رئيس مجموعة «سيرا»: نركز على 3 قطاعات ونستهدف 800 مليون دولار مبيعات بمنصة «المسافر»

عبد الله الداود قال لـ «الشرق الأوسط» إن قطاع السفر والسياحة يحتاج لبناء قدرات مختلفة

عبد الله الداود الرئيس التنفيذي لمجموعة «سيرا» (الشرق الأوسط)
عبد الله الداود الرئيس التنفيذي لمجموعة «سيرا» (الشرق الأوسط)
TT

رئيس مجموعة «سيرا»: نركز على 3 قطاعات ونستهدف 800 مليون دولار مبيعات بمنصة «المسافر»

عبد الله الداود الرئيس التنفيذي لمجموعة «سيرا» (الشرق الأوسط)
عبد الله الداود الرئيس التنفيذي لمجموعة «سيرا» (الشرق الأوسط)

لا يختلف اثنان على أن قطاع السفر والسياحة كان من أكثر القطاعات التي أعادت التكنولوجيا هيكلته بشكل كبير، ولم يعد كما هو في السابق، الأمر الذي يتطلب رؤية واستثمارات واستراتيجيات جديدة. فبعد أن كان المسافر يذهب إلى مكاتب السفر والسياحة والفنادق للحجز، أصبحت تلك الجهات تأتي له عبر التطبيقات باستخدام الأجهزة الذكية، وهو ما ذكره عبد الله الداود الرئيس التنفيذي لمجموعة «سيرا» السعودية، التي أطلقت هويتها الجديدة مؤخراً بعدما كانت تسمى مجموعة الطيار للسفر والسياحة.
وأضاف الداود في حوار مع «الشرق الأوسط» أن الهدف من تغيير العلامة التجارية هو مواكبة المتغيرات التي يشهدها القطاع، مشيراً إلى أن المجموعة تركز على 3 قطاعات رئيسية خلال الفترة المقبلة، تتضمن سوق الحج والعمرة وقطاع الأعمال وقطاع سفر الأفراد، في الوقت الذي تسعى فيه المجموعة إلى تجاوز 3 مليارات ريال (800 مليون دولار) كمبيعات في منصة «المسافر» الموجهة لقطاع سفر الأفراد، كما تحدث عن رؤية المجموعة خلال الفترة المقبلة من خلال الحوار التالي:
> أطلقتم مؤخراً تغيرات عدة في الشركة من خلال استراتيجية جديدة وعلامة تجارية وهوية جديدة، ما أبرز ملامح هذه الاستراتيجية في ظل المعطيات الحالية لقطاع السفر والسياحة؟
- نهدف في الاستراتيجية في شركة سيرا (الطيار سابقاً) بعد النجاح الكبير للشركة بعد الطرح الكبير في 2012، بدء التوجه في الاستثمار بقطاع التكنولوجيا عن طريق الاستثمار في منصة المسافر وتطبيق كريم في نهاية عام 2014. وفي 2017 أعلنا عن بدء التحول الاستراتيجي في المجموعة من خلال إعادة صياغة الاستراتيجية بشكل كامل، وحددنا في برنامج التحول معلنين عن رؤيتنا الجديدة وهي أن نكون الشركة الرائدة على مستوى الشرق الأوسط في قطاع السفر والسياحة مدعومة بعلامات تجارية قوية، تتجاوز تطلعات العملاء، وتم تحديد استراتيجية محفظة الأعمال والتركيز على عدد من القطاعات من ضمنها قطاع الحج والعمرة، والتركيز على قطاع الأعمال، وقطاع السفر على الأفراد وقطاع الفنادق وتأجير السيارات وأيضاً قطاع الاستثمارات، وتم تحديد علامة تجارية لكل قطاع من قطاعات الأعمال الاستراتيجية، منها: قطاع الحكومة الذي سيكون تحت العلامة التجارية «إيلاف»، وقطاع خدمات السفر سيكون تحت العلامة التجارية «المسافر»، وقطاع الحج والعمرة سيكون تحت العلامة التجارية «مواسم»، وقطاع تأجير السيارات سيكون تحت العلامة التجارية «لومي»، وقطاع الفنادق إما أن يكون تحت العلامة التجارية العالمية لكل فندق من الشركات العالمية كفندق شيراتون أو موفنبيك التابعة لنا، أو عن طريق العلامات التجارية التي تملك المجموعة حق الامتياز لها في منطقة الشرق الأوسط. وسنرسل إشارة حول التغير الاستراتيجي وتم تغيير الهوية بما يتناسب مع غرض الشركة ومرحلة التحول الجديد.
> ما نظرتكم في قطاع الاستثمار خلال المرحلة المقبلة؟
- تركيزنا خلال الفترة المقبلة سيكون في 3 قطاعات رئيسية، أولاً قطاع سفر الأفراد تحت العلامة التجارية المسافر، الذي كانت مبيعاته في عام 2015 تقريباً «صفر»، وفي عام 2016 مبيعاتنا وصلت إلى نصف مليار ريال (133.3 مليون دولار)، وفي 2017 قاربت 1.4 مليار ريال (373.3 مليون دولار)، ومجموع قيمة الحجوزات في 2018 تجاوزت ملياري ريال (533.3 مليون دولار)، حيث نستهدف تجاوز 3 مليارات ريال (800 مليون دولار) خلال العام الجاري، وحتى نصل إلى هذه الأرقام فذلك يتطلب تركيزا واستثمارات كبيرة، سواء في تطوير التقنية من خلال المنصة الإلكترونية، أو تطوير المنتجات التي تعرض سواء عن طريق تعريف العملاء بمميزات منصة المسافر، وعلى المستوى نفسه ما يتعلق بسوق الحج والعمرة، الذي يصل حجمه إلى نحو 75 مليار ريال (20 مليار دولار)، وبناء على رؤية السعودية 2030 تستهدف زيادة حجم السوق إلى 400 مليار ريال (106.6 مليار دولار) بحلول 2030. وما زالت حصتنا السوقية أقل من نصف في المائة، ونتطلع لزيادة حصتنا بشكل كبير، وهذا يتطلب استثمارات كبيرة وستتركز فيها استثمارات المجموعة خلال الفترة المقبلة.
> بما يتعلق بالحج والعمرة، هل يعني ذلك دخولك للاستثمار في عمليات ترتيب السفر للمعتمر أو الحاج أو في استثمارات في مكة المكرمة والمدينة المنورة من خلال مبانٍ أو أصول ثابتة؟
- جميعها... استراتيجيتنا مبنية على «مرتب السفر بالكامل»، فبدلاً من بيع حجز فندق، يتم طرق باقة متكاملة من الفنادق وخدمات التوصيل والأنشطة التي تكون خارج المشاعر المقدسة وخارج مكة المكرمة والمدينة المنورة، من خلال المناطق الجميلة في السعودية التي تجذب أنظار الزوار، ونستهدف من خلال عمل باقات سياحية متكاملة للحجاج والمعتمرين والزوار، ونقدم لهم فرصة لزيارة مناطق أخرى في السعودية.
> بما يتعلق بمنصة «المسافر» بالتحديد، هناك تحديات في توجه شركات الفندقة نحو العملاء مباشرة والابتعاد عن وجود طرف ثالث، ألا تعتقد أن ذلك يشكل تحدياً لكم؟
- بالعكس، نحن لدينا عدد من الاتفاقيات التي تدعمنا في هذا الجانب، ووقعنا عقدا مع مجموعة فنادق أكور، للربط المباشر بين نظام منصة المسافر وبين نظام مجموعة أكور التي تعتبر الوحيدة في منطقة الشرق الأوسط بهذه العلاقة المباشرة، وستكون الأسعار مطابقة لما يوجد في فنادق المجموعة. أيضا توفر غرف اللحظة الأخيرة المتوفرة، وتم توقيع أيضاً مع مجموعة انتركونتننتال الفندقية «آي إتش جي» لتكوين علاقة استراتيجية مماثلة لما هي العلاقة مع أكور، بالإضافة إلى مجموعة ماريوت. وهناك أيضا محادثات واسعة مع مجموعات فندقية لتكون العلاقة نفسها معهم، وهذه تعطي ميزة كبيرة للمسافرين عبر منصة المسافر من خلال التوفر والأسعار.
> بما يتعلق بالتوسعات الاستثمارية، هل تعتزمون الاقتراض أو سيتم تمويلها ذاتيا؟
- ستكون عبارة عن أدوات متنوعة، ولكن المجموعة لديها سيولة عالية قبل وبعد التخارج من بعض استثماراتها. وقد بنينا سيولة كبيرة جداً تمكنها بكل سهولة من الاستثمار في قطاعاتها الرئيسية الواعدة لسوق السفر في السعودية، سواء في الحج والعمرة أو قطاع الأعمال أو قطاع الأفراد.
> هل تنون الاستحواذ على منصات جديدة أو الدخول في شراكات على غرار استثماركم في «كريم» أو فرص تتم دراستها في الوقت الحالي؟
- نحن في الوقت الحالي شركة سفر مدعومة بمنصات تكنولوجية تم تطويرها داخلياً، وسنواصل الاستثمار بقوة فيها لخدمة قطاعات المجموعة الحج والعمرة وقطاع الأعمال والأفراد.
> وبالتالي سيكون هناك تركيز على قطاع الخدمات عبر الإنترنت في المجموعة؟
- سيكون دعمها بشكل كبير عن طريق قطاعات الأعمال الرئيسية في التوسع فيها.
> من خلال ما ذكرتها من نتائج يلاحظ أن هناك تحسناً في عمليات الحجز عبر الإنترنت، هل تتوقع استمرار هذه الوتيرة؟
- النمو في قطاع السفر عبر المنصات الإلكترونية سيكون من خانتين مئويتين أعلى بكثير من نمو السوق ككل، وهذا واضح بسبب توجه رغبات العملاء بالحجز بطريقة سهلة ومريحة عبر المنصات الإلكترونية التي توفر السهولة في الاستخدام، ونحن مستمرون بتطوير منتجاتنا بشكل يومي، وكل أسبوعين هناك إنتاج جديد من التطبيقات، وفي موقع المسافر سيخدم العملاء بشكل كبير.
> كيف تقيّم عام 2019؟
- متفائل جداً.
> ذكرت قبل فترة أنكم تستهدفون إيرادات تصل إلى 10 مليارات ريال (4.6 مليار دولار) خلال 5 سنوات.
- الآن حجم سوق السفر في السعودية إذا تم النظر إلى سوق الحج والعمرة الحصة السوقية أقل من 0.5 في المائة، وحجم سوق حصتنا في قطاع سفر الأفراد يبلغ 3 إلى 4 في المائة، وحجم سوق الحج والعمرة يصل إلى 75 مليار ريال (20 مليار دولار)، وحجم سوق الأفراد نحو 50 مليار ريال (13.3 مليار دولار)، وحصتنا السوقية لا تزال صغيرة لأن التركيز السابق كان على قطاع الحكومة والأفراد الذي تصل حصتنا السوقية فيه نحو 25 في المائة. الفرصة جداً كبيرة مع سياسة الحكومة للتوسع لدعم قطاع السياحة، بحيث يكون أحد المحركات الرئيسية للنمو الاقتصادي وتنويع مصادر الدخل للاقتصاد الوطني، ونحن متفائلين جداً، وإذا ربطنا هذه الصورة بالاستثمارات التي قمنا بها خلال الفترة الماضية من خلال بناء منصات تقنية وبناء القدرات الداخلية، أتوقع أن يتحقق النمو الكبير، وبما يتعلق ببناء القدرات الداخلية عمدنا إلى إنشاء برنامج داخلي تحت اسم «جدارة» لتطوير القدرات الشابة، وأطلقنا النسخة الثانية لدعوة 30 خريجا لتدريبهم بشكل مكثف لمدة 3 أشهر في مكاتبنا، ومن ثم يتم تدريبهم على رأس العمل في عدة قطاعات كقطاع البيانات والتكنولوجيا أو المنتج أو الاستراتيجية أو التسويق، التي لها أهمية كبيرة في هذا القطاع، ومن ثم يتم منحه الخيار في الاستمرار بالمجموعة أو وجود فرص أخرى حيث إن الشركة لا تمنعهم، ومع ذلك نحن ندفع جميع التكاليف الخاصة بالتدريب.
> ما أبرز التحديات التي تواجه قطاع السفر والسياحة؟
- أعتقد أن أبرز التحديات هي القدرات، ولهذا عمدنا إلى إنشاء برنامج «جدارة»، الهدف منه هو بناء كوادر قوية جداً لأن هذا القطاع لا توجد شركة محلية تستطيع مقارنتها بالشركات الكبرى في السعودية على غرار شركة سابك التي عملت على سنوات طويلة في بناء كوادر قوية. فالتغير السريع من مجرد مكاتب سفر وسياحة إلى تقديم الخدمة عن طريق التطبيقات تتطلب قدرات ومهارات مختلفة تماماً، ضعف الكوادر الذي شهده القطاع خلال الفترة الماضية كان يشكل تحدياً التي نواجهها في قطاع السياحة، وأنا متأكد أن هيئة السياحة تقوم بعدد من المبادرات وجهات حكومية تعمل على عدد من البرامج لتأهيل العاملين في قطاع السياحة ومختلف القطاعات الأخرى المساندة كالبيانات والتقنيات المختلفة.


مقالات ذات صلة

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

الاقتصاد وزير السياحة متحدثاً للحضور مع انطلاق النسخة الأولى من القمة الدولية للمعارض والمؤتمرات بالرياض (الشرق الأوسط)

وزير السياحة السعودي: الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً للمعارض والمؤتمرات

أكد وزير السياحة أحمد الخطيب، أنَّ الرياض تتجه لتصبح مركزاً عالمياً لقطاع المعارض والمؤتمرات، مع مشروعات تشمل مطارات جديدة، ومنتجعات، وبنية تحتية متطورة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد وزير الصناعة والثروة المعدنية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

الخريف: قطاع إعادة التصدير السعودي ينمو ويسجل 16.2 مليار دولار عام 2024

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، عن تسجيل بلاده صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير خلال العام الحالي.

زينب علي (الرياض)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية بالسعودية (الشرق الأوسط)

الأقل في مجموعة العشرين... التضخم في السعودية يسجل 2 %

بلغ معدل التضخم السنوي في السعودية 2 في المائة، خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الجاسر متحدثاً للحضور في النسخة السادسة من مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية (الشرق الأوسط)

السعودية: توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية بـ2.6 مليار دولار

قال وزير النقل والخدمات اللوجيستية، المهندس صالح الجاسر، إن السعودية نجحت في جذب الاستثمارات من الشركات العالمية الكبرى في القطاع اللوجيستي.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد صورة جماعية للمشاركين في مؤتمر «كوب 16» في اختتام أعماله (واس)

«كوب 16» يختتم أعماله بالموافقة على 35 قراراً لتعزيز جهود مكافحة التصحر

أنتج مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) الذي عقد في الرياض، 35 قراراً حول مواضيع محورية.

عبير حمدي (الرياض)

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»