«حديقة الأورمان» في مصر تكافح لاستعادة رونقها

خربها أنصار الإخوان قبل عام لكنها تعلمت حكمة «شجرة الحياة»

جانب من حديقة الأورمان بعد عام من تعرضها للتخريب على أيدي أنصار جماعة الإخوان ({الشرق الأوسط})
جانب من حديقة الأورمان بعد عام من تعرضها للتخريب على أيدي أنصار جماعة الإخوان ({الشرق الأوسط})
TT

«حديقة الأورمان» في مصر تكافح لاستعادة رونقها

جانب من حديقة الأورمان بعد عام من تعرضها للتخريب على أيدي أنصار جماعة الإخوان ({الشرق الأوسط})
جانب من حديقة الأورمان بعد عام من تعرضها للتخريب على أيدي أنصار جماعة الإخوان ({الشرق الأوسط})

تلخص جغرافيا «حديقة الأورمان» حال القاهرة اليوم. فالحديقة التي أسسها خديوي مصر إسماعيل حفيد محمد علي باشا منذ نحو قرن ونصف القرن غرب «قاهرته» الجديدة التي بناها على الطراز الأوروبي، تكافح منذ عام لاستعادة بريق فقدته على أيدي أنصار جماعة الإخوان المسلمين الذين اعتصموا في جانب منها منتصف العام الماضي.
لم تخف أعمال الترميم بعد آثار الدمار في الركن الغربي القريب من جامعة القاهرة، حيث تركز اعتصام الإسلاميين المؤيدين للإخوان. في الجانب المقابل باتجاه الشرق، لا تزال المنطقة التي يطلق عليها العاملون في الحديقة اسم «ربع الرسم»، حيث أشجار السرو والنخيل الملكي، خالية من طلاب الفنون التشكيلية الذين اعتادوا ارتيادها، وفي الطريق بين الجانبين يوجد تاريخ في انتظار حسم الصراع على هوية البلاد.
تشير المهندسة الزراعية سحر إلى الجسر الخشبي في وسط الحديقة، تدعوه بـ«كوبري زوزو»، وهو الجسر الذي صورت فيه الفنانة الراحلة سعاد حسني المشاهد الأخيرة من فيلم «خلي بالك من زوزو»، الذي ألفه الشاعر الكبير صلاح جاهين.
هناك بالقرب من الجسر الذي يبدو اليوم مهجورا، غنت زوزو عام 1972 من كلمات جاهين «الله الله على الحب الحب.. عقبال كده ما تطبوا وتبقى حياتكم قصة الحب»، لكن في تلك السنوات كان مئات من طلاب جامعة القاهرة على بعد خطوات منه، ينخرطون في التنظيمات الإسلامية وباتوا من قادة تيار الإسلام السياسي لاحقا. عدد كبير من هؤلاء ظهر على منصة الاعتصام الذي دمر جانبا من الحديقة عام 2013.
أنشئت الأورمان في محافظة الجيزة المتاخمة للعاصمة (غرب النيل) على مساحة 95 فدانا، في ‏عهد‏ ‏الخديوي ‏إسماعيل‏ ‏عام 1875. والأورمان كلمة تركية تعني الغابة، وكان الهدف من إنشائها حينها ‏إمداد‏ ‏القصور‏ ‏الخديوية‏ ‏بالفاكهة‏ ‏والموالح‏ ‏والخضر‏ التي ‏جرى‏ ‏استجلابها‏ ‏من‏ ‏جزيرة‏ ‏صقلية.
وظلت الحديقة تتبع القصر الخديوي حتى نهاية العقد الأول من القرن الماضي، وعرفت بسراي ‏الجيزة‏‏، ثم انتقلت تبعيتها إلى وزارة الزراعة. في زمن البدايات جلب‏ ‏الخديوي ‏إسماعيل ‏للحديقة أشجارا ونباتات مزهرة‏ ‏من جميع‏ ‏أنحاء‏ ‏العالم‏ وقام بتصميم الحديقة مهندسون فرنسيون، وأشرف على تنفيذها مهندس فرنسي أيضا.
‏يحمل موظفو حديقة الأورمان الكثير من مشاعر الغضب تجاه أنصار الإخوان وحلفائهم من الإسلاميين، فبالإضافة إلى الخبرة السلبية في التعامل معهم خلال الاعتصام الذي أقاموه عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي في يوليو (تموز) من العام الماضي، أثر الدمار الذي حل بالحديقة على حجم الإقبال عليها، وهو ما يعني انخفاضا مماثلا في دخول موظفيها.
يتقدم العمل ببطء في حديقة الأورمان التي تفتح أبوابها للجمهور رغم أعمال الترميم. ويعتقد المهندس منير سليمان أن أسباب البطء تعود إلى نقص الاعتمادات المالية، لكن الأمل يحدوهم في أن تتمكن الحديقة من استعادة رونقها خلال ستة شهور.
وتعد حديقة الأورمان من الحدائق النباتية النادرة في مصر، لكن تمدد العمران نال منها، إضافة إلى اقتطاع مساحة كبيرة من الحديقة، ضمت لحديقة الحيوان القريبة منها، بعد أن تقرر مد طريق شارع جامعة القاهرة، لتصبح الأورمان بحلول ثلاثينات القرن الماضي 28 فدانا فقط.
الحديقة التي تضم نحو 100 فصيلة من النباتات، مقسمة لعدة مربعات أكثرها تضررا المربع المخصص لأشجار الفيكس (عائلة التينيات)، التي تتربع على عرشها شجرة الفيكس البنغالي التي تجاوز عمرها المائة عام.
أما المربع المخصص للورود، فهو مزروع على مساحة فدانين ويوجد على الطرف القصي من الحديقة قريبا من كورنيش النيل، وهو جزء يسعى موظفو الحديقة لإبعاد الرواد عنه.. «المكان مفتوح للزائرين كما ترى»، يقول المهندس سليمان، «لكننا نسعى للحفاظ عليه، فهو سريع التأثر ويعد أكبر حديقة للورود في مصر».
في الجانب المقابل، يوجد أيضا الجزء المخصص لنباتات الصبار، وهو جزء محاط بسور منفصل ومعتنى به جيدا، ويحتوي على 108 من أنواع الصبار ويقع على مساحة فدان ونصف الفدان، وهناك يعمل عم جلال منذ 25 عاما.
صعوبة أسماء الأنواع المتنوعة من نباتات الصبار التي جاءت من أميركا إلى هذه البقعة من القاهرة لم تسمح لعم جلال بحفظ الأسماء، لكن كمصري أصيل تعلم الرجل حكمة الصبار. كان عم جلال عاملا في جامعة القاهرة دفعته صعوبات المعيشة للبحث عن عمل إضافي، فظل يعمل طوال تلك السنوات كعامل باليومية في حديقة الأورمان.
وصل عم جلال وهو أب لأربعة أبناء، ثلاثة ذكور وبنت واحدة، إلى سن المعاش، لكن صعوبات الحياة لازمته خلال تلك السنوات فظل يعمل بالحديقة بعد بلوغه سن التقاعد.. يشير الرجل البشوش إلى الأنواع التي يفضلها، ويفخر بقدرته على تعليم أبنائه يقول: «الحمد لله جميعهم تزوجوا». يأمل عم جلال في أن يتحسن الحال خارج أسوار الحديقة، أما في نطاقها فهو كفيل به.
تضم حديقة الأورمان أيضا «معشبة»، وهو مصطلح يشير إلى مجموعة نماذج نباتية مجففة ومعاملة بمحلول لحفظها من الحشرات، وهذه المجموعة يجري حفظها وتصنيفها كعينات مرجعية، حيث يجري تسجيل الاسم العملي للنبات وفصيلته وتاريخ التزهير أو تاريخ الإثمار، ومكان جمع العينة. وتأسس هذا الجزء من الحديقة في منتصف الستينات على أيدي الخبير النباتي محمد درار مدير الحديقة حينها، والعالمة السويدية فيفي تاكهولم أستاذة النباتات بكلية علوم القاهرة.
وبين أرشيف النباتات المجففة في المعشبة ونضارة الأشجار المعمرة في أرجاء حديقة الأورمان، تقف شجرة الحياة، وهي شجرة «الجينكو» اليابانية التي صمدت في وجه القنبلة الذرية التي ألقتها الولايات المتحدة على مدينة هيروشيما في الحرب العالمية الثانية، خلاصةً لحكمة الحياة.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».