أزمة خفض الدعم تطال تذاكر مترو الأنفاق بالقاهرة

مواطنون يشترونها بكميات تحسبا لمضاعفة أسعارها

ركاب في مترو أنفاق القاهرة
ركاب في مترو أنفاق القاهرة
TT

أزمة خفض الدعم تطال تذاكر مترو الأنفاق بالقاهرة

ركاب في مترو أنفاق القاهرة
ركاب في مترو أنفاق القاهرة

يتجه مواطنون مصريون منذ أيام لشراء أعداد كبيرة من تذاكر مترو الأنفاق تحسبا لزيادة متوقعة، بدأ الترويج لها منذ أسابيع، في إطار خطة بدأتها الحكومة المصرية لخفض الدعم المقدم على السلع والخدمات. وكشف أمس مصدر مسؤول في الهيئة القومية لمترو أنفاق القاهرة لـ«الشرق الأوسط» عن اتجاه لرفع قيمة التذكرة بما يعادل الضعف، معللا ذلك بأن «المترو يحتاج لهذه الزيادة من أجل تطويره والارتقاء بمستوي الخدمة فيه». يأتي هذا الجدل رغم نفي السلطات المصرية رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق والسكك الحديدية.
ويعد المترو وسيلة المواصلات الشعبية الأولى في مصر، نظرا لأنه ينقل المواطنين في فترة وجيزة عبر المدينة، أسفل العاصمة (القاهرة) المزدحمة. ويعد بمثابة معجزة في أوقات التكدس المروري، نظرا لما يتمتع به من كفاءة وانتظام.
ومع تفاقم مشكلات المرور في شوارع القاهرة وميادينها، أصبح المترو وسيلة المواصلات الأرخص والأسرع والأكثر أمنا بين المواصلات التي يرتادها جميع طبقات الشعب، حتى من يمتلكون أفخم السيارات، أصبحوا يلجأون إلى المترو هربا من الأزمات المرورية في أوقات الذروة.
وكشف المصدر، وهو أحد المسؤولين بهيئة مترو الأنفاق، عن تفاصيل اجتماع قيادات الهيئة لرفع قيمة التذاكر، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «جرى الاتفاق مبدئيا على رفع قيمة التذكرة من جنيه ونصف إلى جنيهين بدلا من جنية واحد حسب المسافة»، لافتا إلى أن «المترو يحتاج إلى تطوير، وهذا يتطلب دعما ماليا من خلال زيادة الأسعار».
ولم يحدد المصدر موعدا لزيادة الأسعار؛ لكنه لمح إلى أنه سيجري تطبيقها اعتبار من أكتوبر (تشرين الأول) المقبل بعد رفع مذكرة لوزير النقل المهندس هاني ضاحي بما رجى الاتفاق عليه في الاجتماع. ولم يذكر المصدر المسؤول ما إذا كان وزير النقل سوف يوافق على الزيادة أم لا.
ويرى مراقبون أن «وزير النقل قد يرجئ زيادة التذاكر، خاصة بعد تأكيدات من رئيس البلاد عبد الفتاح السيسي بعدم زيادتها في الوقت الحالي، فضلا عن أن هناك مشكلات كثيرة تواجه الأسر المصرية منها زيادة الأسعار الأخيرة وانقطاع الكهرباء».
لكن قيادات مسؤولة في هيئة مترو الأنفاق أكدوا خلال اجتماع عقد قبل يومين، حسب المصدر المسؤول، ضرورة زيادة قيمة التذاكر في الوقت الحالي قبل أن تتفاقم الأوضاع داخل مترو الأنفاق وتصل للأسوأ.
في السياق ذاته، أشار اللواء إسماعيل النجدي، رئيس الهيئة القومية لمترو الأنفاق، في تصريحات صحافية، إلى قرب رفع قيمة تذكرة المترو للحفاظ على كفاءة المترو، إضافة إلى التكلفة العالية في إنشاءات خطوط المترو. وأضاف النجدي أن الزيادة المتوقعة لتذكرة مترو الأنفاق من 50 قرشا إلى جنيه فقط، لرفع كفاءة التشغيل والصيانة، موضحا أن الإدارة ترددت في قرار رفع سعر التذكرة.
واقتحم مترو الأنفاق في أواخر ثمانينات القرن الماضي القاهرة بخطوطه الثلاثة (المرج- حلوان)، (شبرا- الجيزة)، (والعباسية- مدينة نصر). وتحول عقب ثورتي «25 يناير» و«30 يونيو» اللتين أسقطتا نظامي حسني مبارك ومحمد مرسي، من مجرد وسيلة مواصلات إلى مشارك رئيس في الثورتين، حيث كان ينقل المتظاهرين إلى محطة ميدان التحرير بوسط القاهرة على أنغام الأغاني الوطنية، وهي المحطة التي لا تزال مغلقة حتى الآن لدواع أمنية.
وتعرضت محطات المترو منذ عزل الرئيس الإخواني محمد مرسي، لمحاولات إرهابية من قبل جماعة الإخوان وأنصارهم، وجرى ضبط قنابل وعبوات ناسفة بحوزة أفراد كانوا يسعون لتفجيرها في محطات المترو، كما ضبطت قنابل مزروعة على القضبان.
«الشرق الأوسط» رصدت شراء عدد كبير من المواطنين كميات كبيرة من التذاكر أمس، على غرار السوق السوداء التي تتعرض لها البلاد مع ارتفاع أسعار الدولار. ويقول سعيد علي (40 سنة): «أركب المترو مرتين في اليوم الواحد، ولذلك اشتريت يوم أمس 10 تذاكر زيادة، وكل يوم سأشتري كميات أخرى»، لافتا إلى أن هذه التذاكر سلعة لن تنتهي صلاحيتها والتذكرة تصلح للاستخدام حتى بعد شهر، مضيفا: أن «الذي نسمعه أن الهيئة سوف تزيد من قيمة التذكرة للضعف، وهو ما سيؤثر في حال الأسر المصرية، خاصة وهي مقدمة على العام الدراسي الجديد».
ورواد مترو الأنفاق أغلبهم أناس عاديون يصارعون الزحام يوميا للذهاب إلى أعمالهم، معظمهم يجلس أو يقف في عربات المترو إما صامتا وإما يتحدث بصوت خافت، وإما يضع سماعة هواتفه الجوال لسماع الأغاني، وإما يقرأ القرآن الكريم. وتقول السيدة الأربعينية هيام أحمد بعبارة عفوية «كمان التذاكر هتزيد.. هوا مش الحكومة قالت لا.. نعمل إيه». وتابعت بقولها: «المترو وسيلتنا الوحيدة للتنقل وعندما ترتفع القيمة الضعف فمن أين نأتي بذلك»؟
من جانبه، لم يفسر إبراهيم، وهو موظف على أحد الشبابيك التي تبيع التذاكر في إحدى المحطات، إقدام الناس على شراء التذاكر يوم أمس، قائلا: «لا يوجد تفسير واضح غير أن كثيرين يشترون لأول مرة نحو 10 تذاكر»، ولم يجب إبراهيم – الذي فضل ذكر اسمه الأول نظرا لحساسية موقعه - على سؤالنا.. هل الزيادة الجديدة السبب؟ واكتفى بهز رأسه وعدم النطق بأي عبارة غير «ربنا يصلح الحال».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».