعامل بحساسية بالغة مع السياسيين والصحافيين، الذين يقولون عنه إنه «يشتغل بالسياسة». ولذلك يحاول، كلما سمحت له الفرصة، نفي ذلك، عبر توظيف أسلوب الهجوم والتخوين. وهو ما تضمنته افتتاحية «الجيش»، التي جاء فيها أيضا: «هناك محاولة يائسة وخبيثة لاستهداف العلاقة الوجدانية القوية بين الشعب وجيشه، وضرب الثقة التي تربطهما. فلا غرابة أن الأبواق ذاتها التي طالبت الجيش بالتدخل في الشأن السياسي، خلال عشريات سابقة، هي نفسها التي تحاول اليوم عبثا أن تدفعه لذلك في هذه المرحلة»، في إشارة إلى ناشطين، ومن بينهم سعدي، الذين طالبوا الجيش مطلع تسعينات القرن الماضي بوقف زحف الإسلاميين نحو السلطة، وهو ما تم في عهد وزير الدفاع الجنرال خالد نزار، الذي ألغى عام 1992 نتائج انتخابات البرلمان التي فازت بها «الجبهة الإسلامية للإنقاذ». وفي نظر قيادة الجيش الحالية، فقد كان ذلك خطأ ارتكبته القيادة العسكرية في ذلك الوقت.
ورفضت «مجلة الجيش» بشدة أن يتم استضافة من تهاجمهم في بلاتوهات الفضائيات الخاصة، وأن تفتح لهم الصحف أعمدتها للتعليق على الأحداث، وعلى تدخلات صالح الكثيرة في السياسة وفي شؤون القضاء. وعبرت عن رفض القيادة العسكرية «التوجه إلى فترة انتقالية على مقاسهم، يعبثون فيها مثلما شاؤوا، ويمررون مشاريعهم وأجندات عرابيهم، الذين يكنون الحقد والضغينة للجزائر».
وعندما يرفض الجيش المرحلة الانتقالية، فإن ذلك يعني، حسب مراقبين، أنه متمسك بتنظيم انتخابات الرئاسة التي حددها رئيس الدولة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، وهو ما لا يريده الملايين من المتظاهرين، الذي عبروا عن هذا الرفض بوضوح في مسيرات الجمعة.
وبخصوص ردود الأفعال التي صدرت بعد سجن وجهاء من النظام، مثل شقيق الرئيس السابق ومديري المخابرات السابقين ورجال أعمال، واتهام آخرين بالفساد، ذكرت المجلة أن قيادة الجيش «قدمت الضمانات الكافية للقضاء، وتعهدت بمرافقته في أداء مهامه بعد أن تحرر من القيود والإملاءات، ولكن تحاول أطراف إيهام الجزائريين بأن تحرك القضاء للنظر في ملفات الفساد، جاء بإيعاز من المؤسسة العسكرية، وهي محاولة للتشويش على العدالة وإحباط عزائمها، وإلا فكيف نفسر أنه بمجرد أن بدأ القضاء التحقيق في تلك الملفات، حتى انطلقت حملة مناهضة، تشكك في جدية العملية برمتها، وتطعن في نزاهة القضاء، معتبرين إياها حملة انتقام وتصفية حساب».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.