علاج جديد للتوحد يحقق نتائج إيجابية في أول تجربة سريرية

يستهدف هرمون السلوك الاجتماعي للمرضى

علاج جديد للتوحد يحقق نتائج إيجابية في أول تجربة سريرية
TT

علاج جديد للتوحد يحقق نتائج إيجابية في أول تجربة سريرية

علاج جديد للتوحد يحقق نتائج إيجابية في أول تجربة سريرية

أظهرت تجربتان سريريتان نُشرت نتائجهما، أول من أمس، في دورية متخصصة بالأدوية، «Science Translational Medicine»، أن علاجاً معتمداً على الهرمونات قد يحسّن من الوظيفة الاجتماعية لدى المصابين بالتوحد.
وركزت كلتا التجربتين على هرمون «فاسوبريسين»، وهو الهرمون المسؤول عن قدرة الدماغ على إدارة السلوك الاجتماعي، وكانت الدراسات قد أظهرت أنه كان منخفضاً في السائل النخاعي بين الأشخاص المصابين بالتوحد، وكلما انخفضت مستوياته، زادت حدة الأعراض، وتوجد مستقبلات هذا الهرمون في المنطقة المسؤولة عن تنظيم الأداء الاجتماعي.
واختُبر في التجربة الأولى عقار حمل اسم الهرمون، وأُعطي لأطفال مصابين بالتوحد، كرذاذ بالأنف، وكانت النتائج إيجابية في تحسين السلوك الاجتماعي لهم، كما أكدت الباحثة الرئيسية كارين باركر، مديرة برنامج أبحاث العلوم الاجتماعية العصبية بجامعة ستانفورد الأميركية في تقرير نشره موقع الجامعة بالتزامن مع نشر الدراسة.
وقالت باركر: «لقد شهد الوالدان تحسناً في سلوك الأطفال، وشهد الأطباء بهذا التحسن، وظهر واضحاً في أداء الأطفال في الفحوصات المخبرية».
وخلال التجربة، عالجت باركر وزملاؤها 17 طفلاً مصاباً بالتوحد برذاذ «فاسوبريسين» للأنف، و13 طفلاً آخر باستخدام بخاخ وهمي غير نشط لمدة أربعة أسابيع. وأظهر الأطفال الذين عولجوا بـ«فاسوبريسين» سلوكاً اجتماعياً محسّناً، كما تم قياسه بواسطة اختبار قياسي يسمى «مقياس الاستجابة الاجتماعية»، وكذلك أظهروا تحسناً في التواصل الاجتماعي، وكانوا أكثر قدرة على تفسير الحالات العاطفية والعقلية للآخرين.
ولم تتضمن التجربة السريرية الثانية هرمون «فاسوبريسين» نفسه، ولكنها استخدمت دواءً جديداً يسمى «بالوفابتان»، لتنشيط مستقبلات الدماغ التي يستهدفها الهرمون.
واستهدفت تجربة «بالوفابتان» السريرية 223 رجلاً يعانون من مرض التوحد المعتدل أو الحاد، وتم تقسيم المرضى إلى 4 مجموعات.
ويقول الدكتور باولو فونتورا، نائب رئيس إحدى شركات الأدوية، والباحث الرئيسي في التجربة التي أجريت على هذا الدواء: «تم إعطاء المرضى (بالوفابتان) بجرعات مختلفة، وأظهرت مجموعتان تلقيتا جرعات أعلى منه تحسناً في المهارات الاجتماعية والسلوك التكيفي ومهارات الحياة اليومية».
ولم يتسبب كلا الدواءين («فاسوبريسين» أو «بالوفابتان») في أي آثار جانبية خطيرة، ولم يثيرا أي مخاوف تتعلق بالسلامة، ولكن الدكتور أندرو أديسمان، أستاذ طب الأطفال التنموي والسلوكي، لديه مشاعر مختلطة حول العلاج الذي يركز على هرمون فاسوبريسين لمرض التوحد.
وقال أديسمان في التقرير الذي نشرته جامعة ستانفورد: «تشير التجربتان إلى أن العلاجات التي تستهدف زيادة مستويات (فاسوبريسين) في الدماغ قد تكون مفيدة لبعض المرضى الذين يعانون من مرض التوحد، ومع ذلك هناك حاجة إلى مزيد من البحوث طويلة الأجل للاطمئنان إلى سلامة هذا النوع من العلاج».
و«فاسوبريسين» متوفر بالفعل كمضاد لإدرار البول، حيث يستخدم لعلاج التبول المتكرر بشكل مفرط، ولهذا السبب يشعر أديسمان بالقلق من أن الآباء قد تغريهم نتائج التجربتين، للبحث عن وصفة طبية من طبيبهم لاستخدامه مع طفلهم المصاب بالتوحد.
وأضاف: «أعتقد أن العائلات والأطباء بحاجة إلى توخي الحذر في استخدام هذا الدواء حتى يتم إثبات فاعليته لمرضى التوحد، عبر دراسات أخرى طويلة الأجل».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».