أوروبا مستعدة لإعادة العقوبات إذا انتهكت طهران «النووي»

إيران تعلن إعادة بعض الأنشطة النووية اليوم وتعدّ إرسال حاملة طائرات «استعراضياً»

إيرانيات ينتظرن في محطة للحافلات عشية الذكرى الأولى لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي (أ.ب)
إيرانيات ينتظرن في محطة للحافلات عشية الذكرى الأولى لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي (أ.ب)
TT

أوروبا مستعدة لإعادة العقوبات إذا انتهكت طهران «النووي»

إيرانيات ينتظرن في محطة للحافلات عشية الذكرى الأولى لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي (أ.ب)
إيرانيات ينتظرن في محطة للحافلات عشية الذكرى الأولى لانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي (أ.ب)

وجّهت باريس، أمس، تحذيرات لإيران من انتهاك الاتفاق النووي، وقالت إن أوروبا ستكون مضطرة لإعادة فرض العقوبات على إيران. وأكدت وزارة الخارجية الإيرانية، أمس، أنها ستعلن وقف جزء من الالتزامات في الاتفاق النووي، وأن الرئيس الإيراني حسن روحاني سيبعث برسالة إلى الأطراف المتبقية في الاتفاق، فيما أنهت طهران صمتها أمس عن إعلان الولايات المتحدة إرسال حاملة طائرات وقاذفات إلى الشرق الأوسط لتوجيه رسالة إلى طهران، ووصفته بـ«الاستعراضي» وبأنه يأتي في إطار «الحرب النفسية».
وقال مصدر في الرئاسة الفرنسية أمس إن أوروبا ستضطر لإعادة فرض عقوبات على إيران إذا تراجعت طهران عن أجزاء من الاتفاق النووي المبرم في عام 2015 مع الدول الكبرى.
ونقلت «رويترز» عن المسؤول الفرنسي قوله: «لا نريد أن تعلن طهران غداً (اليوم) إجراءات تخرق الاتفاق النووي، لأننا نحن الأوروبيين في هذه الحالة سنضطر لإعادة فرض العقوبات وفقاً لشروط الاتفاق... لا نريد أن نقوم بذلك، ونأمل ألا تتخذ طهران هذا القرار».
وسارعت الأطراف الأوروبية الموقعة على الاتفاق، وهي: فرنسا وألمانيا وبريطانيا، لإنقاذ الاتفاق الذي رفع العقوبات عن طهران مقابل وضع قيود على أنشطتها النووية. وتأتي المساعي الأوروبية في ظل جهود أميركية لفرض عزلة على إيران منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق قبل عام. ونبهت الدول الأوروبية الثلاث إيران مراراً إلى ضرورة التزامها بكل جوانب الاتفاق خصوصاً العناصر المتعلقة بالأنشطة النووية. وأدت تلك القيود إلى زيادة الوقت الذي تحتاجه إيران لإنتاج قنبلة نووية إذا أرادات ذلك.
وتعتقد الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة أن إيران كانت تمتلك برنامجاً للأسلحة النووية وتخلت عنه. وتنفي إيران امتلاكها مثل هذا البرنامج في أي وقت من الأوقات.
وقال المصدر الفرنسي: «بعثنا برسائل إلى طهران بأننا عازمون على مواصلة تنفيذ الاتفاق، ونريد منهم حقاً البقاء في هذا الاتفاق، رغم أننا نأخذ في الاعتبار التعقيدات المحيطة بالوضع الراهن، ونقلنا الرسائل نفسها إلى حلفائنا الأميركيين». وأضاف المصدر: «ما نتوقعه في هذه المرحلة هو رد فعل أوروبي جماعي اعتماداً على البيان الذي ستصدره إيران غداً (اليوم)، ولكن بما أننا لا نعرف بعد ما الذي سيحويه (البيان)، فنحن مستعدون لجميع الاحتمالات».
وكانت وكالة الأنباء والتلفزيون الإيرانيان التابعان للدولة ذكرا أن إيران سوف تستأنف برنامجها النووي المتوقف رداً على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم عام 2015، لكنهما أضافا أن طهران لن تنسحب من الاتفاق.
وتصاعدت التوترات الأميركية - الإيرانية بعدما تحركت واشنطن الجمعة الماضي لتجبر طهران على وقف إنتاج اليورانيوم منخفض التخصيب وتوسعة
محطتها النووية الوحيدة. وكثفت واشنطن حملتها الرامية لوقف برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني وتحجيم نفوذها في المنطقة.
وقالت وسائل إعلام رسمية إيرانية أمس إن وزارة الخارجية ستعلن «التزامات أقل» في إطار الاتفاق النووي لعام 2015، لمبعوثي الدول الخمس الموقعة على الاتفاق، اليوم، وإن الرئيس حسن روحاني سيبعث برسالة لقادة الدول المتبقية في الاتفاق النووي.
وتصاعدت التوترات عشية ذكرى مرور عام على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق.
وبعد تجديد عقوباتها على طهران، انتقلت الولايات المتحدة أمس لممارسة ضغوط عسكرية على إيران فأرسلت حاملة طائرات إلى الشرق الأوسط.
وأنهت طهران صمتها أمس على إعلان الولايات المتحدة إرسال حاملة طائرات وقاذفات إلى الشرق الأوسط لتوجيه رسالة إلى طهران، ووصفته بـ«الاستعراضي» و«الحرب النفسية»، كما أكدت الخارجية الإيرانية أمس أنها ستعلن وقف جزء من الالتزامات في الاتفاق النووي، وسيرسل الرئيس الإيراني حسن روحاني رسالة إلى الأطراف المتبقية في الاتفاق.
وقال المتحدث باسم «المجلس الأعلى للأمن القومي» كيوان خسروي إن «تصريح بولتون استخدام أخرق لحرب نفسية» بحسب «رويترز».
وأضاف خسروي أن حاملة الطائرات وصلت إلى البحر المتوسط منذ أسابيع. وعدّ الإعلان الأميركي «استعراضياً» وقال إن بولتون «يفتقر للفهم العسكري والأمني».
وقال خسروي: «من المستبعد أن تكون لدى قادة الجيش الأميركي رغبة في اختبار القدرات المثبتة للقوات المسلحة».
وذكرت قناة «برس تي في» التلفزيونية الإيرانية الرسمية أن «إرسال (هذه القوات) أمر معد على ما يبدو وفقاً لبرنامج منظم من جانب البحرية الأميركية، وبولتون يحاول استغلاله».
وفي سياق متصل، نقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن حسين دهقان، المستشار العسكري للمرشد الإيراني، قوله إن الولايات المتحدة «لا تريد ولا تستطيع» شن هجوم على إيران. وقال دهقان إن واشنطن «ستواجه صعوبة في إقناع الرأي العالمي ودول المنطقة بقبول حرب شاملة على إيران وتعبئة موارد لمثل هذا الصراع».
وانتقدت صحف إيرانية ومعلقون على نطاق واسع إعلان واشنطن ووصفوه بأنه «خداع» و«كلام لا معنى له».
وقالت إيران الشهر الماضي إنها مستعدة لقرار أميركي ينهي الإعفاءات الممنوحة لبعض مشتري النفط الإيراني؛ حيث كرر «الحرس الثوري» الإيراني تهديده بإغلاق مضيق هرمز الاستراتيجي في الخليج إذا مُنعت طهران من استخدامه. ويمر نحو 30 في المائة من صادرات النفط العالمية المنقولة بحراً عبر هذا المضيق.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف على «تويتر»: «إذا كانت الولايات المتحدة وشركاؤها لا يشعرون بالأمان، فذلك لأن شعوب المنطقة تكرههم، وإلقاء اللوم على إيران لن يغير من الأمر شيئاً».
وانخفض الريال الإيراني إلى 154 ألف ريال للدولار أمس بالمقارنة مع 150 ألف أول من أمس، ليبلغ أدنى قيمة له منذ أوائل أكتوبر (تشرين الأول) 2018 وفقاً لموقع «بونباست».



طهران تنتقد تحذيرات ماكرون من «خطورة» النووي الإيراني

صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
TT

طهران تنتقد تحذيرات ماكرون من «خطورة» النووي الإيراني

صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي
صورة نشرتها وزارة الخارجية الإيرانية للمتحدث إسماعيل بقائي

انتقدت طهران تحذيرات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن خطورة البرنامج النووي الإيراني، وما تشكله من تحدي أمني استراتيجي في الشرق الأوسط.

وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، إن هذا الكلام «لا أساس له، ومتناقض، ويستند إلى تكهنات»، كما وصف كلام ماكرون بشأن البرنامج النووي الإيراني بـ«المخادعة»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وعدّ بقائي أن البرنامج الإيراني «سلمي ويندرج في إطار القانون الدولي».

وكان ماكرون قد قال، الثلاثاء، أمام السفراء الفرنسيين في الإليزيه: «إيران هي التحدي الاستراتيجي والأمني الرئيسي لفرنسا والأوروبيين والمنطقة بكاملها، وأبعد من ذلك بكثير».

إيمانويل ماكرون (رويترز)

«سناب باك»

وحذَّر من أن «تسارع برنامجها النووي يقودنا إلى نقطة الانهيار»، مشدداً على أن موضوع إيران سيكون من الأولويات في الحوار الذي سيباشره مع الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترمب.

وحذَّر من أن الشركاء الأوروبيين في الاتفاق النووي لعام 2015 مع إيران يجب أن يفكروا في معاودة فرض العقوبات، إذا لم يتحقق أي تقدم، وذلك في إشارة إلى آلية «سناب باك».

وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، على «إكس»، اليوم (الأربعاء): «الادعاءات الكاذبة التي تسوقها حكومة رفضت الوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي، ولعبت دوراً رئيسياً في حيازة إسرائيل للأسلحة النووية، خادعة ومبالغ فيها». وبحسب الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فإنّ إيران هي الدولة الوحيدة التي لا تملك أسلحة نووية وقامت بتخصيب اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، القريبة من نسبة 90 في المائة اللازمة لصناعة سلاح نووي.

وتقول الدول الغربية إنه لا يوجد مبرر لتخصيب اليورانيوم إلى هذا المستوى العالي في إطار أي برنامج مدني موثوق، وإنه لا توجد دولة وصلت لهذا المستوى من التخصيب دون أن تنتج قنابل نووية. بينما تنفي إيران السعي لامتلاك أسلحة نووية.

وكانت فرنسا وألمانيا وبريطانيا من الدول الموقعة على الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وافقت فيه إيران على الحد من تخصيب اليورانيوم، مقابل رفع العقوبات الدولية.

اجتماع أوروبي - إيراني

ومن المقرر أن يعقد دبلوماسيون فرنسيون وألمان وبريطانيون اجتماع متابعة مع نظرائهم الإيرانيين، في 13 يناير (كانون الثاني)، بعد اجتماع انعقد في نوفمبر (تشرين الثاني) لمناقشة إمكان إجراء مفاوضات جادة في الأشهر المقبلة.

وتسعى طهران إلى نزع فتيل التوتر مع الأوروبيين، قبيل عودة ترمب إلى البيت الأبيض في 20 يناير.

ولم يذكر بقائي تعليق وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو بشأن 3 مواطنين فرنسيين محتجزين في إيران.

وقال بارو، أمس (الثلاثاء)، إن العلاقات المستقبلية مع طهران وأي رفع للعقوبات على إيران سيعتمد على إطلاق سراحهم.

في السادس من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أبلغت بريطانيا وفرنسا وألمانيا مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بأنها مستعدة، إذا تطلب الأمر، لتفعيل ما يُسمى بآلية «سناب باك» وإعادة فرض جميع العقوبات الدولية على إيران لمنعها من امتلاك سلاح نووي.

ومن المقرر أن ينقضي مفعول آلية «سناب باك» في 18 أكتوبر (تشرين الأول) مع انقضاء موعد القرار 2231 الذي يتبنى الاتفاق النووي. وتخشى طهران أن تقدم القوى الأوروبية الثلاثة على مثل هذه الخطوة.

ترمب يعرض مذكرة وقّعها للانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني في 8 مايو 2018 (أ.ب)

عودة ترمب

وأثارت عودة ترمب للبيت الأبيض تساؤلات حول كيفية تعامله مع طهران، خصوصاً أن تشكيلة إدارته ستضم عدداً من المسؤولين الذين يتخذون موقفاً متشدداً إزاء طهران. وانسحب ترمب من الاتفاق النووي في 2018، الذي أبرمه سلفه باراك أوباما في عام 2015 ما أدى إلى انهياره.

ومن غير الواضح ما إذا كان سيدعم المحادثات مع إيران؛ إذ تعهد بدلاً من ذلك باتباع نهج أكثر ميلاً للمواجهة والتحالف بشكل أوثق مع إسرائيل، العدو اللدود لإيران، التي كانت تعارض الاتفاق.

وقد بعثت كل من إدارة ترمب المقبلة وطهران رسائل متباينة حول ما إذا كانتا ستسعيان إلى المواجهة أو نوع من التفاهم الدبلوماسي بعد تولي ترمب مهامه في 20 يناير.